14 نوفمبر 2024
محور العار
أصبح المشهد واضحا في الإقليم، بعد مجزرة فض الاعتصام التي شهدتها الخرطوم فجر الاثنين الماضي، ولم يعد للمحور السعودي الإماراتي المصري ما يخفيه، بشأن استراتيجيته الصريحة لضرب أي محاولة جادة لإقامة أنظمة ديمقراطية ومدنية، والقطع مع إرث الاستبداد والفساد في المنطقة. لم يكن مفاجئا إقدام المجلس العسكري السوداني على استباحة دماء المتظاهرين العزّل بالرصاص الحي، بالنظر إلى المؤشرات التي سبقت ذلك، وكلها دلّت على أن فض الاعتصام صار مسألة وقت، بعد أن أخفقت استراتيجية الإنهاك التي انتهجها المجلس في ثني المتظاهرين عن مواصلة اعتصامهم، والعودة إلى منازلهم، خصوصا بعد أن بدأ قادة المجلس يلوّحون بذلك بحديثهم المتواتر عن عناصر إجرامية مندسّة بين المتظاهرين، ورفضهم السماح بانزلاق البلاد إلى الفوضى، إلى غير ذلك مما يُحيل على معجمٍ سياسيٍّ وإعلاميٍّ مفلسٍ، خبرته الشعوب العربية جيدا. كما أن الاعتصام صار هاجسا حقيقيا لهذا المحور المتخوّف من موجة ثانية قادمة للربيع العربي تجتاح بلدان المنطقة.
يُضاف إلى ذلك أن زيارات رئيس المجلس العسكري ونائبه أخيرا القاهرة وأبو ظبي والرياض منحت المجلسَ التغطية الإقليمية اللازمة للذهاب بعيدا في تنفيذ نواياه المبيّتة ضد المتظاهرين، وضربِ النواة الصلبة لتطلعاتهم الديمقراطية والمدنية، ما يعني أن جلسات (مفاوضات؟) المجلس مع "قوى الحرية والتغيير" لم تكن أكثر من مناورةٍ لربح الوقت، وإنهاك الحراك، والبحث عن موارد سياسية ومالية خارجية، لتعزيز مواقعه داخل هيكل السلطة.
أدرك محور الثورة المضادة أن نجاح الحراك في سعيه إلى إقامة دولة ديمقراطية ومدنية تقطع مع ثلاثة عقود من الاستبداد والفساد، سيُحول الحالة السودانية إلى عدوى ديمقراطيةٍ مرشحةٍ للانتقال إلى مناطق أخرى في الإقليم، وبالضبط في اتجاه مصر، إحدى القلاع الرئيسية لهذا المحور، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية ضخّ روح جديدة في الشارع المصري، في ظل حالة الإفلاس الشامل التي وصل إليها نظام عبد الفتاح السيسي. وبذلك يصبح السودان، ضمن معادلات القوة والنفوذ الراهنة، بؤرةً جيو سياسيةً لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي، عبْر إفشال مخططات هذا المحور، وضربِ مشاريعه المعادية للديمقراطية، وتوسيع هامش الحركة أمام الحراك الشعبي في الجزائر والديمقراطية الفتية في تونس من ناحية، وتضييق الخناق أكثر على قوات خليفة حفتر في ليبيا من ناحية أخرى.
مسألة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وتتعلق بتوقيت الحراك السوداني ضمن ما يعرفه الإقليم من تحوّلات، أبرزها حالة الانسداد العسكري والميداني التي تواجهها أبو ظبي والرياض في اليمن، والمخاضُ الموازي الذي بدأ يتشكل رفضا لصفقة القرن، ذلك كله جعل الحراك السوداني مصدرَ إرباكٍ لمحور الثورة المضادة داخل معادلات النظام الإقليمي، وبالتالي كان لا بد من خطوةٍ لإجهاضه، مهما كلف ذلك من ثمن. ولذلك كان تمويل الثورة المضادة في السودان على رأس جدول أعمال زيارات رئيس المجلس العسكري ونائبه العواصم الثلاث المعلومة، بحيث يصبح تمويل الأخير ودعمه اقتصاديا وسياسيا في مقابل إجهاض الحراك الشعبي وتفكيك تحالفه الاجتماعي والسياسي الذي يستند إليه.
أصبح بقاءُ المجلس في السلطة مكلفا بعد مجزرة الاثنين الماضي، وما خلفته من ردود فعل دولية واسعة. وهذا المحور في وضع لا يُحسد عليه أمام الرأي العام العربي. ولا مبالغة في القول إن هجمته الشرسة، وغير المبرّرة، لإجهاض مشاريع التحول الديمقراطي وإقامة أنظمة مدنية يحكمها القانون جلبت له العارَ، ووضعت قادته ورموزه في مواجهة حكم التاريخ الذي لا يرحم.
