مرام علي... صور مع الجريمة وأدواتها

08 اغسطس 2019
مرام علي (فيسبوك)
+ الخط -
لم تعد مسألة دعم الفنانين للجيش السوري وإقامة الحفلات في عيده أمراً جديداً، ففي كل سنة تقام بهذه المناسبة العديد من الفعاليات، ويبدع بعض الفنانين في إظهار التملق والطاعة للنظام وجيشه. في العام الماضي، اجتمع الفنانون ليتناقشوا حول الفنون بمتراس للجيش، وقبل أعوام قام الفنان زهير عبد الكريم بتقبيل أحذية الجنود السوريين في هذه المناسبة.
هذه السنة أيضاً استثمر الفنانون السوريون هذه المناسبة للتعبير عن دعمهم للجيش والنظام أيضاً، بعضها بدا غريباً، كمنشور فايا يونان، كونها فنانة سورية لاجئة في السويد، وبعضها الآخر بدا مستفزاً، مثل جلسة التصوير التي أقامتها الفنانة السورية الشابة، مرام علي، حيث اختارت مستودعاً للأسلحة والذخيرة، خاصاً بالجيش السوري، كفضاء لجلسة التصوير.
على عكس المتوقع، لم ترتد مرام البدلة العسكرية، كما فعلت جيني إسبر في وقتٍ مضى، وإنما ارتدت ثياباً مثيرة، مكونة من شورت قصير وتيشيرت، لتقدم بصورها نموذجاً عن العلاقة بين انتصارات الجيش والحياة المدنية في سورية، وهي الفكرة التي يرددها إعلام النظام باستمرار.
جلست مرام علي أمام علب الذخيرة، التي كُتب عليها أنها صُنعت في إيران، لتشارك في هذه الصور السلاح وأدوات الجريمة وتمدينها، من دون أن تكترث أن هذه الأسلحة ذاتها يستخدمها النظام في الوقت الحالي لإبادة المدنيين في إدلب. وفعلياً الصورة الأنثوية التي تظهر بها مرام علي في هذه الصور هي ما يجعلها أسوأ من تلك الصور التي التقطت لفنانين سوريين يرتدون البدلة العسكرية، علماً أن مرام علي سبق أن نشرت صورتها مرتدية البدلة العسكرية عام 2017.
حرص النظام السوري في الأعوام الماضية على تقديم صور متمدنة للحياة العسكرية، للترغيب به وتصويره كمرحلة طبيعية يعيشها الشباب، واستخدم أجساد النساء في ذلك بصور وطرق مختلفة، فحرص بإعلامه على نشر صور لمجموعات من النساء يرتدين أزياء عسكرية، بالإضافة لصور ومقولات المشاهير اللواتي تغنين بحب رجال الجيش السوري.
كان الهدف من ذلك استعادة الطابع العسكري للبلاد، الذي كان سائداً بالمطلق أيام حكم حافظ الأسد؛ حيث إن الحياة في عهده كانت عسكرية بامتياز، ابتداءً من الزي الرسمي الذي يرتديه الأطفال في المدارس، والذي كان أشبه بالبدلة العسكرية، وكذلك المناهج الدراسية التي تتضمن حصص لتعليم المهارات العسكرية ومقولات الأسد.
وعندما استلم بشار الأسد مقاليد الحكم خلفاً لأبيه، قام بإلغاء بعض تلك المظاهر، وأصبح هناك نفور شعبي عام من مظاهر العسكرة. ولكن بعد اندلاع الثورة حاول النظام السوري جاهداً إعادة شكل الحياة لما كانت عليه في عهد الأسد الأب، وكان للنساء دور في ذلك.
كانت البداية من تلك الجولات الإعلامية، التي رصدت زيارات الفنانات المؤيدات للمواقع العسكرية، حيث كنّ يلتقين بأفراد الجيش مرتديات اللباس العسكري تعبيراً عن دعمهن، وأشهرهن: سلاف فواخرجي، سوزان نجم الدين ورغدة. ومن ثم بدأت الصور تأخذ بعداً آخر بعيداً عن الدعم والموالاة فقط، وإنما بإبراز أجساد النساء في الزي العسكري بشكل جمالي، وركز على الجاذبية والإثارة.

هكذا، ظهر العديد من الفنانات في جلسات تصوير خاصة بملابس عسكرية تختلف عن الزي التقليدي، تبدو ملائمة للموضة، كالفنانة هبة نور التي ظهرت بتلك الملابس بجلسة تصوير ضمن الطبيعة، وهي تنتعل كعباً عالياً وتلبس الريش، والفنانة جيني أسبر التي قامت بتصوير نفسها وهي تحمل السلاح وترتدي مجوهرات مصنوعة من الرصاصات.
في ما بعد، بدأت الإعلانات عن الحاجة للمتطوعات من النساء للانضمام لصفوف الجيش السوري، وتم إنتاج عدد كبير من الأفلام من قبل النظام التي ترصد حياة الفتيات المتطوعات في الجيش العربي السوري، وأظهرت المتطوعات كنساء مستقلات تمردن على العادات البالية في المجتمع وكسرن التابوهات الجندرية في انضمامهن للقتال ومواجهة الإرهاب، أبرز تلك الأفلام فيلم "ضفائر النار"، الذي يرصد تكريم أسماء الأسد لهن، وتضمن دعوة مباشرة للنساء في سورية بهدف الانخراط في السلك العسكري.
دلالات
المساهمون