محمد جعفر:المشاريع الصغيرة باتت محرك العديد من القطاعات الاقتصادية

28 ديسمبر 2015
الرئيس التنفيذي لشركة "طلبات دوت كوم" محمد جعفر
+ الخط -
قال الرئيس التنفيذي لشركة "طلبات دوت كوم" محمد جعفر "إن الاستثمار في المشاريع الصغرى يعتبر مفتاح النمو في المنطقة العربية في ظل الركود". واعتبر في مقابلة مع "العربي الجديد" أن نجاح المبادرات الفردية يدعم خطط التنمية في الوطن العربي.
وهنا نص المقابلة:

*كيف بدأت فكرة الاستثمار في موقع "طلبات دوت كوم"؟
بدأت فكرة الاستثمار في موقع "طلبات دوت كوم" في الكويت عن طريق الصدفة، وبالتعاون مع أحد المطاعم في منطقة السالمية الكويتية، إذ وضعنا إعلاناً في صحيفة محلية، نشير إلى إمكانية توفير طلبات الطعام إلى المنازل أو المكاتب عن طريق موقع إلكتروني، وهو الموقع الذي قمت بتأسيسه أي "طلبات دوت كوم" مقابل نحو ثلاثة ملايين دولار، ومن ثم تعاقدت مع عدد من الموظفين للرد على اتصالات العملاء. وخلال الأيام الأولى من إطلاق الموقع تعرضنا لضغوط كبيرة، أبرزها الانتقادات بسبب المبلغ الكبير الذي تم دفعه من أجل شراء موقع والدخول في مثل هذا الاستثمار، لكننا خلال فترة بسيطة أثبتنا نجاحنا، وتمكنا من تحقيق الأرباح.
ونشير هنا إلى أن موقع "طلبات دوت كوم" يلعب دور الوسيط بين المطاعم الموجودة في الكويت وغيرها من الدول الخليجية والعملاء، إذ يتيح للزبائن طلب الوجبة، ثم يُرسل الطلب مباشرة إلى المطاعم المقصودة لقاء نيل نسبة من ثمن الطلب.

*برأيكم هل نجح الموقع في تحقيق النتائج المرجوة منه بسرعة؟

في البداية تمكن موقع "طلبات دوت كوم" من استقبال نحو 50 طلباً في اليوم الواحد، ولم يكن الكادر البشري أكثر من 7 موظفين فقط يحاولون الرد على الطلبات في مكتب صغير في الكويت، مع الأيام ازدادت وتيرة العمل، حيث ارتفعت نسبة الطلبات في ضوء الثقة التي حصل عليها من العملاء، ما شجعنا على إطلاق تطبيق خاص على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، فتصاعدت وتيرة العمل، إلى أن وصل عدد الطلبات إلى نحو 30 ألف طلب يومياً من الكويت والسعودية وقطر وسلطنة عمان، في حين ارتفع عدد الموظفين إلى 191 موظفاً تقريباً، وقد تمكنا في فترة بسيطة من تحقيق أرباح، وبات الموقع من أهم المواقع العربية في تلبية وجبات الطعام.

*ما هو عدد المطاعم الموجودة في قائمة موقع "طلبات دوت كوم"؟ وكيف يتم التعاقد مع هذه المطاعم؟
في البداية، لم يكن عدد المطاعم يتجاوز أكثر من 20 مطعماً، ووصل اليوم العدد إلى 1500 مطعم في جميع أنحاء الخليج، ويستقبل الموقع نحو 30 ألف طلب يومياً، ما يجعل منه الموقع الأكثر استقبالاً للطلبات في المنطقة والعالم العربي، وبفضل فريق العمل تمكنا من جذب العديد من المطاعم في الخليج.

*استطعتم كفريق تأسيس موقع ناجح في فترة زمنية بسيطة، فلماذا قمتم ببيع الموقع إلى شركة ألمانية؟
أولاً، بدأ التواصل مع شركة "رويكت إنترنت" الألمانية بطريقة عفوية، إذ تلقينا رسالة من جانبهم تفيد أنهم يرغبون بزيارة مقر الشركة، والتعرف على مهام العمل، ثم قام فريق من الشركة الألمانية بزيارتنا في الكويت، عارضاً شراء موقع "طلبات دوت كوم" مقابل 100 مليون دولار تقريباً، وبعد مفاوضات، وصل المبلغ إلى 170 مليون دولار بشرط أن نحتفظ بنسبة 20% من حصة الشركة، وأن يتم الاحتفاظ بكامل فريق العمل. كما أن الشركة الألمانية أعلنت أنها ستقوم بإدراج الموقع في البورصة الألمانية، ما يعني أننا وصلنا إلى العالمية.

