مدار في مؤتمره السنوي: فرص الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي قائمة

28 مارس 2018
يحلل التقرير أهم المستجدات والتطورات التي شهدتها الساحة الإسرائيلية(الأناضول)
+ الخط -




عقد المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" مؤتمره السنوي في رام الله اليوم الثلاثاء، واستعرض فيه "التقرير الاستراتيجي 2018 - المشهد الإسرائيلي 2017".

ويرصد التقرير ويحلل أهم المستجدات والتطورات التي شهدتها الساحة الإسرائيلية خلال العام المنصرم، ويحاول استشراف وجهة التطورات في الفترة المقبلة، خاصة من جهة تأثيرها على القضية الفلسطينية وعلى ديناميكيتها.

وخلص التقرير إلى تأثر المشهد الإسرائيلي عام 2017 بمجموعة من المستجدات والتطورات الدولية والإقليمية والداخلية، التي من المتوقع أن يتعمّق تأثيرها في المديين القريب والمتوسط.

وعلى رأس هذه المتغيّرات، شكّل تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، في يناير/ كانون الثاني 2017، حدثاً دولياً مفصليا ذا أبعاد استراتيجية على المسألة الفلسطينية، ليس فقط بسبب دعم ترامب غير المشروط لإسرائيل، بل أيضاً بسبب تركيبة الإدارة الجديدة التي أحاط ترامب نفسه بها، والتي تتميز بانتمائها الأيديولوجي إلى اليمين المتطرف أو الصهيو-مسيحي (الأفنجيلي) ودعمها وتعاملها مع إسرائيل والقضية الفلسطينية وفق تصورات أيديولوجية تخلط الرؤية الدينية الغيبية بالسياسة.

وعلى الصعيد الإقليمي، شكلت التغيرات في الساحة السورية، من حيث انحسار قوة تنظيم "داعش" الإرهابي من جهة، مقابل ما تراه إسرائيل تعزيزاً للوجود الإيراني من جهة أخرى، أحد أكثر التحديات التي شغلت المستويين السياسي والأمني في إسرائيل.

وعلى الصعيد الداخلي، شكلت قضايا الفساد المرتبطة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وتطوراتها المتسارعة حتى كتابة هذا التقرير، وما استتبع ذلك من تقديم توصيات للشرطة بتقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو واحتمال محاكمته وحتى استقالته، أحد العوامل الأساسية المؤثرة على المشهد الحزبي والسياسي الإسرائيلي ووجهته القريبة، إذ تتوقّع جهات عدة أن تسفر هذه القضايا عن تبكير الانتخابات العامة، إلى جانب احتمال ظهور اصطفافات حزبية جديدة للتنافس على تشكيلة الحكومة المقبلة، من دون أن يعني ذلك أن هناك أفقاً لأن يؤدي هذا التطور إلى تغيير انعطافي في السياسة الإسرائيلية حيال القضية الفلسطينية.

وأوضح التقرير أن جميع التطورات أعلاه تنعكس بشكل مباشر على القضية الفلسطينية، ويمكن القول إنها تعيد موضَعتها في سياقات قوة جديدة، وتفرض عليها تحديات كبيرة، وفي الوقت ذاته، تفرز تفاعلات العوامل المختلفة مسارات متناقضة تفتح فرصاً، على الرغم مما تبدو عليه الأوضاع من ثبات في المرحلة القريبة.

فالتماهي بين الإنجيلية الصهيونية واليمين الإسرائيلي الجديد، بزعامة نتنياهو، يفتح أمام إسرائيل في المدى القريب فرصة لتصعيد ممارسات الضم والاستيطان في الأراضي المحتلة، ولتسريع التشريعات العنصرية والمعادية للفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، لكن هذا التماهي ينتج أولاً فرصة للتحرر من الهيمنة الأميركية على العملية السياسية، وثانياً يحوّل إسرائيل (تحت وطأة هيمنة اليمين) إلى "لاعب حزبي" محسوب على الحزب الجمهوري وليس كما درجت عليه العادة موضوع إجماع أميركي عابر للأحزاب، بما يعنيه هذا مستقبلاً في حال تغير الإدارة الأميركية.

وثالثاً يعزز التحالف بين إسرائيل والتيارات اليمينية المتطرفة والقومجية الدولية، خاصة في أوروبا وأميركا، من موضعتها كجزء من تيارات التطرف اليميني العالمية، ويفتح في المقابل نافذة للفلسطيني (إذا أحسن استخدام الفرصة) لتعزيز الربط بين القضية الفلسطينية والتيارات العالمية الديمقراطية، ولكسب مزيد من الدعم لحركاته النضالية المدنية، خاصة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات.

ويشير التقرير إلى تقاطع الانزياح نحو اليمين وتغيير النخب في إسرائيل، وآخرها نخبة محكمة العدل العليا، مع استتباب أمني نسبي عاشه الإسرائيليون خلال 2017، ومع ثمن دولي منخفض لاستمرار الاحتلال وموبقاته، وذلك في ظل ثبات اقتصادي، مقابل استقطاب حاد في العالم العربي، وانشغال الدول المجاورة بقضاياها الداخلية، ووجود إدارة أميركية متوافقة، وهذه كلها عوامل تلعب لمصلحة تعميق المشروع اليميني الاستيطاني، ودعم مساعي حسم الصراع وفق رؤية اليمين الأيديولوجية.

ويُضاف إلى ذلك أن المخاطر التي تواجهها حكومة نتنياهو بسبب قضايا الفساد المتراكمة، وخشية اليمين الجديد من انتخابات مقبلة قريبة، قد تنتهي بإقامة ائتلاف جديد يكون خارجه، أو لا يكون الآمر الناهي فيه على الأقل، من شأنها أن تدفع، في ظل التوافق الأيديولوجي مع إدارة ترامب، إلى التسريع في الخطوات التشريعية والعملية الهادفة إلى ضم كتل استيطانية، وإعادة ترسيم حدود القدس، وقطع الطريق المستقبلي أمام حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية. 

في المقابل، وعلى الرغم من التحديات التي تفرضها التطورات الدولية والإقليمية والإسرائيلية، تبقى فرص الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل والاحتلال قائمة، بسبب كل التناقضات التي يفرزها اصطفاف إسرائيل مع اليمين الترامبي والعالمي، ودخول لاعبين دوليين جدد كروسيا وشرائح واسعة من الفاعلين في المجتمع المدني العالمي ممن يرون مخاطر اليمين الجديد واليمين الديني بصيغه المختلفة.