04 مايو 2016
مرشحون أميركيون يتنافسون في تأييد إسرائيل
من المعروف أن "الأيباك" هي منظمة أميركية تعمل لمصلحة إسرائيل، وفق إرادة رئيس وزراء إسرائيل أياً كان، وذلك من دون تردد، في كل ما يطلب منهم، بدعم إسرائيل في مواقفها المختلفة.
بتاريخ 21 مارس/ آذار الجاري، عقد في واشنطن الاجتماع السنوي، وحضره ما لا يقل عن ثمانية عشر ألف مشارك. وفي هذه المناسبة، تسابق المرشحون للرئاسة لإظهار من فيهم أكثر اندفاعاً وقدرة على دعم المواقف الإسرائيلية من دون مساءلة تقريباً. وقال المرشح تيد كروز، إنه منذ عام 1948، ليس هناك كيان اسمه فلسطين، وقد عبّر، إلى حد كبير، بشكل واضح عن المواقف التي تسابقت عليها أيضاً المرشحة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، والمرشحان الجمهوريان، دونالد ترامب وجون كايسيك.
أمام جموع المشاركين، لا مجال لأي نقد لسياسات إسرائيل، بل إعلان الدعم لإسرائيل أمامهم فيه نوع من المبارزة، إذ يركّز ترامب، في مواقفه العامة، على أن التفاوض الجيد يؤدي إلى النتيجة المطلوبة، إلا أن التفاوض في شأن القضية الفلسطينية شاق جداً. وعلى المفاوض أن يكون حيادياً، فما كان من المرشحة كلينتون، إلا أن زايدت عليه قائلة إن أمن إسرائيل ومصلحتها لا مجال إطلاقاً للتفاوض عليهما. وفي مجال إظهاره إخلاصه للدولة العبرية، وفي إطار كونه من خارج حلقة السياسيين الذين عندهم تدريب معيّن لإظهار ولائهم وتأييدهم إسرائيل، وسعياً منه إلى ردم هذا النقص عنده، لم يكن لديه سوى اللجوء إلى الأمور الشخصية، معلناً أن ابنتها متزوجة من يهودي، وهي على وشك أن تلد لها حفيداً يهودياً.
وستقف المرشحة كلينتون، بدون أي تردد وبشكل مطلق، إلى جانب إسرائيل، في حين اتهمت منافسها المرشح الجمهوري، أنه لا يمكن الاعتماد عليه شريكاً أميركياً في إقامة أمتن العلاقات مع إسرائيل، وأضافت إنها أقرب المرشحين الرئاسيين إلى إسرائيل.
أما سبب هذا التسابق في التأييد المطلق، وغير المشروط، للدولة العبرية، في هذه المناسبة
بالذات، فهو عائد إلى أن منظمة الأيباك من أقوى المنظمات الفاعلة على الساحة السياسية الأميركية، في ما يعود للعلاقات مع إسرائيل ودعم مصالحها بصورة تلقائية ومطلقة، وذلك أن في هذه المنظمة أعضاء متمولون، أمثال شيلدون أدلسون وغيره، يمولون الحملات الانتخابية للمرشحين إلى الكونغرس، وإلى الرئاسة، وحتى، في أحيان كثيرة، في الانتخابات المحلية، بحيث يصبّون جهدهم وأموالهم لحملات المرشحين الذين يظهرون تأييداً واضحاً لإسرائيل.
ومن هذا المنطلق، المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمتقدم عن منافسيْه الجمهوريين، مع أنه حالياً ليس بحاجة مالية قوية لدعم هذا اللوبي الإسرائيلي، في حال فوزه بأن يكون المرشح الجمهوري، ويبدو أن هذا الأمر مرجح، عندئذ سيحتاج في الحملة الرئاسية العامة إلى الدعم المالي والسياسي والتنظيمي الذي يمكن أن يقدمه هذا اللوبي. ولذلك، أعلن ولاءه التام لإسرائيل، ودان سياسة الرئيس باراك أوباما تجاه إسرائيل، قائلاً إنه عندما يصبح الرئيس، فإن معاملة إسرائيل دولة من الدرجة الثانية سوف تنتهي، ملمحاً بذلك إلى ما يعتبره إساءة من أوباما في تعامله مع إسرائيل.
