يواصل الاحتلال الإسرائيلي ممارسة تحقيقات مخابراتية مضنية مع المرضى الفلسطينيين من قطاع غزة، الذين يطلبون الحصول على تصاريح مغادرة القطاع لتلقي العلاج في مستشفيات القدس المحتلة، أو داخل إسرائيل نفسها.
وصعّد الاحتلال في الفترة الأخيرة من أنماط هذه التحقيقات، والضغوط الممارسة على المرضى الفلسطينيين، ولم يعد يتورع عن إبقائهم ساعات طويلة عند المعابر البرية لقطاع غزة، على الرغم من الحرارة الشديدة، والتحقيق معهم بفظاظة داخل عربات الإسعاف، من دون مراعاة حالاتهم الصحية الصعبة، التي تجبرهم على الخروج من القطاع لمحاولة تلقي العلاج خارجه.
وكشف تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن من يتولى هذه التحقيقات ليس الجنود العاديون، وإنما محققو جهاز المخابرات العامة "الشاباك"، إذ يعرقل المحققون في بعض الحالات نقل المرضى إلى المستشفيات، ويخضعونهم لتحقيق مكثف داخل سيارات الإسعاف التي يفترض أن تقوم بنقلهم إلى المستشفى.
وفي هذا السياق، ذكرت جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، أنها رصدت خمس حالات على الأقل، تم فيها تأخير نقل المرضى، وقع آخرها الأسبوع الماضي.
ووفقاً للجمعية المذكورة، فإن التوجه الجديد يثير مخاوف شديدة من محاولات جهاز "الشاباك" الإسرائيلي استغلال ضعف المرضى وحاجتهم للعلاج لابتزازهم، مقابل السماح لهم بالوصول إلى المستشفيات، ومحاولة استخراج معلومات مختلفة منهم.
وأوردت الجمعية أن الاحتلال عرقل في الفترة الأخيرة مرور فلسطيني يعاني مرضاً في القلب، واحتجزه لساعات قبل السماح له بالمرور، بعد إخضاعه وزوجته لتحقيق مكثف.
كما أوقف الاحتلال لساعات في شهر مايو/ أيار الماضي مواطناً فلسطينياً من قطاع غزة مصاباً بمرض السرطان، وأخضعه لتحقيق متواصل استمر ساعتين متتاليتين، إلى أن سمح له بالتوجه للمستشفى لتلقي العلاج.
وهناك حالات سابقة مشابهة، تمت فيها عرقلة نقل مريض فلسطيني في الثانية والثلاثين من عمره، يعاني من ورم سرطاني خبيث، وبعد تحقيق مستمر معه، زعم محقق "الشاباك" أن الشاب ينتمي للجهاد الإسلامي، ولم يسمح له بمغادرة القطاع لتلقي العلاج.
ويستدل من الشهادات التي جمعتها الجمعية المذكورة، أنه يتم نقل المرضى بسيارات إسعاف فلسطينية حتى حاجز إيريز، وعند نقلهم لسيارات الهلال الأحمر، يتم فصل المريض الذي يخضع للتحقيق عن المرضى الآخرين، وتتم عرقلتهم وتأخيرهم في الجانب الفلسطيني عند الحاجز المذكور، ما يعطل عودة سيارات الإسعاف إلى القطاع، بانتظار انتهاء التحقيقات وصدور القرار بمن يسمح له بالدخول للعلاج، ومن يرفض طلبه وتتم إعادته مجدداً للقطاع.
وادعى جهاز "الشاباك" الإسرائيلي أن حركة "حماس" تحاول تحويل أموال بواسطة المرضى الفلسطينيين، أو تمرير تعليمات لعناصر من الحركة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وإن أطباء فلسطينيين زوروا وثائق طبية مختلفة، وهو ما نفته جمعية أطباء لحقوق الإنسان التي أكدت أن الاحتلال يستغل هذه الادعاءات، ويروج لها بشكل فج.