مدن لبنان المحتلة

16 ابريل 2018
تملأ صور المرشحين للانتخابات الشوارع (حسين بيضون)
+ الخط -
يقترب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية المقررة في السادس من مايو/ أيار المُقبل، وترتفع بالتوازي حدّة الخطاب الطائفي والتخويني الذي لجأت إليه مُختلف القوى السياسية الكبرى، بعد أن سقطت المشاريع الانتخابية من قاموس السياسة اللبنانية خلال العقدين الماضيين.

وبعد سنوات طويلة من متابعة عمليات القمع التي واكبت الربيع العربي في مختلف البلدان، بات سهلاً على أنصار الربيع العربي سابقاً أن يرتكبوا الانتهاكات نفسها ضد معارضيهم. والأمر سهل أصلاً على أنصار الأنظمة العربية من القوى اللبنانية التي تنتهج العنف كأداة سياسية لطالما أدّبت معارضيها بها. هكذا تحوّلت شوارع المدن الكبرى في لبنان إلى ساحة تعبئة عامة لجيوش الأحزاب المُصطفة على جبهتين. الأولى جبهة رفع الخطاب الطائفي ضد الطوائف الأخرى في الشارع أو الحي نفسه، والثانية داخلية ضد كل "خائن" يكون ولاؤه الطائفي موضع شبهة أو شك.

ولا يجد فريق من المسلحين الخارجين عن القانون من يردعهم عن قطع الطريق وإشعال الإطارات لمنع مرشح منافس من استكمال جولته الانتخابية. بل على العكس، فقد انعكس ترشّح وزير الداخلية نهاد المشنوق للانتخابات النيابية، على أداء القوى الأمنية التي أحجمت عن ممارسة دورها في حفظ النظام خلال عدد من حوادث الاعتداء على مرشحين وعلى فعاليات انتخابية في أكثر من منطقة. وقفت القوى الأمنية بلباسها العسكري والمدني على مسافة "آمنة" خلال الاعتداءات.

وبعد أن كان الأمر يقتصر على التهديد اللفظي للجماهير، بات تعرّض مرشّحين للضرب أمراً عادياً ومقبولاً في لبنان. كما بات حمل المرشحين لسلاح شخصي أمراً عادياً أيضاً! فأي انتخابات هذه؟! وأي ديمقراطية تتسوّل بها الحكومات اللبنانية شرعية خارجية، بعد أن أسقطت أزمات الكهرباء والنفايات والتعطيل شرعيتها الداخلية منذ سنوات؟

لقد أعادت هذه الممارسات لبنان إلى عهد "المكتب الثاني" (الاستخبارات العسكرية قديماً) التي كانت تشارك في خطف المرشحين والناخبين، وفي ممارسة كافة أشكال الترهيب لحسم نتائج الانتخابات وفق "مصلحة النظام". والفارق بين التجربتين أن النظام اللبناني في عهد "المكتب الثاني" كان قوياً جداً، فلجأ للبطش، أما اليوم فهو ضعيف جداً لدرجة أن البطش هو الحل الوحيد لتستمر تشكيلة القوى السياسية الحالية في الحكم.
دلالات
المساهمون