قال المرصد العمالي الأردني إن غالبية العاملين بأجر في الأردن يعانون من ظروف عمل صعبة وغير عادلة وغير لائقة، وإن المعاناة ظهرت سواء من حيث عدم توفر فرص العمل اللائقة أو ارتفاع معدلات البطالة، خاصة لدى فئة الشباب وانخفاض مستويات الأجور، واتساع ظاهرة العمالة الفقيرة، وعدم تنظيم العمالة المهاجرة (الوافدة)، وغياب الأمن والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم العمالية والإنسانية الأساسية.
وأضاف المرصد في بيان اليوم بمناسبة عيد العمال العالمي الذي يصادف الأحد المقبل، أن ضعف شروط العمل في الأردن نتيجة حتمية لجملة سياسات اقتصادية واجتماعية وضعتها ونفذتها الحكومات المتعاقبة، فالمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية الحالية تشير بوضوح إلى استمرار صعوبة الأوضاع الاقتصادية، إذ إن معدل النمو الاقتصادي لم يتجاوز 2.3% في عام 2015، ومعدل العجز في الموازنة العامة قبل المنح والمساعدات ما زال مرتفعاً في نهاية 2015 وسجل (6.8%) من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار المرصد العمالي إلى أن تردي الأوضاع الاقتصادية في الأردن جاء بسبب تطبيق جملة من السياسات الاقتصادية اتسمت بالانتقائية، منها تحرير الأسعار الذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، وتنفيذ سياسات ضريبية غير عادلة، إذ فرضت الضريبة العامة على المبيعات بنسب عالية تتراوح ما بين 16% و20%، في حين لا تزيد حصيلة ضريبة الدخل عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب ضعف أساليب التحصيل والتهرب الضريبي، إلى جانب أنها تقوم على أسس غير تصاعدية.
وقال المرصد العمالي إن ذلك أدى إلى زيادة العبء الضريبي ليصل إلى مستويات مرتفعة بلغت 22%. كذلك اتسمت بنية الاقتصاد بعدم وجود علاقة كبيرة بين معدلات النمو الاقتصادي وبين تشغيل الأردنيين. يضاف إلى ذلك عمليات الخصخصة العشوائية وغير المدروسة التي أدت إلى تسريح آلاف العمال من أعمالهم، وإضعاف العديد من القطاعات الصناعية الهامة بسبب تحرير التجارة الخارجية من دون ضوابط وتوقيع العديد من اتفاقيات التجارة غير العادلة.
ارتفاع معدلات البطالة
وقال المرصد: لقد شهدت السنوات القليلة الماضية تذبذباً في أعداد فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد الأردني، حيث بلغت في عام 2007 نحو 70 ألف فرصة لتنخفض في عام 2008 إلى 69 ألف فرصة عمل، وهو يشكل عدد الوظائف ذاتها التي وفرها الاقتصاد الأردني في عام 2009، ليتراجع عدد الوظائف إلى 66 ألف وظيفة عام 2010، ويواصل الانخفاض في عام 2011 إلى 55 ألف فرصة عمل، وفي عام 2012 بلغ 50 ألف فرصة، فيما تراوحت الوظائف التي أنتجها الاقتصاد خلال عامي 2013 و2014 حوالى 45 ألف فرصة عمل سنوياً.
وقد سجل معدل البطالة خلال الربع الأول من العام الجاري 2016 رقماً غير مسبوق من 15 عاماً حيث بلغ 14.6%.
ضعف مستويات الأجور
وقال المرصد إن سوق العمل الأردني يعاني من انخفاض ملموس وكبير في مستويات الأجور للغالبية الكبيرة من العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، وهنالك فجوة كبيرة بين معدلات الأجور التي يحصل عليها الغالبية الساحقة، وبين قدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم.
وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، هنالك تدنٍّ واضح في معدلات الأجور لغالبية العاملين بأجر.
وحسب أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، فإن متوسط الأجر الشهري للمشتركين فيها في عام 2014 بلغ 660 دولاراً.
وقال المرصد العمالي الأردني إنه وعند مقارنة هذه الأرقام بمستويات الفقر في الأردن نلحظ المستوى المتدني لمعدلات الأجور هذه، إذ تشير الأرقام الرسمية لمستويات الفقر المطلق في الأردن إلى اقترابه من 495 دولاراً شهرياً للأسرة المعيارية المكونة من 5 أفراد.
وقال المرصد العمالي الأردني إن سوق العمل الأردني يعاني من قيود غير مبررة على حرية التنظيم النقابي. وهذا ما فعله عشرات الآلاف من العاملين بتنظيم أنفسهم في أطر نقابية خارج إطار النقابات الرسمية المعترف بها، ومن منع عمال الأردن من تنفيذ ما يقارب 3500 احتجاج عمالي خلال السنوات الخمس الماضية.
وبحسب المرصد العمالي، تواجه قطاعات واسعة من العاملين في الأردن من اتساع رقعة الانتهاكات التي يتعرض لها قطاع واسع من العاملين بأجر، والتجاوزات على التشريعات والسياسات، وعلى وجه الخصوص، جراء قانوني العمل الأردني والضمان الاجتماعي، إذ ما زالت عمليات التفتيش التي تقوم بها وزارة العمل غير قادرة على وضع حد للتجاوزات والمخالفات التي تقوم بها فئات كبيرة من أرباب العمل وخاصة في المؤسسات المتوسطة والصغيرة، وكذلك العاملون في القطاع غير النظامي (غير الرسمي).
وتتركز الانتهاكات في عدم التقيد بالحد الأدنى للأجور وساعات العمل حيث أن هنالك العديد من القطاعات العمالية يعمل فيها العاملون ساعات تتجاوز الساعات الثماني، التي حددها قانون العمل الأردني، من دون الحصول على بدل عمل إضافي، كما تغيب شروط السلامة والصحة المهنية عن قطاعات واسعة من العاملين في المؤسسات المتوسطة والصغيرة والعاملين في القطاع غير النظامي.