مرسم نصر الجلدة... رموز مسيحية بلوحات فنية في غزة

13 نوفمبر 2016
يؤمن بأن الرقي نابع من الفن (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يتكدس مرسم الفنان الفلسطيني، نصر الجلدة (57 عاماً)، في منزله وسط مدينة غزة القديمة، بعدد من الأعمال الفنية والرسومات الدينية المسيحية، التي اختص برسمها، ليعكس حالة فريدة، تضم باقة من الأعمال المتنوعة، والجاذبة في آن واحد.
هذه الأعمال التي شَكّلها الفنان الجلدة، بأدواته الشخصية، ألقت الضوء على مجموعة من زوايا الديانة والحضارة المسيحية، مستخدماً أساليب فنية تبرز عناصر جمال تلك الأعمال، وتعززه، ومنها الرسم بالحرق على الخشب، والنقش على الرخام، والنحت.
ولم يعرض الفنان الفلسطيني أعماله الفنية طيلة مسيرته الفنية، والتي دخلت عقدها الرابع للبيع، فقد كانت رسومات "روحانية"، يعبر فيها عن حبه لما يرسم، ويحاول تجسيد معاني السلام والمحبة، عبر إهداء بعض تلك اللوحات للأصدقاء والأقارب، إذ طافت بعض أعماله في عدد من المدن الفلسطينية، والبلدان.
"الضجة الجميلة" التي عبقت المرسم "الغرفة التي خصصها للرسم والأعمال الفنية"، عكست مدى عشقه لمنتجاته الفنية، والتي ظهرت من بين أكوام الألواح الخشبية، والرسومات الدينية، وصور الطبيعة والكنائس الملاصقة للمساجد، والبيوت القديمة، والشخصيات.
"الفن يشبه أشهى أكلة يمكن أن يدعوني شخص إليها، حين أبدأ طقوسي بالرسم، أكون في قمة المتعة"، بهذه الكلمات عَبّر الفنان الجلدة عن مدي تعلقه بالفن، وحبه له، ويضيف "أشعر حينها أنني محلق في طائرة لا يوجد فيها نوافذ أو حاجز، ويمكنني الرسم لمدة 8 ساعات يومياً".
اللحظة الأولى التي اكتشف فيها الجلدة هوايته كانت في الثمانينيات، عندما كان برفقة أهله في كنيسة المعمداني في مدينة غزة لحضور أنشطة دينية وفنية، ويقول "جذبتني حينها الرسومات البيزنطية وألوانها التي كانت تكسوا جدران وأروقة الكنيسة".
ويوضح في حديث مع "العربي الجديد" أنه رَكّز في أعماله على نقش الشخصيات الدينية، وأكثرها "المسيح والعذراء، يوحنا المعمدان في لبس الرعاة، ملائكة، صور للخضر، الأم تريز، وخوري يوناني يدعى (أرتينيوس)، إلى جانب نقش عدة أسفار من الإنجيل، مثل الصلاة الربانية (أبانا الذي في السماء)، و(تعالوا إليّ يا جميع المتعبين، وثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم".
أما عن اللوحات الفنية التي قام بنقشها مستخدماً الحرق على الخشب، فكانت إحداها للحظة دخول المسيح أول مرة للهيكل وعمره 12 عاماً عندما كان يشرح لمجموعة من كبار السن، وأخرى له حين دُفِن، وحوله مجموعة أطفال، تجسيداً لنص "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم"، ويقول إنه ما زال يرسم على الرغم من منغصات الحياة في غزة، والتي منها "فقدان خشب السويد اللازم للرسم، والانقطاع المتواصل للكهرباء".
ولم تتوقف أعمال الفنان الجلدة عند الحرق على الخشب، والرسم فقط، بل نقش صورة المسيح والعذراء على الرخام، في واحدة من أصعب الفنون، والتي استمر عمله فيها قرابة شهرين، ويقول إنه "نقش الخضر وعدة شخصيات دينية ورسوماً على الرخام، كما نقش على شواهد القبور المسيحية"، موضحاً أن النقش على الرخام بحاجة إلى قلم شمع لرسم الخطوط، وإزميل "فيديا" للنقش، مع مراعاة الظلال وخطوط الطول والعرض.
ويتابع: "أحاول التميز حتى في الهدايا التي أحملها لأقاربي وأصدقائي في مناسباتهم، فأرسم لهم على الأواني الخشبية رسوماً دينية وفنية مختلفة، وشعارات أو صوراً تخصهم"، موضحاً أن الفن أداة يمكنها أن تترك بصمة على كل الأمور الحياتية، وتصنع التأثير.
ويشارك الجلدة في المخيمات الصيفية التي تقيمها كنيستا دير اللاتين وبرفيريوس في غزة، ويفكر بعمل معرض فني لأعماله داخل الكنيسة خلال الفترة المقبلة. ويختتم حديثه بالقول: "يوجد في غزة فنانون حقيقيون، يجب الاهتمام بهم، والارتقاء بأرواحهم، لأن رقي الشعوب نابع من الفن".
المساهمون