وأقيمت مستوطنة "نتسيرت عيليت" قبل 62 عاماً على الأراضي العربية لمدينة الناصرة وقرى المنطقة، لضمان تهويد الجليل، وكبذرة لمخطط استيطاني في قلب الجليل، بهدف الحد من تطور الناصرة ومنع تحولها لمركز عمراني فلسطيني من شأنه أن يكون نواة لمطالبة بحكم ذاتي فلسطيني في الجليل أو انسلاخ عن دولة الاحتلال بعد النكبة.
ولم يخف رئيس البلدية المنتخب، في حديث إذاعي صباح اليوم، دوافعه العنصرية، على الرغم من محاولة الادعاء بعلاقات جوار حسنة مع المدينة الأصل، إذ قال إنه لا يريد بسبب التشابه بالأسماء أن يتلقى هذا العام مرة أخرى باقات ورود وتهنئة بعيد الميلاد المسيحي، موجهة بالأصل إلى مدينة الناصرة.
وقال بلوت إنه طرح الفكرة على المجلس البلدي بانتظار تلقي اقتراحات لأسماء جديدة تضمن لسكان نتسيرت عيليت اسما يميزهم عن مدينة الناصرة العربية، ويريحهم من "أخطاء الأسماء" والاعتقاد بأن مدينتهم "حيا تابعا للناصرة" .
واستشهد بلوت بتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تحدث عن أن رئيس حكومة الاحتلال الأول، دافيد بن غوريون، كان يقع في الخطأ ذاته في المراسلات الرسمية ويرسل لرؤساء بلدية نتسيرت عيليت رسائل رسمية يخاطبهم فيها ويتحدث فيها مستخدماً فقط اسم نتسيرت (التي تعني بالعربية الناصرة) دون إضافة كلمة عيليت والتي تعني العليا، في إشارة إلى المستوطنة اليهودية.
ووفقاً لبلوت، كما قال في المقابلة الإذاعية، فإنه يبحث عن اسم برّاق وجديد عبر إزالة كلمة نتسيرت (أي الناصرة) واستخدام اسم مركب جديد، أو اسم من كلمة واحدة فقط تلغي أي شبه أو علاقة بكلمة الناصرة.
ويكشف هذا الموقف عمق العنصرية التي تتحكم برئيس البلدية المنتخب قبل أسبوع فقط في مدينة يعيش فيها اليوم ما لا يقل عن 10 آلاف فلسطيني غالبيتهم العظمى من مدينة الناصرة العريقة، انتقلوا للعيش في نتسيرت عيليت بسبب سياسات الخنق الاقتصادي والجغرافي لمدينتهم الأم، وعدم تبقي مساحات للبناء.
وحصل السكان الفلسطينيون في مدينة نتسيرت عيليت، في الانتخابات الأخيرة عبر قائمة بلدية مشتركة، على تمثيل بثلاث أعضاء في المجلس البلدي الجديد.
يشار إلى أن كثيراً من المستوطنات اليهودية، أو البلدات الفلسطينية التاريخية التي استولت عليها دولة الاحتلال، حافظت على اسمها التاريخي أو تمت عبرنة الاسم في حالات أخرى، وهو المبدأ ذاته الذي استخدم عند إقامة نتسيرت عيليت، إذ إن الاسم هو عملياً ترجمة لاسم المدينة الأم، إذ يعني الناصرة العليا.
وتنتشر في فلسطين الداخل أسماء بلدات "إسرائيلية" تحمل أسماء معبرنة عن الاسم الأصلي، مثل بلدة "عين هود" التي كان اسمها الأصلي قبل طرد السكان الفلسطينيين منها، "عين حوض"، ومستوطنة "عين أيلاه"، واسمها الأصلي عين غزال، ومنها خرج الكاتب والأديب الفلسطيني إحسان عباس.
والأمر ذاته ينطبق على "طيرة الكرمل"، بلد الصحافي حسن البطل، التي بات اسمها "طيرات هكرمل"، وأيضا "كيبوتس برغام" الذي قام محل قرية "كفر برعم" المهجرة، و"بيسان" التي تحولت إلى "بيت شان"، و"الخضرة" التي تحول اسمها إلى "حديرا"، وعشرات الحالات الأخرى.