في كل مرة تحل الأعياد الدينية في الجزائر، يُفتح ملف "مداومة التجار"، حيث تعرف شوارع الجزائر عزوف التجار عن العمل، ما يدخل المواطن في رحلة البحث عما يحتاجه قد تدوم لساعات.
وككل مرة، ألزمت وزارة التجارة أكثر من 34 ألف تاجر بالعمل يومي عيد الأضحى ضمن ما يعرف بـ"نظام المداومة"، 5% صيدليات و20% مخابز والباقي محلات بيع المواد الغذائية.
وهددت الوزارة التجار المخالفين لنظام المداومة بعقوبات مالية وغلق مؤقت لمحلاتهم، وهي التهديدات نفسها التي تطلقها الوزارة مع كل عيد، وبالرغم من ذلك ترتفع نسبة عزوف التجار عن العمل.
من جانبها، حذرت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين التجار من خرق نظام المداومة يومي العيد، مشيرة إلى أن العقوبات التي تنتظرهم قد تصل إلى الغلق لمدة شهر كامل.
وقال البيان الصادر عن الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الذي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منه، إنه "توفيراً لشروط نجاح المداومة خلال أيام العيد والتزاماً بواجب الخدمة العمومية في نشاطات التجارة والخدمات، تدعو الجمعية جميع المتعاملين التجاريين والاقتصاديين وأصحاب الخدمات المسجّلين على قوائم المداومة التي أعدّتها مصالح مديريات التجارة عبر الوطن (48 ولاية)، إلى الالتزام بها، خدمة لزبائنهم واستجابة لضمان الحدّ الأدنى من الخدمات طبقاً للقانون وتجنّباً للعقوبات المنصوص عليها".
كما شملت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين "ناقلي المسافرين عبر الحافلات وسيارات الأجرة، علما أنّ محطات النّقل البرّي تبقى مفتوحة وفي الخدمة طيلة أيّام العيد".
ودعت الجمعية في هذا الصدد، مسؤولي المجالس البلدية إلى نشر قوائم المعنيين بالمداومة في الساحات العمومية ومداخل الأحياء حتى يكون المواطنون على علم مسبق بها تجنّباً للاضطراب والفوضى في البحث عنها خلال أيام العيد، وذكرت السائقين وسائر المواطنين بأنّ محطات البنزين تبقى أيضاً في الخدمة طيلة أيام العيد.
وكشفت الجمعية التي تعد أكبر تكتل يمثل التجار في الجزائر، بلغة الأرقام، أن العدد الوطني الإجمالي للمسجلين على قوائم المداومة التي حددتها مصالح وزارة التجارة خلال هذا العيد قدرت بـ34576 تاجراً، منهم 4985 خبازاً و20763 بائع مواد غذائية عامة وخضر وفواكه، و8436 يتوزعون على قطاعات أخرى. كما تم تسخير 392 وحدة إنتاجية، من بينها 143 ملبنة و211 مطحنة و38 وحدة مياه معدنية للخدمة العامة.
وطبقاً للقانون المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية، ذكرت أن العقوبة ضد المخالفين لنظام المداومة تصل إلى غرامة مالية تراوح بين 30 ألفاً و200 ألف دينار (290 و1900 دولار) مع غلق المحل التجاري مدة ثلاثين يوماً.
وفي السياق، قال الحاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، إن "الكثير من المواطنين وكذا الإعلاميين يجهلون معنى المداومة، وهو ما جعل أغلب الكتابات الصحافية تنصب في قالب واحد وهو فشل المداومة".
وأشار بولنوار، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "نظام المداومة يفرض على التجار ضمان الحد الأدنى من الخدمات، ما يعني متعاملين أقل وتجار أقل، بالإضافة إلى ساعات عمل محددة وكميات إنتاج قليلة. ومن هذا المنطلق، فمن الطبيعي ألّا نلحظ تلك الوفرة المعتادة في بعض المواد الاستهلاكية على غرار الخبز والحليب".
وأضاف المتحدث نفسه أن "الجمعية تقدمت بمقترحات لوزارة التجارة من أجل رفع نسبة استجابة التجار لنظام المداومة التي تبقى أرقامها محل تكذيب بين الوزارة والجمعية.
ومن بين المقترحات إشراك الجمعية في عملية وضع قوائم المداومة وضرورة إرسال فرق مراقبة وتفتيش يومي العيد.
بالإضافة إلى توسيع العمل بنظام المداومة ليشمل قطاعات ومؤسسات أخرى على غرار شركة سونلغاز (توزيع الغاز والكهرباء) وشركة توزيع المياه. وكذا على وزارة الفلاحة المطالبة بتخصيص نظام مداومة لأسواق الجملة للخضر والفواكه وغرف التبريد، لضمان وفرة الخضر والفواكه واستقرار أسعارها.
مع ضرورة نشر قوائم المداومة على مستوى البلديات حتى يطلع المواطن والإعلام على التجار المناوبين تجنباً للارتباك والفوضى وكذا التشكيك في العملية كلها".