مدافعون ومدفوعون

12 ديسمبر 2014
مطالبون كثر بالحقوق حول العالم، إما مضطهدون أو مطاردون(الأناضول)
+ الخط -

كثير من البشر حول العالم لديهم مشكلات حقيقية في تحصيل حقوقهم الأساسية، وكثير من دول العالم تقاوم هؤلاء المطالبين بمنح الشعوب حقوقها، وكثير من المطالبين بالحقوق حول العالم إما مضطهدون أو مطاردون، وقُتل وسُجن منهم الكثير.

تبقى إشكالية الحقوق الأساسية قائمة، كما يبقى تعريف تلك الحقوق والمسؤولية المباشرة عن منحها ومنعها أزمة دولية، حتى في المؤسسات الأممية التي أصدرت كثيرا من القرارات والعهود لضمان حقوق الإنسان، تلك المواثيق التي تطبق أحيانا، ولا تطبق في أحيان أخرى، وتطبق بحذافيرها في دول ومناطق وقضايا، وتغيب كليا أو جزئيا في بلدان ومناطق وقضايا أخرى.

الكيل بمكيالين سمة متداولة عالميا، وتدخلات الدول الكبرى واضحة ولا مجال لنفيها أو تجاهلها، والأمور في فلسطين وأفغانستان والعراق وسورية وبورما وأفريقيا الوسطى، وغيرها من المناطق الساخنة في العالم لا تحتاج إلا نظرة موضوعية لمعرفة كيف تدار حقوق الإنسان في العالم.

لكن لا بد، أيضا، من لفت النظر إلى أن بعض العاملين في مجال حقوق الإنسان أنفسهم مدانون، وبعضهم يمكن تجريمه، خاصة في دول الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ومعظم دول أفريقيا وأميركا الجنوبية، وغيرها مما يطلق عليه العالم الثالث.

كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان تحول إلى أدوات في يد الأنظمة القمعية الفاشية، وبعضهم بات بوقا لتبرير أفعال تلك الأنظمة، بدلا من مهمته الأساسية في فضحها والإضاءة على جرائمها، بعضهم بداعي الخوف، وآخرون بداعي المصلحة، الواقع أن الغالبية العظمى منهم صنعتها الأنظمة كديكور ضروري للتدليل على ديمقراطيتها، أو تصديرها للمنظمات الدولية باعتبارها نموذجا لسماح الأنظمة بالتعددية والاختلاف والآراء المتباينة.

الخطير في الأمر أن يتحول الحقوقي من مدافع عن حقوق الإنسان، إلى مدفع في يد النظام، يوجهه متى شاء إلى صدور الشعوب، والأخطر أن يتحول الحقوقي من صاحب مبدأ إلى صاحب مصلحة، ومن مستقل إلى تابع، سواء للنظام الذي يعيش في كنفه، أو لدول أو منظمات تدعمه وتتحكم في مسار عمله.

وعلاقة المدافعين عن حقوق الإنسان عادة ملتبسة مع الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام، فمنهم المرفوض ومنهم الممنوع، ومنهم المدلل ومنهم المدفوع، ونظرة سريعة على تصريحات بعضهم في ظروف وأوقات مختلفة قد تثير الاشمئزاز.

ويبقى عجيبا تحول بعضهم من النقيض إلى النقيض، ولجوء أغلبهم إلى اللعب على الحبال لممارسة مهنة بات معظم من يعمل بها محل اتهام، وسط قيام الأنظمة بفضح بعضهم، أو تعمد إظهار أدلة على فسادهم لتضمن استمرارية ولائهم.
المساهمون