منذ أن فكر القائمون على تأسيس مركز الجالية الفلسطينية في نيوجيرزي كان الهم الأساسي توفير بناء تملكه الجالية وتوفير ميزانية سنوية يصل حجمها إلى حوالي 300 ألف دولار، لتمويل خدمات وفعاليات سياسية واجتماعية وثقافية.
ومصدر هذه الموارد يأتي بشكل أساسي عن طريق مساهمات وتبرعات الجالية نفسها. وتعود أهمية الاستقلال الاقتصادي لأسباب مختلفة، أهمها عدم الارتهان بشكل رئيسي لأي ممولين من خارج الجالية يفرضون أجنداتهم السياسية والاجتماعية على القائمين على المركز.
لكن رغم ذلك، ربحت الجالية الرهان، عن طريق جمع التبرعات وضخ المزيد من النفس في صفوف الجاليات العربية للبقاء على ارتباط وثيق بالقضية الفلسطينية، والتصدي لكل المحاولات الجارية لإقبارها ونسيانها.
كانت الخطوة الأولى تتطلب بناء "وطن" صغير لا يمكن لأحد أن يخرجهم منه أو يتدخل ببرامجه. كما يحتاج مركز من هذا القبيل استمرارية ودماء شابة وأخرى ذات خبرات وقدرات للتعاون. في حديث مع "العربي الجديد" في نيويورك يقول ذياب مصطفى، وهو واحد من المؤسسين للمركز ورئيس مجلس الإدارة، إن الفكرة وأسباب التأسيس كانت عديدة، ولعل أهمها أنه "شعرنا أن الاهتمام بالقضية الفلسطينية بدأ يتراجع على العديد من المستويات وحتى في المساجد، حيث كثرت الهموم العربية ولم يعد التركيز على القضية الفلسطينية قوياً بما فيه الكفاية بعد بدء الربيع العربي". ويضيف "لقد جئت شخصيا إلى الولايات المتحدة لدراسة الهندسة الكهربائية عام 1985 ومثلي كثيرون والآن لنا أبناؤنا وبناتنا الذين كبروا هنا، وبعضهم لا يعرف فلسطين ومدوا جذورهم هنا، وهذا جيد ولكن رغبنا أن يبقوا كذلك على معرفة وارتباط بفلسطين وبجذورهم هناك".
وتعد الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة من الجاليات التي حصل أبناؤها على نسب تعليم عالية وأوضاعهم المادية تفوق معدل الدخل القومي عموما. وتمكن أبناء الجالية وبناتها بداية وبمساعدة من "صندوق الأراضي المقدسة" من الحصول على مبلغ أساسي لأخذ قرض وشراء البناية، ثم جمع تبرعات وشراء أرض وموقف للسيارات بجانبها وصلت تكلفتها جميعها إلى حوالي 750 ألف دولار أميركي. وصلت ميزانية المركز في السنة الأخيرة إلى حوالي 300 ألف دولار تخصص للمشاريع المختلفة التي يعمل المركز عليها.
وتغطى أغلب التكاليف من تبرعات أبناء الجالية. ويشرح ذياب مصطفى، الذي يعمل في مجال العقارات، حول مصادر التمويل قائلاً "نحاول الاعتماد على أكثر من مصدر تمويل، أولها حفل تبرعات سنوي نقيمه غالباً في رمضان حيث نجمع التبرعات. كما لدينا متبرعون من أبناء الجالية ملتزمون شهريًا بمبالغ مختلفة. كما أن البناية فيها أكثر من قاعة وقمنا بترميمها، وفي الوقت الذي لا نستخدمها لفعالياتنا نقوم بتأجيرها لمناسبات مختلفة، منها حفلات خاصة وغيرها، وهذا مصدر تمويل إضافي لنا. نعتمد على بعض المنح التي تقدمها صناديق مختلفة، لكنها لا تشكل مصدرا مركزيا. كما نقيم حفلات ثقافية وفنية آخرها كان عدد الحضور به أكثر من ألف شخص. المثير كذلك أننا في الحفلة الأخيرة لم نأت بأي مشاهير كبار، بل نظمنا عدداً من
حالياً يتشكل أعضاء مجلس الإدارة/ الأمناء من خمسة عشر شخصاً، وهم في غالبهم من الأشخاص الذين أسسوا المركز. لكن القائمين بالعمل والتخطيط والتطبيق في أغلبهم من الجيل الشاب ومن مواليد الولايات المتحدة. تمكن المركز كذلك من توظيف ثلاثة أشخاص، إضافة إلى عشرات المتطوعين، كما يدفع مقابل خدمات تدريس أو مشاريع مختلفة تقدم لخدمة الجالية.
وتتوزع نشاطات المركز على عدة صعد، من بينها محاضرات شهرية لشخصيات معروفة في مجالات مختلفة، منها السياسي والثقافي لأشخاص من الولايات المتحدة أو خارجها.