ولا بد من الإشارة، هنا، إلى أن هذا التأييد الظاهر والتام لإسرائيل من المرشحين للرئاسة الأميركية لم يخل من انتقاد للفلسطينيين، سواء للرئيس محمود عباس أو لحركة حماس، مع إدانة واضحة وقوية للمقاومة التي تنفذها في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مع العلم أن عبارة احتلال إسرائيلي لم ترد على لسان أي من هؤلاء المرشحين الذي تحدثوا في مؤتمر "الأيباك". وجدير بالتنبيه هنا أن أحد المرشحين الخمسة للرئاسة لم يشارك في مؤتمر الأيباك، وهو بيرني ساندرز، وهو يهودي من أصل بولوني، وسبق له أن مكث في كيبوتس إسرائيلي، حيث اعتنق مبادئ اشتراكية يدعو لها في حملته الانتخابية، مع العلم أنه ألقى خطاباً في إحدى محطات حملته الانتخابية، أعرب فيه عن تأييده إسرائيل وأمنها وسلامتها، لكنه انتقد القمع الإسرائيلي للفلسطينيين، موضحاً أن أمن إسرائيل لم يأت عن طريق قمع الشعب الفلسطيني. ومجرد الإشارة إلى مثل هذا الأمر غير مسموحة في مؤتمر "الأيباك" وخارجه. ولذلك، فهو لم يحضر المؤتمر متذرعاً بوجوده في غرب البلاد لمتابعة حملته الانتخابية.
يتساءل كثيرون كيف أن الولايات المتحدة الأميركية، هذه الدولة العظمى، ذات المبادئ الإنسانية المعروفة والمؤسسة على حقوق الإنسان والمساواة والحرية، وكيف أن قرار هذه الدولة، في ما يتعلق بإسرائيل، يخضع، إلى حد بعيد، لإرادة قوة ضغط، هي اللوبي الإسرائيلي، المؤلف أصلاً من مواطنين أميركيين يعتبرون مصلحة إسرائيل أولوية مطلقة بالنسبة إليهم، وليس عندهم أي اهتمامات بالشؤون الأميركية، وولاؤهم الأول والأخير عائد لإسرائيل التي تحدد لهم ما تريد، وهو ما ينفذونه، من دون تردد، إلى درجة أن ذلك أحرج، إلى حد ما، بعض الشخصيات اليهودية الذين بادروا إلى تأسيس منظمةٍ يهوديةٍ موازيةٍ للأيباك، لكن تأييدها إسرائيل ليس مطلقاً، بل هو جزء من أمورٍ عديدة في شؤون داخلية وخارجية، كما أن هذه المنظمة تنتقد إسرائيل، عندما ترى بعض التجاوزات في مواقفها وسلوكها.
وفي الختام، قد يكون مفيداً أن نشير إلى أن من شأن هذا الوضع الأميركي أن يشجع مجموعات وأفراداً من الجالية العربية أن يكونوا مواطنين أميركيين بتنظيم نشاطهم ضمن مؤسسةٍ، يتولون من خلالها متابعة القضايا والأمور الأميركية عامة، على أن تكون القضية الفلسطينية جزءاً منها، وليست قضيتهم الوحيدة، بحيث يشكلون قوة ضغط صاحبة مشاريع وأفكار متعددة، وقد يستطيعون، بالتالي، مواجهة اللوبي الإسرائيلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، في الوقت الذي يدافعون فيه أيضاً عن شؤون وقضايا أخرى.
بتاريخ 21 مارس/ آذار الجاري، عقد في واشنطن الاجتماع السنوي، وحضره ما لا يقل عن ثمانية عشر ألف مشارك. وفي هذه المناسبة، تسابق المرشحون للرئاسة لإظهار من فيهم أكثر اندفاعاً وقدرة على دعم المواقف الإسرائيلية من دون مساءلة تقريباً. وقال المرشح تيد كروز، إنه منذ عام 1948، ليس هناك كيان اسمه فلسطين، وقد عبّر، إلى حد كبير، بشكل واضح عن المواقف التي تسابقت عليها أيضاً المرشحة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، والمرشحان الجمهوريان، دونالد ترامب وجون كايسيك.
أمام جموع المشاركين، لا مجال لأي نقد لسياسات إسرائيل، بل إعلان الدعم لإسرائيل أمامهم فيه نوع من المبارزة، إذ يركّز ترامب، في مواقفه العامة، على أن التفاوض الجيد يؤدي إلى النتيجة المطلوبة، إلا أن التفاوض في شأن القضية الفلسطينية شاق جداً. وعلى المفاوض أن يكون حيادياً، فما كان من المرشحة كلينتون، إلا أن زايدت عليه قائلة إن أمن إسرائيل ومصلحتها لا مجال إطلاقاً للتفاوض عليهما. وفي مجال إظهاره إخلاصه للدولة العبرية، وفي إطار كونه من خارج حلقة السياسيين الذين عندهم تدريب معيّن لإظهار ولائهم وتأييدهم إسرائيل، وسعياً منه إلى ردم هذا النقص عنده، لم يكن لديه سوى اللجوء إلى الأمور الشخصية، معلناً أن ابنتها متزوجة من يهودي، وهي على وشك أن تلد لها حفيداً يهودياً.
