تسيطر على النظام المصري حالة من الارتباك والقلق من تظاهرات رافضة لـ"التنازل" عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، المرتقبة غداً الإثنين.
ونفذت قوات الأمن عمليات اعتقالات ممنهجة وعشوائية للعشرات من الشباب من مختلف التوجهات السياسية، سواء من مقاهي عدد من المحافظات، أو من وسائل النقل العامة، والشوارع.
وخرج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطاب قصير، أشبه برسالة للشعب المصري بشكل عام، وإلى الشباب الذي قرر النزول في التظاهرات ضده.
السيسي حاول تهدئة الشارع ضده، لناحية تردّي الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدل التضخم، ومنع انضمام قطاع عريض من الشعب للتظاهرات الرافضة له، من خلال التوجيه بضرورة التخفيف عن كاهل المواطن البسيط.
أما الرسالة الثانية، فكانت من نصيب الشباب المعارض له، إذ أعطى الضوء الأخضر لمواجهة التظاهرات، عبر إطلاق عدة عبارات منها التأكيد على سيادة دول القانون، في إشارة لتطبيق قانون التظاهر على كل المشاركين في تظاهرات 25 إبريل، باعتبارهم لم يحصلوا على ترخيص بالتظاهر.
وتأكيدا لحالة الفزع لدى النظام الحالي، والتعامل العنيف المتوقع مع التظاهرات، قال وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، إن أمن واستقرار الوطن وسلامة مواطنيه خط أحمر لن يسمح بالاقتراب منه أو تجاوزه، مؤكدا أنه لا تهاون مع من يفكر في تعكير صفو الأمن.
وأوضح عبد الغفار أن أجهزة الأمن في إطار مسؤوليتها الدستورية والقانونية سوف تتصدى بمنتهى الحزم والحسم لأي أعمال يمكن أن تخل بالأمن العام، مؤكداً التعامل بكل قوة مع أي محاولة للتعدي على المنشآت الحيوية والمهمة، أو الإضرار بالمنشآت والمرافق الشرطية.
بدورها، كشفت مصادر أمنية، عن وضع خطة للتعامل مع التظاهرات المقرر لها الإثنين، وهو ما حدث بعد سلسلة اجتماعات بين وزير الداخلية والقيادات الأمنية.
وأشارت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إلى خلاف حول طريقة التعامل مع التظاهرات؛ فريق يجد ضرورة عدم التعامل العنيف، وآخر يدعو لضرورة منع أي تظاهرات، لافتةً إلى أن وزارة الداخلية حصلت على الضوء الأخضر في التعامل مع التظاهرات بشكل حاسم، مع عدم التوسع في استخدام القوة المفرطة، إلا إذا استدعى الموقف.
وبحسب المصادر أيضاً، فإن أحد أبزر سمات الخطة الأمنية، هو منع أي تجمعات للمتظاهرين، وتفريق التظاهرات أو المسيرات أولاً بأول، حتى لا يتم التجمع في مكان ما، ويصعب معها التفريق والتعامل.
كذلك، أكدت أن منع التجمعات أفضل كثيرا، حتى لا يتكرر موقف نقابة الصحافيين في الجمعة قبل الماضية، وهو ما صعّب من الموقف مع تزايد أعداد المتظاهرين، مشيرةً إلى تسيير دوريات أمنية في الشوارع الرئيسية، مع انتشار مكثف لقوات الأمن المركزي في المناطق التي يتوقع خروج مسيرات أو تظاهرات منها، والتأكد من تفريقها تماما حتى لا تتجمع مرة أخرى.
وذكرت أنه كالمعتاد سيتم نشر قوات الانتشار السريع عشية التظاهرات، فضلا عن تشديد الرقابة على الطرق والمقاهي لمنع أي تجمعات تتعلق بالترتيب لتظاهرات ذكرى تحرير سيناء.
وأعلنت حركة شباب 6 إبريل، اعتقال مجموعة من الشباب مساء السبت من منازلهم، وهم: محمد ممدوح، ومحمود طلعت، ومصطفى الشيخ، وعلي ميكي، ومصطفى صلاح، ومحمود حسان، ومحمد سامي، وعدلي أحمد، وفتحي فراج.
ولم يتم الإعلان عن أماكن التجمعات أو المسيرات في تظاهرات ذكرى تحرير سيناء حتى لا يتم استهدافها من قبل الأمن قبل بدايتها، وسط عمليات حشد لم تتوقف على الرغم من الاعتقالات التي تدخل يومها الرابع.
بدوره، يرى الخبير السياسي، محمد عز، أن السيسي بدا عليه الارتباك بشكل كبير، وهو ما يعزز أنه "مهزوز"، وأن الأوضاع ليست تحت السيطرة تماما، لافتاً إلى أن السيسي حاول تهدئة الشارع الغاضب ضده، عبر قطْع وعود على نفسه لا يقوى على تنفيذها، هكذا كان الوضع عليه منذ تولِّيه الحكم قبل نحو عامين.
ويشير إلى أن السيسي متخوف من تأثيرات التظاهرات، والتحامها مع اعتراضات لنظام حكمه والأوضاع المتردية، ولذلك خاطب الشعب، ووعده بخفض الأسعار ومواجهة التضخم الكبير الناتج عن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
ويؤكد أن خطاب السيسي بات مستهلكا ولن يجديَ نفعا في الفترة المقبلة، لأن ما يهم الناس هو الفعل وليس الوعود، وهو ما يضاعف الأزمات بالنسبة، خاصة مع نجاح القوى السياسية والحركات في كسْر حاجز الخوف.
ويتوقع الخبير السياسي، ألا تؤثر الاعتقالات على الحشد في تظاهرات ذكرى تحرير سيناء، وبالعكس فإن الخبرة المصرية تقول إنه كلما زاد القمع زاد الحشد في المقابل.