22 ابريل 2021
مراجعة تاريخية... البرلمان العراقي أنموذجاً
في عودة لما قبل أكثر من 16 سنة، ابتدأت من مجلس الحكم الذي أسسه الحاكم الأميركي بول برايمر حتى تشكيل حكومة رسمية ونظام برلماني، تشرع نسب الفسادين المالي والسياسي بتشريع كل قانون جديد أو تعديل ما سبق تشريعه، بصفقات مشبوهة وولاءات خارجية، ووعود وهمية بالتحقيق لتؤكد عدم أهمية الوطن والمواطن لدى السلطات العراقية.
تحقيقات برلمانية
وكان البرلمان قد افتتح خلال دورتيه النيابية الحالية والسابقة عدة جلسات تحقيق طاولت عددا من الشخصيات الحكومية، منها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي رفض حضور التحقيق في حيثيات احتلال المحافظات وإعطائه أوامر مباشرة بعدم التعرض لتنظيم داعش الإرهابي وسحب كافة القطعات العسكرية من داخل المدن وخارجها، ليفسح المجال بذلك لسقوط محافظتي الأنبار وصلاح الدين بعد الموصل، كما أنه استدعي قبل ذلك وبعده للتحقيق في جرائم مالية وفساد وبعض الملفات الأخرى، لم يحضرها جميعاً، مستخدماً نفوذه كزعيم لأكبر كتلة برلمانية وقتها.
في حين تم التحقيق مع وزير الدفاع خالد العبيدي لضعف كتلته التي ينتمي إليها وقتها، إلا أنها مررت بصفقة سياسية، بعدما صرح بأن الأوامر اتخذت من القائد العام للقوات المسلحة وليس منه بصفته وزيراً للدفاع.
لم تفض كل هذه التحقيقات لأي نتيجة رغم كل ما صرف عليها من الموازنة، كحال استجواب وزير التجارة وغيره، حيث تتوسط الشخصيات لدى كتلة نيابية لتجنب التحقيق أو تنتهي ملفاتها بالضياع بين المحاكم، كما حرقت الأرشيفات أكثر من مرة قبل بدء التحقيق، دون التعرف على اليد الخفية المتهمة بإحراق هذه الملفات!
معارضة أم غطاء سياسي
يعرف عن البرلمان في كل دول العام أنه مجموعة من الشخصيات ذات الوزن الاجتماعي والثقافة السياسية، وظيفتها الوحيدة هي التعبير عن مصالح ناخبيها بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، في حين يعرف البرلمان العراقي بأنه الوحيد في العالم بأسره الذي يعبر عن صوت الحكومة بدلاً من ناخبيه، فالولاء الأول للكتلة النيابية لاعتباراتها السياسية ومصالحها، حتى وإن عنى ذلك التصويت وتشريع قوانين ضد رغبة الشعب بل وتضر بالوطن.
وقد صرح الناطق باسم تيار الحكمة البرلماني الذي يترأسه رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم، بأن التيار يعد كتلة معارضة داخل البرلمان، من غير توضيح سياسة الكتلة وأسباب معارضتها، ورغم تعريفهم بالكتلة المعارضة، إلا أنهم خرجوا بصيغة رسمية وخاضوا اجتماعات موسعة للإبقاء على الحكومة الحالية بشكلها بدون أي تغيير، ليعدوا بذلك أول معارضة تسعى للحفاظ على السياسة التي تعارضها.
إن صيغة المعارضة ابتدعت لإضفاء نوع من التوازن، حيث يترأسها السيد عمار الحكيم وعائلته ذات الميول الإيرانية، ضد حكومة تحظى بدعم إيراني بحت!
نيابية إسلامية
تعد المرجعية المستشار الأول للحكومة العراقية، حيث يرجع لها كبار رجال الدولة في أمور السياسة، كندائها المعروف لتحرير المناطق التي تخاذل الجيش في الدفاع عنها، حيث استغلت الكتل البرلمانية هذا النداء لزج عناصر مليشياتها وفرض سيطرتهم على الشارع بصيغة رسمية، ثم تجييش الشعب وزج العديد من المواطنين بتدريب عسكري بسيط في حرب مع تنظيم إرهابي مدرب.
كما يمكن القول إن المرجعية حثت الشعب على انتخاب قوائم معينة لا تزال تهيمن على العملية السياسية حتى اليوم. ومن هنا يمكن اعتبار العراق دولة دينية يتدخل رجال الدين في شؤونها كافة!
