كان الجميع يعتقد أن شفاء جميلة شبه مستحيل، فالأسرة تخلت عنها والمرض في مرحلة متقدمة. لكن مريضة السرطان تغلّبت على المرض بفضل عزيمتها القوية وتسلحها بالأمل في الشفاء.
وقالت جميلة لـ"العربي الجديد": "المرض لا يقتل، لكل منّا عمر عندما يحين الأجل تنتهي رحلتنا على وجه الأرض".
كانت جميلة بجسمها الممتلئ وعباءتها الزرقاء تجلس على أريكتها، والابتسامة لا تفارق محيّاها، بينما نظراتها تختزل العديد من المعاني وتكشف عن قصة خاصة.
تقيم جميلة في مأوى خصصته الجمعية التونسية لمرضى السرطان في العاصمة تونس، منذ نحو 4 أعوام، وهو فضاء لفائدة الأشخاص فاقدي السند، وأولئك الذين لا يملكون مأوى أو تخلّى عنهم أقرباؤهم، وأيضاً لضعاف الحال والقادمين من محافظات بعيدة للعلاج في العاصمة.
بعد أن استجمعت ذكريات الماضي المريرة، تنهدت لتقول: "أصبت بسرطان عنق الرحم في 2010، خضعت لعمليتين جراحيتين ومع ذلك انتشر المرض في جسدي ليطاول الكبد والرئتين، خضعت للعلاج الكيميائي، وكان أغلب المحيطين بي يظنون أني سأفارق الحياة، أنا أيضاً اعتقدت أنني سأموت بين لحظة وأخرى، ما جعلني أعيش أزمة نفسية حادة، فالظروف الاجتماعية كانت قاسية جداً وأسرتي تخلّت عني".
وأضافت أن زوجها تنّكر لها، وأنه بمجرّد سماعه بمرضها هجرها وأقام قضية طلاق، وهو سلوك تعتبره أقسى بكثير من مرض السرطان، لكن إصرارها على الصمود والتسلح بالصبر جعلاها تتغلب على المرض وتتحداه.
في ركن آخر من المأوى، كانت تجلس خيرة بالحاج، وهي تونسية في عقدها السادس، من محافظة نابل 60 كلم شرق العاصمة تونس، تقول إن نفسيتها كانت سيئة للغاية وأفكارها كانت مشوشة وذهنها مشتتاً، إذ إنها لم تتقبل في البداية إصابتها بمرض السرطان.
وأضافت خيرة لـ"العربي الجديد": "الدموع لم تكن تفارق عيني ليلاً ونهاراً، مرضي جعلني عصبية، فهمسات المحيطين بي ونظراتهم كانت تزعجني كثيراً، شعرت أنني ميتة فلا شيء في ذهني غير صورة الموت".
اقرأ أيضاً:انتبهوا هذه المأكولات قاتلة
وترى رئيسة الجمعية التونسية لمرضى السرطان، روضة زروق، أنّ تجربتها وشفاءها من سرطان الثدي ألهم الكثيرات، خصوصاً وأن تسلحها بالأمل منح الشفاء للمريضات.
وأكدت زروق لـ"العربي الجديد" أنّ الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن مرض السرطان يتفاقم من عام إلى آخر في تونس، إذ توجد 12 ألف إصابة جديدة كل عام، ويعدّ سرطان الثدي أكثر الأنواع انتشاراً في صفوف النساء، إذ يتم تسجيل أكثر من 2000 إصابة في العام الواحد.
وأوضحت زروق أن تونس تسجل 350 حالة إصابة جديدة بسرطان الأطفال سنوياً، 20 في المائة منهم مُصابون بسرطان الدم.
وذكرت أنّ الأوضاع الاجتماعية القاسية وقلة الإمكانيات المادية تزيد معاناة المرضى، مبينة أن الفئات الميسورة تعالج في المصحات الخاصة؛ لكن الفئات الفقيرة وأولئك الذين يملكون بطاقات علاج يعجزون عن اقتناء الأدوية، ويعجزون عن التنقل إلى المستشفيات.
وقالت زرّوق: "تؤلمني وفاة النساء بسبب سرطان الثدي، فعلى الرغم من أن الوقاية ممكنة بالتفطن إلى المرض في الوقت المناسب إلاّ أن كثيرات يتهاونّ بخصوص صحتهن.
وأشارت إلى أنه لا يجب إهمال أي عوارض تطرأ في الجسم مهما كانت بسيطة، داعية إلى إجراء فحوصات دورية على الثدي وعلى عنق الرحم بالنسبة للنساء، وعلى الرئتين بالنسبة إلى الرجال.
اقرأ أيضاً:سرطان الثدي.. الكشف المبكر عنه يحسر ضحاياه