وستقف المرشحة كلينتون، بدون أي تردد وبشكل مطلق، إلى جانب إسرائيل، في حين اتهمت منافسها المرشح الجمهوري، أنه لا يمكن الاعتماد عليه شريكاً أميركياً في إقامة أمتن العلاقات مع إسرائيل، وأضافت إنها أقرب المرشحين الرئاسيين إلى إسرائيل.
أما سبب هذا التسابق في التأييد المطلق، وغير المشروط، للدولة العبرية، في هذه المناسبة
ومن هذا المنطلق، المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمتقدم عن منافسيْه الجمهوريين، مع أنه حالياً ليس بحاجة مالية قوية لدعم هذا اللوبي الإسرائيلي، في حال فوزه بأن يكون المرشح الجمهوري، ويبدو أن هذا الأمر مرجح، عندئذ سيحتاج في الحملة الرئاسية العامة إلى الدعم المالي والسياسي والتنظيمي الذي يمكن أن يقدمه هذا اللوبي. ولذلك، أعلن ولاءه التام لإسرائيل، ودان سياسة الرئيس باراك أوباما تجاه إسرائيل، قائلاً إنه عندما يصبح الرئيس، فإن معاملة إسرائيل دولة من الدرجة الثانية سوف تنتهي، ملمحاً بذلك إلى ما يعتبره إساءة من أوباما في تعامله مع إسرائيل.
ولا بد من الإشارة، هنا، إلى أن هذا التأييد الظاهر والتام لإسرائيل من المرشحين للرئاسة الأميركية لم يخل من انتقاد للفلسطينيين، سواء للرئيس محمود عباس أو لحركة حماس، مع إدانة واضحة وقوية للمقاومة التي تنفذها في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مع العلم أن عبارة احتلال إسرائيلي لم ترد على لسان أي من هؤلاء المرشحين الذي تحدثوا في مؤتمر "الأيباك". وجدير بالتنبيه هنا أن أحد المرشحين الخمسة للرئاسة لم يشارك في مؤتمر الأيباك، وهو بيرني ساندرز، وهو يهودي من أصل بولوني، وسبق له أن مكث في كيبوتس إسرائيلي، حيث اعتنق مبادئ اشتراكية يدعو لها في حملته الانتخابية، مع العلم أنه ألقى خطاباً في إحدى محطات حملته الانتخابية، أعرب فيه عن تأييده إسرائيل وأمنها وسلامتها، لكنه انتقد القمع الإسرائيلي للفلسطينيين، موضحاً أن أمن إسرائيل لم يأت عن طريق قمع الشعب الفلسطيني. ومجرد الإشارة إلى مثل هذا الأمر غير مسموحة في مؤتمر "الأيباك" وخارجه. ولذلك، فهو لم يحضر المؤتمر متذرعاً بوجوده في غرب البلاد لمتابعة حملته الانتخابية.
يتساءل كثيرون كيف أن الولايات المتحدة الأميركية، هذه الدولة العظمى، ذات المبادئ الإنسانية المعروفة والمؤسسة على حقوق الإنسان والمساواة والحرية، وكيف أن قرار هذه الدولة، في ما يتعلق بإسرائيل، يخضع، إلى حد بعيد، لإرادة قوة ضغط، هي اللوبي الإسرائيلي، المؤلف أصلاً من مواطنين أميركيين يعتبرون مصلحة إسرائيل أولوية مطلقة بالنسبة إليهم، وليس عندهم أي اهتمامات بالشؤون الأميركية، وولاؤهم الأول والأخير عائد لإسرائيل التي تحدد لهم ما تريد، وهو ما ينفذونه، من دون تردد، إلى درجة أن ذلك أحرج، إلى حد ما، بعض الشخصيات اليهودية الذين بادروا إلى تأسيس منظمةٍ يهوديةٍ موازيةٍ للأيباك، لكن تأييدها إسرائيل ليس مطلقاً، بل هو جزء من أمورٍ عديدة في شؤون داخلية وخارجية، كما أن هذه المنظمة تنتقد إسرائيل، عندما ترى بعض التجاوزات في مواقفها وسلوكها.
وفي الختام، قد يكون مفيداً أن نشير إلى أن من شأن هذا الوضع الأميركي أن يشجع مجموعات وأفراداً من الجالية العربية أن يكونوا مواطنين أميركيين بتنظيم نشاطهم ضمن مؤسسةٍ، يتولون من خلالها متابعة القضايا والأمور الأميركية عامة، على أن تكون القضية الفلسطينية جزءاً منها، وليست قضيتهم الوحيدة، بحيث يشكلون قوة ضغط صاحبة مشاريع وأفكار متعددة، وقد يستطيعون، بالتالي، مواجهة اللوبي الإسرائيلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، في الوقت الذي يدافعون فيه أيضاً عن شؤون وقضايا أخرى.