مدفع الإفطار في رمضان... بين الأمس واليوم

06 يونيو 2017
مدفع الإفطار جنوب لبنان (العربي الجديد)
+ الخط -
يعتبر "مدفع رمضان" من التقاليد التي كانت سائدة في بعض الدول الإسلامية منذ أكثر من مئة عام، ويذكر أن مصر هي أول دولة استخدمت المدفع وقت الإفطار ليصير بعد ذلك تقليداً متّبعاً وقت الإفطار ووقت الإمساك في شهر رمضان.
انتقل هذا التقليد الرمضاني إلى دول عدّة، منها فلسطين وسورية ودول الخليج العربي حتى وصل إلى إندونيسيا، كما أن لبنان كان من ضمن الدول التي تتبع هذا التقليد.
يقوم الحاج خضر كمال منذ أربعينيات القرن الماضي بإطلاق مدفع الإفطار والإمساك في مدينة النبطية، وهو يواظب على ذلك منذ إطلاقه أول طلقة من المدفع، ويقوم بذلك مع بداية شهر رمضان المبارك كل عام، ولم يتوقف إلا إبان الاحتلال الإسرائيلي للبنان ثم عاد إلى مزاولة عمله بعد الانسحاب الإسرائيلي.

في منطقة البيدر، وسط المدينة، يربض مدفع رمضان القديم ذو الدولابين الخشبيين الكبيرين الذي يطلق طلقة واحدة عند أذان المغرب وقت الإفطار، وطلقة عند أذان الفجر وقت الإمساك عن الطعام، وست طلقات صبيحة يوم عيد الفطر فرحاً وابتهاجاً.
يلفت الحاج خضر كمال إلى أن هذا التقليد مرتبط بتراث المدينة، وصار الناس ينتظرون صوت المدفع مثلما ينتظرون كلمة الله أكبر، لأن هناك من لا يستطيعون سماع صوت الأذان، لكن صوت المدفع عادة يصل إليهم.
تستغرق عملية تجهيز المدفع حوالي نصف ساعة، حيث يقوم الحاج خضر بتجهيز الحشوات ويساعده نجله في ذلك، وهي عبارة عن حشوة من ورق الجرائد والبارود، تتكون من سبع حشوات وكل حشوة منها لها عملية الضغط المناسبة لها.
يقول أحد سكان مدينة النبطية لـ"العربي الجديد": مدفع رمضان يعتبر أحد أقدم الموروثات الرمضانيّة في لبنان، وقد تعودنا منذ أن كنّا صغاراً أن نأتي إلى البيدر ننتظر وقت الإفطار حتى نسمع صوت المدفع، وحتى الأطفال يتحلقون، يراقبون، وينتظرون هبوط الليل لرؤية المدفع يطلق باروده، وهذا يدل على أن الموروث القديم باقٍ، ومدفع رمضان أحد أبرز الطقوس الرمضانية التي حافظت على بقائها رغم التطور، في وقت غاب فيه المسحراتي وانقرض الحكواتي.
ورغم محافظة مدينة النبطية على مدفع رمضان التراثي، إلا أنه في المدن والمناطق اللبنانية الأخرى تحول إلى مجرد قطعة تراثية منسية تختزن ذاكرة شعوب وذكريات مدن خلال الشهر المبارك، كما هي الحال في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، حيث غاب دوي طلقات المدفع الرمضاني التقليدي عن المدينة منذ أكثر من أربعين سنة، فقد بقي مدفع رمضان موجودأ في المدينة كقطعة تراثية وله رمزيته، إلى أن قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بسرقته عام 1983 بحجة أنه يعتبر سلاحاً حربياً.

دلالات
المساهمون