مهزلة سياسية أم مصالح شخصية
كان قيس الخزعلي قد صرح من خلال برنامج وجهة نظر، الذي يقدمه الإعلامي نبيل جاسم على قناة دجلة الفضائية، بأنه يمتلك أدلة صريحة لفساد وعمالة إحدى الرئاسات الثلاث، ولكن ليس هناك مصلحة لنشرها في الوقت الحالي، حسب تعبيره، وحيث إنه قد تناسى أهمية كشف هذه التفاصيل لحماية الوطن من الولاءات الخارجية، مفضلاً النزعة الابتزازية حصراً..
مثل هذا التصريح يعبر عن الفساد السياسي المستشري داخل البرلمان العراقي، حيث إن السيد قيس الخزعلي يترأس إحدى أكبر الكتل البرلمانية ويقود مليشيات مسلحة ينتشر عناصرها في مختلف المحافظات.
كما ضجت قاعة البرلمان بالتنديد بالعملية الأميركية التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطالبة بخروج القوات الأميركية من العراق، ولم يستنكر السادة الأعضاء الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد المشتركة بين القوات العراقية والأميركية، كما لم يخرج أي تصريح مندد بمقتل أكثر من 500 مواطن خلال التظاهرات الأخيرة.
ورغم أن الاتفاقية الأمنية التي وقعها البرلمان مع الحكومة الأميركية تنص على بقاء القواعد الأميركية المشتركة داخل الأراضي العراقية حتى انتهاء عملياتها، دون تحديد ماهية العمليات ومدتها، في حين لا وجود لأي اتفاقية أمنية تتيح للحكومة الإيرانية القيام بأي عمل عسكري داخل الحدود العراقية، الأمر الذي قد يسبب أزمة دبلوماسية ذات نتائج وخيمة.
احتواء الأزمة
إن استقالة رئيس الوزراء وحكومته لم تسفر عن أي تغيير، حيث لا تزال الحكومة تمارس أعمالها تحت مسمى حكومة تصريف الأعمال ولا تزال نسب الفساد في تصاعد مستمر..
إن المطلب الحقيقي هو الانتخاب المبكر لرئيس وزراء يختاره الشعب بطريقة ديمقراطية بعيدة عن كافة أحزاب السلطة بمختلف مسمياتها الحالية، حيث أثبتت الحكومة مدى تخاذلها خلال الأشهر القليلة الماضية مؤكدة الإشاعات "العراق ليس للعراقيين"، بل هو أشبه بساحة صراع أوجدت لإبعاد شبح الحرب عن القوى المتصارعة، كما هو حال سورية واليمن.
كما لم يقدم البرلمان أي حلول ترتقي بواقع الشعب منذ تأسيسه، ولم يساهم إلا بخلق الأزمات والفساد، فإن مطلب استقالة السادة الأعضاء هو حق شرعي يكفله الدستور كما تكفله المواثيق الدولية لدوره السيئ في إدارة الأزمة العراقية.
تحقيقات برلمانية
وكان البرلمان قد افتتح خلال دورتيه النيابية الحالية والسابقة عدة جلسات تحقيق طاولت عددا من الشخصيات الحكومية، منها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي رفض حضور التحقيق في حيثيات احتلال المحافظات وإعطائه أوامر مباشرة بعدم التعرض لتنظيم داعش الإرهابي وسحب كافة القطعات العسكرية من داخل المدن وخارجها، ليفسح المجال بذلك لسقوط محافظتي الأنبار وصلاح الدين بعد الموصل، كما أنه استدعي قبل ذلك وبعده للتحقيق في جرائم مالية وفساد وبعض الملفات الأخرى، لم يحضرها جميعاً، مستخدماً نفوذه كزعيم لأكبر كتلة برلمانية وقتها.
في حين تم التحقيق مع وزير الدفاع خالد العبيدي لضعف كتلته التي ينتمي إليها وقتها، إلا أنها مررت بصفقة سياسية، بعدما صرح بأن الأوامر اتخذت من القائد العام للقوات المسلحة وليس منه بصفته وزيراً للدفاع.
لم تفض كل هذه التحقيقات لأي نتيجة رغم كل ما صرف عليها من الموازنة، كحال استجواب وزير التجارة وغيره، حيث تتوسط الشخصيات لدى كتلة نيابية لتجنب التحقيق أو تنتهي ملفاتها بالضياع بين المحاكم، كما حرقت الأرشيفات أكثر من مرة قبل بدء التحقيق، دون التعرف على اليد الخفية المتهمة بإحراق هذه الملفات!
معارضة أم غطاء سياسي
يعرف عن البرلمان في كل دول العام أنه مجموعة من الشخصيات ذات الوزن الاجتماعي والثقافة السياسية، وظيفتها الوحيدة هي التعبير عن مصالح ناخبيها بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، في حين يعرف البرلمان العراقي بأنه الوحيد في العالم بأسره الذي يعبر عن صوت الحكومة بدلاً من ناخبيه، فالولاء الأول للكتلة النيابية لاعتباراتها السياسية ومصالحها، حتى وإن عنى ذلك التصويت وتشريع قوانين ضد رغبة الشعب بل وتضر بالوطن.