بعد مجزرة فض الاعتصام، أصبحت أمام المعارضة السودانية، بمختلف أطيافها وتشكيلاتها، فرصة تاريخية لتوسيع قاعدتها الشعبية، واستيعاب فئات وشرائح اجتماعية أخرى، في أفق بناء تحالف وطني ديمقراطي واسع، قادر على تكثيف الضغط على المجلس العسكري وإسقاطه، مع ما يعنيه ذلك من إصابة المحور الثلاثي إياه في مقتل. وإذا ما قُيّض للحراك الجزائري أن يشقّ دروبا أخرى في سعيه إلى تفكيك نظام بوتفليقة، فقد يكون ذلك منعطفا حاسما في سيرورة المواجهة المفتوحة بين إرادة الشعوب العربية ومحور العار.
يُضاف إلى ذلك أن زيارات رئيس المجلس العسكري ونائبه أخيرا القاهرة وأبو ظبي والرياض منحت المجلسَ التغطية الإقليمية اللازمة للذهاب بعيدا في تنفيذ نواياه المبيّتة ضد المتظاهرين، وضربِ النواة الصلبة لتطلعاتهم الديمقراطية والمدنية، ما يعني أن جلسات (مفاوضات؟) المجلس مع "قوى الحرية والتغيير" لم تكن أكثر من مناورةٍ لربح الوقت، وإنهاك الحراك، والبحث عن موارد سياسية ومالية خارجية، لتعزيز مواقعه داخل هيكل السلطة.
أدرك محور الثورة المضادة أن نجاح الحراك في سعيه إلى إقامة دولة ديمقراطية ومدنية تقطع مع ثلاثة عقود من الاستبداد والفساد، سيُحول الحالة السودانية إلى عدوى ديمقراطيةٍ مرشحةٍ للانتقال إلى مناطق أخرى في الإقليم، وبالضبط في اتجاه مصر، إحدى القلاع الرئيسية لهذا المحور، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية ضخّ روح جديدة في الشارع المصري، في ظل حالة الإفلاس الشامل التي وصل إليها نظام عبد الفتاح السيسي. وبذلك يصبح السودان، ضمن معادلات القوة والنفوذ الراهنة، بؤرةً جيو سياسيةً لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي، عبْر إفشال مخططات هذا المحور، وضربِ مشاريعه المعادية للديمقراطية، وتوسيع هامش الحركة أمام الحراك الشعبي في الجزائر والديمقراطية الفتية في تونس من ناحية، وتضييق الخناق أكثر على قوات خليفة حفتر في ليبيا من ناحية أخرى.
مسألة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وتتعلق بتوقيت الحراك السوداني ضمن ما يعرفه الإقليم من تحوّلات، أبرزها حالة الانسداد العسكري والميداني التي تواجهها أبو ظبي والرياض في اليمن، والمخاضُ الموازي الذي بدأ يتشكل رفضا لصفقة القرن، ذلك كله جعل الحراك السوداني مصدرَ إرباكٍ لمحور الثورة المضادة داخل معادلات النظام الإقليمي، وبالتالي كان لا بد من خطوةٍ لإجهاضه، مهما كلف ذلك من ثمن. ولذلك كان تمويل الثورة المضادة في السودان على رأس جدول أعمال زيارات رئيس المجلس العسكري ونائبه العواصم الثلاث المعلومة، بحيث يصبح تمويل الأخير ودعمه اقتصاديا وسياسيا في مقابل إجهاض الحراك الشعبي وتفكيك تحالفه الاجتماعي والسياسي الذي يستند إليه.
أصبح بقاءُ المجلس في السلطة مكلفا بعد مجزرة الاثنين الماضي، وما خلفته من ردود فعل دولية واسعة. وهذا المحور في وضع لا يُحسد عليه أمام الرأي العام العربي. ولا مبالغة في القول إن هجمته الشرسة، وغير المبرّرة، لإجهاض مشاريع التحول الديمقراطي وإقامة أنظمة مدنية يحكمها القانون جلبت له العارَ، ووضعت قادته ورموزه في مواجهة حكم التاريخ الذي لا يرحم.
بعد مجزرة فض الاعتصام، أصبحت أمام المعارضة السودانية، بمختلف أطيافها وتشكيلاتها، فرصة تاريخية لتوسيع قاعدتها الشعبية، واستيعاب فئات وشرائح اجتماعية أخرى، في أفق بناء تحالف وطني ديمقراطي واسع، قادر على تكثيف الضغط على المجلس العسكري وإسقاطه، مع ما يعنيه ذلك من إصابة المحور الثلاثي إياه في مقتل. وإذا ما قُيّض للحراك الجزائري أن يشقّ دروبا أخرى في سعيه إلى تفكيك نظام بوتفليقة، فقد يكون ذلك منعطفا حاسما في سيرورة المواجهة المفتوحة بين إرادة الشعوب العربية ومحور العار.