لم تعد النجومية حكراً على الممثلين والمغنين، فوسائل التواصل الاجتماعية والتقنيات الحديثة، أعطت المئات من المواهب مساحة حرة للتعبير عن موهبتهم بطريقة مغايرة، وتمكن مئات الشبان والشابات في العالم العربي من أن يصبحوا نجوم "سوشال ميديا".
باسم يوسف
في مصر مثلاً برزت هذه الظاهرة بشكل كبير، فمن السوشال ميديا، موقع "يوتيوب" تحديداً بدأ باسم يوسف طريقه، ليتحوّل بعدها إلى أشهر الإعلاميين الساخرين في العالم العربي، إثر انتقاله إلى شاشة التلفزيون. تجربة باسم يوسف التي استفادت من الجو السياسي المتحرك والسريع إبان الثورة المصرية والربيع العربي ككل، جعلت المادة التي يقدّمها مغرية للمشاهدين، خصوصاً أنه استفاد من ارتفاع هامش الحريات والسقف السياسي في تلك الفترة، قبل أن يدفع هو نفسه، ثمن الانخفاض السريع لهذا السقف داخل مصر، بعد انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 ويخرج من مصر بعد صدور قرار بملاحقته وتغريمه مبالغ طائلة.
على خطى باسم
نجاح باسم يوسف فتح الباب واسعاً أمام عدد من الشباب المصريين، ومن بين هؤلاء بشكل أساسي الشاب المصري أحمد أمين، الذي بدأ بتسجيل فيديوهات قصيرة ساخرة على "يوتيوب"، لينتقل بعدها إلى التلفزيون مع برنامجه "البلاتوه" الذي يلاقي حالياً نجاحاً كبيراً إلى جانب انتشار حلقاته وفقرات كثيرة منها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير. أيضاً نذكر برنامج "جو تيوب" الذي بدأ على الإنترنت، ليصبح له بعدها برنامجه الخاص على شبكة التلفزيون العربي بعنوان "جو شو" مخاطراً هو الآخر من خلال انتقاده الوضع السياسي في مصر، في ظل كل القمع المتواصل منذ الانقلاب.
في سورية
أما في سورية، فمنذ الثورة أيضاً انتشر شباب كثر يقدمون فيديوهات ساخرة من الوضع القائم، لكن تدهور الأوضاع واتخاذها طابعاً دموياً مجنوناً جعل هؤلاء يتراجعون واحداً تلو الآخر، وبقي أشهرهم الذي مازال يواصل نشر فيديوهاته، الشاب محمود الحمش، الذي أطلق منذ قرابة عامين فقرة شبه يومية بعنوان "محمود الحمش، باقي ويتدحكل"، وجذب بفيديوهات "السيلفي" التي يقدمها ملايين المتابعين.
وفي لقاء خاص للـ "العربي الجديد مع محمود الحمش، عرّف هذا الأخير بنفسه: "اسمي محمود الحمش، وأنا من مواليد دمشق 1997، ومقيم فيها حالياً، وأدرس إدارة الأعمال، وهوايتي إضحاك الناس لا أكثر... بدأت بممارسة هذه الهواية منذ سنتين، ولكن في الأشهر الستة الأولى لم يكن لدي عدد كبير من المتابعين، وكانت مشاهدات الفيديوهات محصورة بأفراد أسرتي وجيراني في الحي وأصدقائي في المدرسة. ولكن الوضع اختلف بعدها، فصفحتي على "فيسبوك" وصلت حتى اليوم إلى 16 مليون متابع، وحازت على إعجاب ربع مليون منهم". وما الذي يميزه وساعده على الشهرة والانتشار بهذه السرعة؟ يقول: "المحبة هي توفيق من رب العالمين، ولا يمكن فهم سببها. وأما الشهرة، فأظن أن شهرتي أتت من المواضيع التي اخترت الحديث عنها، وهي مواضيع حديثة تهم الناس، فأنا أتكلم عن هموم السوريين، ولكن بطريقة كوميدية، فالناس اليوم لا يضحكون على الأمور التي كانت تضحكهم في الماضي، ولا تجذبهم المواضيع القديمة والمستهلكة، وهم بحاجة إلى مواضيع من واقعهم الحالي. وأعتقد أيضاً، أن الناس يحبون ما أقدمه، لأنني لا أتناول المواضيع السياسية والدينية والعنصرية بشكل مباشر، فأنا أحاول ألا أخلق مادة كوميدية من خلال التجريح بالناس ومعتقداتهم، وأظن أنه من الجميل أن تبقى الكوميديا بعيدة عن السياسة والتطرف".
في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها سورية حالياً، لم تمرّ تجرية الحمش بسهولة، بل يوضح أنهّ تعرّض لعدد من التهديدات وواجه بعض المشاكل "لكن من دون أن يؤثّر ذلك على سلامتي أو على مسيرتي".
لا يعتبر الحمش نفسه "ستاند آب كوميديان"، "بل إن ما أقوم به "وان مان شو"، وهو يتقاطع مع شكل الـ"ستاند آب كوميدي"، ولكنني لم أقم بتجربة تقديم هذا النوع من الفن، ولا يعود سبب رفضي لهذا الشكل من الأداء إلى عدم قدرتي على أدائه، وإنما أنا اخترت الشكل الفني الأكثر قدرة على الوصول للناس".
عكس التجارب المصرية ينشر الحمش فيديوهاته بدقة ضعيفة، ومن دون استخدام حقيقي لوسائل التكنولوجيا التي قد تساعد بشكل كبير "منذ البداية، اخترت أن أنشر فيديوهاتي بدقة ضعيفة، ليتمكن السوريون أينما كانوا من متابعتها، ولا سيما الناس الموجودين داخل سورية، لأن الأنترنت هنا سيئ جداً. فالفيديوهات التي أقدمها مخصصة لأصحاب سرعات النت الضعيفة، وموجهة للجميع، وأتمنى أن يتمكن الجميع من مشاهدة فيديوهاتي دائماً". ويتابع عن طريقة وأماكن تصوير فيديوهاته: "أنا أقوم بنشر عروض خارجية، وأحياناً أقوم ببث مباشر من الشارع أو المكتب أو بالسيارة وغيرها. ولكن الغرفة هي الحلقة الأساسية بالنسبة لي، واخترت الخزانة القديمة لتكون خلفي في أغلب العروض، لأنها أكثر شيء يربطني بالبيئة البسيطة التي أعيش فيها". وعمّا إذا كان هناك إمكانية لنقل تجربته إلى الشاشة الصغيرة أو الكبيرة يوضح أنه بالفعل صوّر مسلسلاً لم يعرض بعد "أتمنى أن يكون دوري فيه مفاجأة للجميع، والمسلسل الذي شاركت فيه هو مسلسل اجتماعي كوميدي، ولكنني أفضل أن أؤجل التصريح بباقي التفاصيل وأن أحافظ على المفاجأة".