وقد صرح الناطق باسم تيار الحكمة البرلماني الذي يترأسه رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم، بأن التيار يعد كتلة معارضة داخل البرلمان، من غير توضيح سياسة الكتلة وأسباب معارضتها، ورغم تعريفهم بالكتلة المعارضة، إلا أنهم خرجوا بصيغة رسمية وخاضوا اجتماعات موسعة للإبقاء على الحكومة الحالية بشكلها بدون أي تغيير، ليعدوا بذلك أول معارضة تسعى للحفاظ على السياسة التي تعارضها.
إن صيغة المعارضة ابتدعت لإضفاء نوع من التوازن، حيث يترأسها السيد عمار الحكيم وعائلته ذات الميول الإيرانية، ضد حكومة تحظى بدعم إيراني بحت!
نيابية إسلامية
تعد المرجعية المستشار الأول للحكومة العراقية، حيث يرجع لها كبار رجال الدولة في أمور السياسة، كندائها المعروف لتحرير المناطق التي تخاذل الجيش في الدفاع عنها، حيث استغلت الكتل البرلمانية هذا النداء لزج عناصر مليشياتها وفرض سيطرتهم على الشارع بصيغة رسمية، ثم تجييش الشعب وزج العديد من المواطنين بتدريب عسكري بسيط في حرب مع تنظيم إرهابي مدرب.
كما يمكن القول إن المرجعية حثت الشعب على انتخاب قوائم معينة لا تزال تهيمن على العملية السياسية حتى اليوم. ومن هنا يمكن اعتبار العراق دولة دينية يتدخل رجال الدين في شؤونها كافة!
مهزلة سياسية أم مصالح شخصية
كان قيس الخزعلي قد صرح من خلال برنامج وجهة نظر، الذي يقدمه الإعلامي نبيل جاسم على قناة دجلة الفضائية، بأنه يمتلك أدلة صريحة لفساد وعمالة إحدى الرئاسات الثلاث، ولكن ليس هناك مصلحة لنشرها في الوقت الحالي، حسب تعبيره، وحيث إنه قد تناسى أهمية كشف هذه التفاصيل لحماية الوطن من الولاءات الخارجية، مفضلاً النزعة الابتزازية حصراً..
مثل هذا التصريح يعبر عن الفساد السياسي المستشري داخل البرلمان العراقي، حيث إن السيد قيس الخزعلي يترأس إحدى أكبر الكتل البرلمانية ويقود مليشيات مسلحة ينتشر عناصرها في مختلف المحافظات.
كما ضجت قاعة البرلمان بالتنديد بالعملية الأميركية التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطالبة بخروج القوات الأميركية من العراق، ولم يستنكر السادة الأعضاء الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد المشتركة بين القوات العراقية والأميركية، كما لم يخرج أي تصريح مندد بمقتل أكثر من 500 مواطن خلال التظاهرات الأخيرة.
ورغم أن الاتفاقية الأمنية التي وقعها البرلمان مع الحكومة الأميركية تنص على بقاء القواعد الأميركية المشتركة داخل الأراضي العراقية حتى انتهاء عملياتها، دون تحديد ماهية العمليات ومدتها، في حين لا وجود لأي اتفاقية أمنية تتيح للحكومة الإيرانية القيام بأي عمل عسكري داخل الحدود العراقية، الأمر الذي قد يسبب أزمة دبلوماسية ذات نتائج وخيمة.
احتواء الأزمة
إن استقالة رئيس الوزراء وحكومته لم تسفر عن أي تغيير، حيث لا تزال الحكومة تمارس أعمالها تحت مسمى حكومة تصريف الأعمال ولا تزال نسب الفساد في تصاعد مستمر..
إن المطلب الحقيقي هو الانتخاب المبكر لرئيس وزراء يختاره الشعب بطريقة ديمقراطية بعيدة عن كافة أحزاب السلطة بمختلف مسمياتها الحالية، حيث أثبتت الحكومة مدى تخاذلها خلال الأشهر القليلة الماضية مؤكدة الإشاعات "العراق ليس للعراقيين"، بل هو أشبه بساحة صراع أوجدت لإبعاد شبح الحرب عن القوى المتصارعة، كما هو حال سورية واليمن.
كما لم يقدم البرلمان أي حلول ترتقي بواقع الشعب منذ تأسيسه، ولم يساهم إلا بخلق الأزمات والفساد، فإن مطلب استقالة السادة الأعضاء هو حق شرعي يكفله الدستور كما تكفله المواثيق الدولية لدوره السيئ في إدارة الأزمة العراقية.