مخاوف من التوجه للغاز الصخري في الجزائر

16 أكتوبر 2017
الجزائر تسعى لحل أزمتها المالية بزيادة مبيعات الطاقة (Getty)
+ الخط -
أعاد إعلان الجزائر التوجه إلى تعديل قانون المحروقات مجدداً والترخيص لشركة النفط الحكومية "سوناطراك" بالتنقيب عن الغاز الصخري، فتح الملف الذي شغل الرأي العام قبل ثلاث سنوات، وكان وراء خروج سكان الجنوب في احتجاجات دامت لأكثر من خمسة أشهر. ويبدو أن هذا الملف أخذ أبعاداً شعبية مرة أخرى بعد أن تحركت المعارضة الجزائرية مهدّدة الحكومة برد قوي وتحريكٍ للشارع الجزائري.

وفي هذا السياق، قال النائب في البرلمان والقيادي عن حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) ناصر حمدادوش أن "التحرك ليس ضد الغاز الصخري من حيث المبدأ ولكن ضد أضراره البيئية وتكاليفه الباهظة ما يجعلنا نتحفظ عليه".
وأضاف حمدادوش، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن "التوجّه مرّةً أخرى إلى الغاز الصّخري بالرغم من حجم الرّفض الشعبي والسياسي له سابقاً ولاحقاً، يدلّ على أنّ هذه الحكومة تبحث دائما عن الحلول السّهلة، ولا تجد ملاذًا إلا من ريع الطاقة، لضمان البقاء في الحكم، ولو على حساب الاستقرار".

ولفت النائب البرلماني إلى أنّ "هذه الخطوة مغامرةٌ أخرى غير محمودة العواقب، وأنّ المعارضة الشعبية لهذا التوجّه ستعقّد من هذه المهمة، وستكون تكلفته باهظة على مستوى الاستقرار"، موضحاً أن الرفض لن يكون خاصًّا بسكّان الجنوب فقط، بل سيكون رفضاً على المستوى الوطنيّ والشعبي من كل الجزائريين.
وكان رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي قد وصف أحزاب المعارضة التي تقف ضد التوجهات نحو الغاز الصخري بـ "المحرضين السياسيين" المغالطين لشعب الجزائر، مؤكداً أن "الحكومة ستشرح الملف جيداً لسكان الجنوب الجزائري قبل أن تخطو أي خطوة لاستغلال الغاز الصخري".

وإلى ذلك قال الناطق باسم حزب التجمع الوطني الجزائري الموالي للحكومة صديق شهاب إن "الحديث عن استغلال الغاز الصخري سابق لأوانه، لأن الحكومة تتكلم عن الاستكشاف في المرحلة الأولى ثم الاستغلال في آفاق 2022"، مضيفاً أن "المعارضة تغالط وتضلل الرأي العام ككل مرة دون أن تقدم البديل، فقبل أسابيع عارضت خيار اللجوء إلى التمويل غير التقليدي للخزينة العمومية واليوم تعارض استغلال الغاز الصخري و لا ندري إلى اليوم ما هو البديل الذي تقدمه".
واتهم القيادي في التجمع الديمقراطي، في حديث مع "العربي الجديد"، المعارضة بالضغط على الحكومة باستعمال ورقة "الشارع الجزائري" لكن بحسابات سياسية متعلقة بالانتخابات الرئاسية عام 2019.

وتشير تقديرات الشركة الحكومية للمحروقات "سوناطراك" التي أجرتها بالتعاون مع شركات نفطية عالمية في خمسة أحواض بالصحراء الجزائرية الكبرى، إلى أن الجزائر تحوز احتياطيات من الغاز الصخري تقدر بنحو 4.940 ترليونات قدم مكعب من بينها 740 ترليون قدم مكعب يمكن استرجاعها على أساس نسبة استرجاع 15%، تتوزّع في مناطق "أحنات" و"تيميمون" و"إليزي" و"بركين"، بالإضافة إلى "مويدير" في أقصى الجنوب الجزائري.
وحسب المدير العام السابق لشركة "سونطراك" نزيم زويوش فإن "تقديم استغلال الغاز الصخري على أنه الحل الوحيد لما تعيشه البلاد من أزمة، ليس صحيحاً، لأن مرور الجزائر من مرحلة الاستكشاف والتجارب إلى مرحلة الاستغلال والتصدير يتطلب من 10 إلى 12 سنة".

وأضاف زويوش لـ "العربي الجديد" أن مخاوف سكان الجنوب في سنتي 2014 و2015 كانت مشروعة لأن عملية تفجير الطبقات الصخرية تحتاج من 15 إلى 20 ألف متر مكعب مياه في المرة الواحدة، وهي كمية كبيرة بالرغم من وجود خزان مائي جوفي يقدر بـ 40 ألف مليار متر مكعب".
وأردف المدير السابق لـ "سونطراك" قائلًا "لا يزال لدينا خزان من الغاز الطبيعي وطاقة أخرى لم نستغلها وهي الطاقة الشمسية، يمكننا الاعتماد عليها، فحتى لو ارتفع سعر برميل النفط إلى ما فوق 80 دولاراً يبقى الغاز الصخري مكلفاً جداً بالنسبة للجزائر".

وفي ردها على سؤال لـ "العربي الجديد" حول مدى إمكانية حدوث تلوث للبيئة في الصحراء الجزائرية جراء استغلال الغاز الصخري، قالت وزيرة البيئة فاطمة زرواطي إن "الحكومة كانت صريحة في تعهدها بالمحافظة على بيئة المناطق المعنية باستغلال الغاز الصخري، ولا يمكن للحكومة مهما كانت الظروف الاقتصادية التي يمكن أن تمر بها البلاد، أن تغامر بصحة السكان".
وأضافت الوزيرة أنه "توجد تجارب يمكن الاعتماد عليها ودراستها كالتجربة الأميركية، لذلك الحديث عن مخاطر بيئية يبقى نسبياً ولا يجب أن يقف في طريق استغلال ثروة باطنية هائلة".


المساهمون