مدنيو ريف دير الزور الشرقي يدفعون ثمن جيوب "داعش"

27 فبراير 2018
تمّ استهداف المدنيين مراراً في مخيماتهم (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

عاد ريف دير الزور الشرقي في شرقي سورية إلى الواجهة الإعلامية مجدداً مع ارتكاب طيران التحالف الدولي لمجزرة بحق مدنيين موجودين في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، المتغلغل في جيوب له في منطقة باتت ساحة صراع معلن بين الروس والأميركيين كونها الأغنى بالنفط والغاز.


وقد ارتفع عدد ضحايا القصف الجوي من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الذي طاول يوم الأحد الماضي، مخيماً للنازحين في منطقة تحت سيطرة "داعش" في ريف دير الزور الشرقي، إلى 25 قتيلاً. وقالت مصادر محلية مطّلعة لـ"العربي الجديد"، إن "حصيلة الضحايا جراء القصف الجوي من طيران التحالف الدولي على مخيم يؤوي نازحين في منطقة ظهرة العلوني، بالقرب من بلدة الشعفة على ضفاف نهر الفرات الشرقية، في ريف دير الزور الشرقي، بلغ 25 قتيلاً على الأقل، أغلبهم من عائلة واحدة".

والمجزرة ليست الأولى من نوعها من قبل التحالف الدولي في ريف دير الزور الشرقي، إذ قتلت مقاتلات التحالف وأصابت المئات من المدنيين. ووثّقت الشبكة السورية لحقوق الانسان مقتل 2217 مدنياً بغارات التحالف الدولي منذ تدخله في سورية وحتى أيلول/ سبتمبر من عام 2017.

وكانت قوات النظام و"قوات سورية الديمقراطية" أعلنتا كل على حدة خلو محافظة دير الزور من تنظيم "داعش"، ولكن الأخير ما زال مسيطراً على مساحات واسعة من ريف دير الزور الشرقي، وعلى مساحات في باديتها المترامية الأطراف. كما أن وجوده ممتد جنوبي نهر الفرات أو ضفة الشامية، في ظلّ انتشار قوات النظام ومليشيات إيرانية مساندة لها، واحتفظ التنظيم بـ"جيوب صغيرة" في بادية مدينتي الميادين والبوكمال، إضافة إلى جيوب أخرى على الحدود العراقية السورية جنوب النهر العابر للمحافظة من الوسط.

وبيّنت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم يحتفظ بوجود قوي شمال نهر الفرات، حيث تنتشر قوات سورية الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي"، مشيرة إلى أن "التنظيم موجود على مسافة 30 كيلومتراً من قرية البحرة، غرباً، حتى السوسة على أطراف مدينة البوكمال شرقاً، وبعرض يراوح بين 12 و15 كيلومتراً".

وأوضحت المصادر أن "التنظيم لا يزال يسيطر على بلدات هامة، منها هجين والسوسة والشعفة"، مشيرة إلى أن "مناطق التنظيم تضم آلاف المدنيين، خصوصاً الذين نزحوا من جنوب الفرات ولم يتمكنوا من الوصول إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية".



وكان "داعش" مسيطراً على معظم محافظة دير الزور، ثاني أكبر المحافظات السورية بمساحة 33 ألف كيلومتر مربّع، ولكن التنظيم تراجع مع سيطرة النظام على مدينة دير الزور، مركز المحافظة، وعلى معظم الجزء الجنوبي من ريفها الواقع جنوب نهر الفرات، بما فيه مدينتا الميادين والبوكمال. وسيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على أغلب ريف المحافظة، شمال نهر الفرات، حيث آبار النفط ومحطات تجميع الغاز والنفط في سورية، وأبرزها حقول العمر والتنك والكونيكو.

وحاولت مليشيات تابعة لقوات النظام، من ضمنها مرتزقة روس، أخيراً، تهديد "قوات سورية الديمقراطية" والسيطرة على حقل الكونيكو للغاز، إلا أن طيران التحالف الدولي استهدفها وقتل المئات منها. ما أكد أن منطقة شمال نهر الفرات باتت منطقة نفوذ أميركي بشكل كامل تديرها "قوات سورية الديمقراطية" التي باتت ذراعاً برية لواشنطن في الشرق السوري.

مع العلم أن لروسيا مراكز في منطقة جنوب النهر، باسم الشامية، خصوصاً في بلدة الصالحية، أي أن جنوب النهر بات منطقة نفوذ روسي، في تفاهم غير معلن بين موسكو وواشنطن مرتبط بالشرق السوري الذي دفع الفاتورة الأقسى جراء سيطرة تنظيم "داعش" سنوات عدة عليه.

ومن غير الواضح أسباب بقاء "داعش" في جيوب له في ريف دير الزور، ولكن بدأ أن الكلفة البشرية للقضاء عليه بشكل كامل باهظة، وهو ما حاولت قوات النظام و"قوات سورية الديمقراطية" تجنّبه. كما أن كلا القوتين حاولتا إبقاء التنظيم ورقة بيد كل قوة لاستنزاف القوة الأخرى، خصوصاً أن الطرفين تبادلا تهم التعامل مع فلول التنظيم.

ونزح عدد كبير من أهالي ريف دير الزور، تحديداً من المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام خشية قيام الأخيرة بعمليات انتقام جماعي. وأكد ناشطون أن عشرات آلاف النازحين من محافظة دير الزور باتوا في مخيمات في مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية"، المعروفة اختصاراً بـ"قسد" في ظروف بالغة السوء، من دون أن تولي منظمات إنسانية هؤلاء النازحين اهتماماً كافياً.