قصد محمد سخي، ابن قرية إمام صاحب في شمال أفغانستان المجاورة للحدود الطاجيكية ـ الأفغانية، باكستان قبل 35 عاماً، إبان الغزو السوفييتي لبلاده، برفقة والدته وأشقائه. اختبر مرارة العيش في مخيمات اللجوء على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وما زال يحلم بالعودة إلى أفغانستان، على الرغم من الأوضاع الأمنية الصعبة. لكنّ عداءه لأبناء عمّه يحول دون ذلك.
عندما توفي والده محمد علي قبل 36 عاماً، كان في العاشرة من عمره. بعد وفاته، غزت القوات الروسية أفغانستان، وكانت قرية إمام صاحب من أولى المناطق التي دخلت إليها، بحكم موقعها الجغرافي على الحدود مع طاجكستان، وعلى مقربة من معبر شيرخان الذي يفصل بين الدولتين.
يقول سخي إنّ والده توفي حين كان صغيراً. يضيف: "كنا نملك كثيراً من الأراضي، وكنت آمل في أن أدرس وأحقق حلم والدي. لكنّ الغزو السوفييتي دمّر أحلامي، حالي حال مئات الآلاف من أبناء شعبنا". اضطرّ سخي وأسرته إلى الخروج من القرية والتوجه إلى شرق أفغانستان (الحدود الأفغانية الباكستانية). بعدها، اجتازت العائلة الطرقات الوعرة للدخول إلى باكستان.
انتقلت هذه الأسرة من مخيّم إلى آخر، وماتت الوالدة ودفنت في الغربة. أما هو، فتزوج وأنجب تسعة أولاد، إلا أنه لم يتمكن من تعليمهم. كان يرغب وزوجته في أن يكون مستقبل أولاده أفضل، لكنّه يلفت إلى أنّ الرسوم المدرسية مرتفعة. يقول سخي إنّ "حالتنا المعيشية كانت جيدة قبل الانتقال إلى باكستان، وكنا نملك أراضي زراعية شاسعة. لكن بعد وفاة الوالد وبسبب الفوضى في البلاد وغيابنا عن أرضنا، استولى البعض على جزء من الأراضي، وتنازعت وأبناء عمّي على ما بقي منها".
أحياناً، يقصد قريته خفية، ومن دون أن يلاحظ أبناء عمه ذلك، لأخذ حقه من المحاصيل الزراعية، على حدّ قوله. وما يأخذه يساعده في تغطية بعض المصاريف.
اليوم، يقطن في إحدى ضواحي مدينة روالبندي، ويعمل في مهن مختلفة ويتقاضى 500 روبية باكستانية (خمسة دولارات أميركية) يومياً. يتمنى أن يعود إلى قريته، لكنّ الأمر يبدو صعباً في الوقت الحالي بسبب الوضع الأمني وعدائه لأبناء عمه. يقول إنّ السبب الثاني يقلقه أكثر من الأوّل. كذلك فإنّه لا يخشى على نفسه بقدر ما يخشى على أولاده ومستقبلهم.
وفي ما يتعلق بالعيش في باكستان، يشير إلى أنّ الوضع كان هادئاً نسبياً. إلا أنّ أرض باكستان لم تعد تتسع لنا، وهذا حال معظم الأفغان. يحكي عن معاناته في حال لم يدفع للشرطة، موضحاً أنّ "الشرطة تطلب المال منّا بمجرد معرفتها بأنّنا لاجئون".