وتعد مدن عانة وراوة والقائم، آخر معاقل تنظيم "داعش" في محافظة الأنبار، حلقة الوصل بين مناطق نفوذه في كل من العراق وسورية، وتقدّر مساحة هذه الأقضية الإجمالية بنحو ثلاثين ألف كيلومتر مربع، بالإضافة إلى القرى الريفية الصغيرة المحيطة بها، بينما يقدر عدد سكان هذه الأقضية بأكثر من خمسين ألف نسمة، تمكّن الآلاف منهم من النزوح من هذه المدن عقب سيطرة تنظيم "داعش" عليها في نيسان/أبريل عام 2013.
وبحسب مصادر عسكرية عراقية، فإن هذه المدن "تمثّل خزين تنظيم (داعش) من العناصر والسلاح، ويتوقع أن تشهد معارك طاحنة للسيطرة عليها بسبب استماتة تنظيم (داعش) في الابقاء على سيطرته في هذه المدن".
كذلك يفرض تنظيم "داعش" سيطرته على المناطق الصحراوية الشاسعة الواقعة ما بين مدينتي الرطبة والقائم.
ونجحت بغداد، في حملات عسكرية مشتركة للجيش ومليشيات الحشد، مدعومة من الحرس الثوري الإيراني، فضلًا عن غطاء التحالف الدولي، في انتزاع مدن الفلوجة والرمادي والكرمة والخالدية وهيت والرطبة من قبضة التنظيم عامي 2015 و2016، بعد معارك طاحنة انتهت بدمار واسع في تلك المدن، ووقعت قبلها مجازر حقيقية في صفوف السكان المدنيين، غالبيتها جرت بدوافع انتقام، أو من خلال القصف الجوي، وقدرت بأكثر من 80 ألف قتيل وجريح.
وقال قائم مقام مدينة الرطبة، عماد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إن "تنظيم (داعش) ما زال يسيطر على منطقة عكاشات والمجمع السكني فيها"، مضيفًا أن "صحراء غرب الأنبار تضم مقرات لتنظيم (داعش) ومعسكرات تدريب لعناصره، وهي منطلق لتنفيذ عناصره هجمات متكررة يشنها بين الحين والآخر، ويستهدف فيها القوات الأمنية في كل من حديثة والرطبة".
من جهته قال قائد عمليات الجزيرة والبادية، اللواء قاسم المحمدي، لـ"العربي الجديد"، إنه "يتوقع أن تنطلق عملية عسكرية واسعة غرب الأنبار، بمشاركة قوات الجيش العراقي والشرطة والحشد العشائري، بالتزامن مع انطلاق عملية استعادة السيطرة على مناطق غرب الموصل".
وأضاف المحمدي أن "العملية العسكرية تهدف إلى السيطرة على الشريط الحدودي للعراق مع سورية، وقطع خط إمداد عناصر تنظيم (داعش) من سورية".
وأكد المحمدي أن "انطلاق العمليات العسكرية في غرب العراق سيكون قريبًا جدًّا بعد إكمال الاستعدادات اللازمة لهذه المعركة".
وحول الأوضاع الإنسانية داخل هذه المدن، فإن المعلومات القادمة من داخلها تبدو شحيحة للغاية، إلا ما يصدر منها نقلًا عن تنظيم "داعش"، حيث أفادت مصادر مقربة من التنظيم بـ"استمرار الغارات الجوية التي تشنها طائرات التحالف الدولي، والتي أودت بحياة عشرات السكان في مدن عانة وراوة والقائم".
بينما تؤكد مصادر عسكرية محلية في الأنبار "مقتل عدد من قيادات تنظيم (داعش) بغارات نفذها طيران التحالف الدولي، استهدفت مقرات التنظيم في مدن عانة وراوة والقائم".
وطالبت جهات سياسية وعشائرية في الأنبار الحكومة العراقية بضرورة الإسراع في تحرير مدن المحافظة التي ما تزال تحت سيطرة تنظيم "داعش"، وذلك بسبب تردّي الأوضاع الإنسانية للسكان المحاصرين في مدن عانة وراوة والقائم.