مرحلة جديدة في اليمن: التحالف يحمل راية "الاستجابة الإنسانية"

24 يناير 2018
استمرت غارات التحالف العربي أمس في اليمن (فرانس برس)
+ الخط -


تسارعت التطورات يمنياً، خلال الأيام القليلة الماضية، وتغيّرت معها مضامين خطاب التحالف العربي بقيادة السعودية، من المسار "العسكري" إلى "الإنساني"، الأمر الذي بدا أنه ليس مصادفة، كونه تزامن مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عدم الاستمرار في منصبه. فأصبح العنوان الأبرز في اليمن، على أبواب مرحلة جديدة، هو "العمل الإنساني"، على حساب "العسكري"، على الأقل، لفترة محدودة. وكان التحالف بقيادة السعودية، أعلن يوم الاثنين الماضي، عن تدشين عملية إنسانية عقب إعلان أممي مماثل عن "الاستجابة الإنسانية في اليمن". وتجلّى ذلك في انخفاض حدة التصعيد العسكري من قبل التحالف، وإبراز "الجانب الإنساني"، وهو ما فُسّر بأنه نتيجة لضغوط دولية، وبأنه مؤشر على احتمال وجود تفاهمات غير معلنة بين الرياض والمجتمع الدولي، مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء.

وتضمّن الخطاب السعودي، الذي خرج تدريجياً عن "العسكري" إلى "الإنساني"، إشارة واضحة بتهدئة لهجة التصعيد مع الحوثيين، من خلال مضامين الخطة الإنسانية السعودية، التي تشمل فتح عدد من المنافذ، بما فيها منفذ الخضراء في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، ومنفذ الطوال الواقع في الجانب اليمني، في منطقة حرض بمحافظة حجة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والمصنّفة كمنطقة مواجهات متقطعة بين قوات الشرعية والحوثيين منذ أكثر من عامين.

وكشفت وزارة الخارجية السعودية أنه "تمّ تحديد منفذ الخضراء لنقل المساعدات من السعودية إلى محافظة صعدة (معقل الحوثيين)، ومنطقة الحزم (في محافظة الجوف)، بالإضافة إلى العاصمة صنعاء. وكذلك تحديد منفذ الطوال، لنقل المساعدات إلى محافظات حجة وعمران وصنعاء، وكذلك ميناء الحديدة، فيما تم تحديد ميناء المخا لنقل المساعدات إلى تعز والحديدة، وميناء عدن لنقل المساعدات إلى تعز وإب وذمار وصنعاء، كذلك نقل المساعدات عبر مطار عدن إلى صنعاء وصعدة".

بالتالي فإن الخطة أوصلت، بطريقة أو بأخرى، رسالة مفادها أن "الرياض مقبلة على خطة إنسانية تشمل بدرجة أساسية المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وتستثني المحافظات الجنوبية"، موحية بأنها "إما خطة إعلانات دعائية للتضليل والردّ على الانتقادات الدولية حول الوضع الإنساني، وأن العمليات العسكرية مستمرة ولكن بخطاب إنساني"، أو أنه "تمهيد لتهدئة مع الحوثيين، قد يطول أمدها أو ينقص"، الأمر الذي لا توجد له مؤشرات منطقية، باستثناء تحولات الأيام الأخيرة.



في هذه الأثناء، حضرت التفاهمات غير المعلنة بين الرياض والحوثيين، عام 2016، كأحد التفسيرات المحتملة لأي تغيرات مفاجئة بالتهدئة، فأرسل الحوثيون، حينذاك، وفداً إلى الجانب السعودي في مارس/ آذار من العام نفسه. وأبرم الطرفان هدنة حدودية بعيداً عن علم الحكومة الشرعية اليمنية، لكنها انهارت تدريجياً بعد نحو ثلاثة أشهر على التفاهمات، فعادت الحرب بوتيرة أعلى. كما استمرت الغارات الجوية على معاقل الحوثيين بمحافظة صعدة، وهو ما أضعف التفسيرات حول حصول تفاهمات. بالتالي فإن الخطة مرتبطة أساساً بالجانب المتعلق بالضغوط الدولية المتزايدة على التحالف، بسبب الأوضاع الإنسانية في اليمن. مع ذلك، فإن تعزز ملامح توجه اليمن إلى مرحلة جديدة لا تنهي الحرب بالضرورة بقدر ما يتقدم فيها الحديث عن الجانب الإنساني في موازاة إعلان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أنه "لن يستمر في منصبه بعد انتهاء فترته في فبراير/ شباط المقبل". وهو ما يعني تعيين مبعوث جديد إلى البلاد.