يعاني آلاف المصابين بمرض السرطان في العراق من صعوبة الحصول على العلاجات اللازمة في مستشفيات البلاد المتخصصة، نظراً للأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق بسبب الحروب والصراعات الداخلية، وعمليات الفساد المالية المستمرة، التي استنزفت ميزانية الدولة منذ عام 2003 وحتى اليوم.
ويجد هؤلاء المصابون أنفسهم مضطرين مع فقر حالهم، وعجزهم عن تحمل كلفة العلاج خارج البلاد، وعدم تكفل الدولة بتوفير العلاجات اللازمة لهم في المراكز المتخصصة بعلاج السرطان في البلاد، لشراء الدواء على حسابهم الخاص بمبالغ مرتفعة جداً.
الأزمة المالية في العراق حوّلت حياة المصابين بالسرطان إلى جحيم، ففي مدينة كربلاء (110 كلم جنوب العاصمة بغداد) يعاني المصابون من قلة الإمكانيات والعلاجات في المركز المتخصص لعلاج السرطان في المدينة، ما يضطرهم لشراء علاجهم على حسابهم الخاص.
وتعزو إدارة المركز الأسباب للأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، في وقت سجل فيه المركز 3 آلاف من الإصابات بين الجنسين، منها سرطان الرئة والبروستات لدى الرجال، وسرطان الثدي لدى النساء.
وفي هذا السياق، كشف الدكتور أحمد عبد الجبار المختص بأمراض الدم والأورام في تصريحات صحافية أن "هناك نقصاً في الأشهر الأخيرة في العلاج الكيماوي لمرضى السرطان بسبب الأزمة المالية التي تخنق البلاد، ما يجعل المرضى مضطرين لشراء بعض أدويتهم بأسعار مرتفعة جداً، لعدم توفرها في المركز المخصص لعلاج السرطان".
ويضيف عبد الجبار: "إلى جانب ذلك لا يتوفر علاج إشعاعي لمرضى السرطان في كربلاء، لأن الأجهزة اللازمة مشمولة بالمشاريع المتوقفة، في وقت يحتاج فيه المواطنون إلى الكشف المبكر".
وعن ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان في كربلاء، أشار مختصون إلى أنها زادت بشكل ملحوظ خلال لسنوات القليلة الأخيرة.
وقال مدير مركز الحسين لعلاج الأورام وأمراض الدم في كربلاء، كرار الموسوي إن "دائرتنا تسعى لتعويض النقص الحاصل في أدوية علاج السرطان في المدينة، نظراً لأن أسعار هذه الأدوية مرتفعة جداً في السوق المحلية وتثقل كاهل المرضى بشكل كبير".
وأضاف: "التنسيق بين مركزنا والمراكز المتخصصة الأخرى، قائم، للحصول على فائض الأدوية لديها، لتعويض النقص لدينا، أو من خلال التبرعات".
وأوضح الموسوي أن "نسبة الإصابة بأمراض السرطان في كربلاء ارتفعت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة بين المواطنين، لعدة أسبب أبرزها الملوثات البيئية والتدخين، وعدم وجود أنظمة غذائية منتظمة للمواطنين".
وتابع: "سجلنا 3 آلاف إصابة بالسرطان، 70 في المائة منها في كربلاء و30 في المائة في باقي المدن العراقية. وكان سرطان الثدي الأكثر انتشاراً بين النساء وسرطان البروستاتا والرئة الأكثر انتشاراً بين الرجال، وباقي أنواع السرطان سجلت لدى مختلف الأعمار من كلا الجنسين".
صمد الحسيني (47 عاماً) مصاب بسرطان الرئة، يكافح للبقاء حياً، لكنه يواجه صعوبة الحصول على العلاج الكيماوي والإشعاعي، بسبب نقص لأدوية والأجهزة اللازمة".
ويقول:"إنها مشكلة كبيرة، بعت كل ما أملك لتوفير العلاج وهو مرتفع للغاية، وهذا غير معقول. على الدولة أن تتكفل بعلاج للمصابين بالمرض، وإن كنت أملك بعض المال فمئات المصابين غيري لا يملكون شيئاً ولا يقدرون على شراء علاجهم".
يشار إلى أنّ العراق من البلدان التي تشهد انتشاراً واسعاً لمرض السرطان، بشكل غير مسبوق، بعد احتلال البلاد عام 2003، بسبب استخدام أسلحة محرمة دولياً في مختلف مدن البلاد خلال الحرب، وخاصة اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض وغيرها، والتي سببت تلوثاً كبيراً للبيئة العراقية بحسب الخبراء.