محمد كشّاح لم يعد تلميذاً

12 نوفمبر 2015
يعملُ نادلاً في أحد المقاهي (العربي الجديد)
+ الخط -

صمد محمد كشّاح طويلاً في سورية، قبل أن يضطر وعائلته إلى النزوح إلى لبنان، وتحديداً خلال الصيف الماضي، حين اعتقلت قوات النظام والده من مكان عمله، واقتادته إلى جهة مجهولة بسبب "تشابه في الأسماء". اليوم، يعملُ نادلاً في أحد المقاهي في مدينة صيدا (جنوب لبنان).

يقول كشّاح (11 عاماً) إنه ينحدر من منطقة داريا. حين وقعت الحرب، نزح وعائلته إلى منطقة كفرسوسة، حيث عمل والده في محل لتصليح السيارات. يذكر أنهم لم يحتاجوا إلى أحد كل هذه الفترة، إلى أن جاء إلى مكان عمل والده عناصر من النظام واقتادوه إلى جهة مجهولة. يضيف: "لا نعرف مصيره حتى اليوم، غير أننا على يقين من أنه اعتقل نتيجة تشابه أسماء. بعد فترة، أنذرنا عدد من الإرهابيين بإخلاء المكان الذي نسكنه لأنهم يريدون هدمه. فلم يكن أمامنا إلا النزوح إلى لبنان، وقد سكنا في مدينة صيدا".

يتابع كشّاح أنه اضطر إلى العمل في المقهى لتأمين دخل لأسرته، التي لم يكن لديها أي معيل. يقول إنه يجول بين الزبائن ويقدم لهم النراجيل، علماً بأنه كان متفوقاً في مدرسته في سورية. لم يكن يرغب في ترك الدراسة على الإطلاق، لكن الظروف الصعبة اضطرته إلى ذلك.

انقلبت حياة كشّاح رأساً على عقب، هو الذي كان مصراً على متابعة تحصيله العلمي. اليوم، بات مضطراً إلى العمل حتى ساعة متأخرة من الليل بهدف تأمين مصاريف عائلته (أمه وشقيقه وشقيقته). يبدو سعيداً لأن شقيقته (13 عاماً) ما زالت تتابع تعليمها. أما شقيقه، وهو في الرابعة من عمره، فيحتاج إلى رعاية واهتمام، علماً بأن أحداً لا يقدم لهم أية مساعدة. ولا تستطيع والدته ترك المنزل والبحث عن عمل، مما اضطره هو إلى التضحية وترك المدرسة، من أجل العمل. وها هو يعمل اليوم بكل ما لديه من طاقة لتأمين حاجات أسرته، بانتظار معرفة معلومات عن والده الذي تركه في سورية، أو انتهاء الحرب التي جعلتهم يتركون منزلهم وينزحون إلى بلد آخر، حتى يعودوا إلى بلدهم ومنزلهم الذي عاشوا فيه طويلاً.

وعلى الرغم من هذه المأساة التي فرضتها الحرب، ما زال كشاح قادراً على الابتسام في وجه الناس، وإن كانت عيناه تخفيان حزناً كبيراً بسبب القلق المستمر على والده، واضطراره إلى تحمل مسؤولية عائلة في عمر مبكّر. ما اختبره خلال الفترة الماضية لم يكن سهلاً. في البلد الجديد الذي نزح إليه، يأمل أن تنصفه الحياة. وتبقى أمنيته الأكبر انتهاء الحرب والعودة إلى بلده.

اقرأ أيضاً: أم محمد: العمل أفضل من الشحاتة
المساهمون