*هل تعتبرون أن الاستثمار في التجارة الإلكترونية بات من الاستثمارات الناجحة ذات العائدات المالية المرتفعة؟
بدأ الاستثمار في مجال التجارة الإلكترونية يشهد نشاطاً كبيراً في الفترة الأخيرة، حيث تعتبر التجارة الإلكترونية اليوم البوابة لتحقيق الأرباح في ظل الاعتماد الكبير والانتشار الكبير للأجهزة الذكية في الخليج، والتي تقدر بنحو ضعفي عدد السكان أي أنه هناك أكثر من 50 مليون جهاز ذكي تعمل في جميع العواصم والمدن الخليجية، وعليه فإن الاستثمار في هذا المجال من أكثر الاستثمارات نجاحاً.
ونشير هنا إلى أن الثقة بالنجاح، والتعاون بين أفراد فريق العمل، عوامل تساهم في تحقيق النتائج المرجوة خلال فترة قصيرة، كما أن التعامل الجيد مع العملاء، والسرعة في تلبية احتياجاتهم تساعد على كسب الثقة، وتؤدي بالتالي إلى رفع المبيعات، خصوصاً أن السوق الخليجية تعتمد على الدلالة، بمعنى أن المواطنين يقومون بإخبار بعضهم عن أي تطبيقات جديدة، وبالتالي ينتشر الموقع أو التطبيق بين فئات المجتمع بسرعة، أي أن آليات تسويق الأفكار والأعمال تعتمد على المواطنين بالدرجة الأولى.

*تتناول العديد من الدراسات أهمية المشاريع الصغرى في تنمية الاقتصاد، كيف تقيمون هذا الواقع؟
تظهر الأرقام التي تصدرها المنظمات العالمية أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة باتت اليوم المحرك للعديد من القطاعات الاقتصادية. في الكويت وصل عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة حتى نهاية عام 2014 إلى نحو 25 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة الحجم، تستأثر بحصة كبيرة في جميع القطاعات وتعد المساهم الرئيسي في النشاط الاقتصادي.
ولا بد من الإشارة إلى أن التجارة الإلكترونية اليوم تستحوذ على حصة الأسد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة. إذ تشهد هذه التجارة ازدهاراً كبيراً في ظل النمو الكبير في عدد المستخدمين للهواتف الذكية وشبكة الإنترنت في جميع أنحاء العالم.

*تعتبرون من المستثمرين الشباب الذين حققوا نجاحاً في عالم التجارة الإلكترونية، ما هي النصائح التي يمكن تقديمها إلى المستثمرين الشباب اليوم؟

لا بد أن يقوم الشباب بمبادرات من أجل إثبات كفاءتهم، والتأني قبل اختيار القطاع أو المهنة التي يريدون العمل بها، ومن هنا يجب على الطلاب اليوم الابتعاد عن التفكير بالوظيفة الحكومية، والتركيز على العمل الحر الذي يساعد على تنمية قدرات الفرد، ويساعده على بناء شخصيته وإثبات حضوره، ويجعل منه مساهماً في النشاط الاقتصادي في الدولة، وأعتقد أن هذه الأمور من الأساسيات التي تساعد الشباب الولوج في عالم ريادة الأعمال.

*كيف تنظرون إلى الاستثمار بشكل عام في المنطقة العربية؟
لا شك في أن المتابع للاستثمارات القائمة في المنطقة، يرى أن الإقبال اليوم يقوم على المشاريع الصغيرة من جهة، وعلى القطاع العقاري من جهة أخرى، في حين يهرب المستثمرون من البورصة، والمضاربة بأسعار النفط بعدما وصل سعر برميل النفط إلى أدنى مستوياته منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية في العام 2008.
في الخليج، يتطلع القطاع الخاص إلى تحقيق العائدات المالية العالية، إذ يقوم رجال الأعمال والمستثمرين الكبار بضخ جزء من أموالهم خارج المنطقة، خصوصاً في المناطق البعيدة عن التوترات الأمنية، والتي تتمتع بمناخ هادئ وهدوء كبير من أجل تحقيق أرباحاً عالية في جميع القطاعات.

*برأيكم هل يستطيع القطاع الخاص قيادة وتنمية اقتصاد الخليج؟
من المؤكد أن القطاع الخاص اليوم يلعب دوراً رئيسياً في تنمية الاقتصادات، خاصة في ظل خطط التنويع الاقتصادي المتبعة من قبل الحكومات، والابتعاد عن النفط. منذ سنوات بدأ القطاع الخاص يتولى زمام تمويل المشاريع الكبرى في الدولة، خصوصاً من قبل المصارف، والشركات المالية والاستثمارية، ومن هنا نرى أن القطاع الخاص قادر على قيادة الاقتصاد الخليجي في ظل الخطط التنموية المقبلة، واستضافة العديد من الفعاليات الاقتصادية في السنوات القليلة المقبلة مثل "إكسبو 2020"، وبطولة "كأس العالم 2022"، وغيرها من المؤتمرات العالمية.

*هل تدعم الحكومات العربية بما يكفي أصحاب المشاريع الصغيرة؟
كما ذكرت، تعتبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة اليوم مساهماً فعالاً في النشاط الاقتصادي في الخليج والمنطقة، وهو ما يعود إلى القدرات الفنية التي يملكها الشباب، وتلقيهم الدراسات العليا في الدول الأجنبية.
ولا بد من الإشارة إلى أن المسؤولين في الجهات الحكومية على يقين تام بأن المشاريع الصغيرة وحدها اليوم قادرة على تخليصها من عبئ تأمين الوظائف للشباب في القطاع الحكومي، الذي لا شك سيتأثر بشكل كبير مع الانخفاض المتواصل في أسعار النفط في جميع الدول الخليجية.
ولذا عمدت حكومات عربية إلى تأمين الدعم اللازم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أبرز الأمثلة على ذلك، تأسيس الكويت لصندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يتولى تأسيس جزء كبير من قيمة المشاريع للشباب الكويتي، وقيام قطر بإنشاء جهاز خاص يدعم ويمول المشاريع الصغيرة وإرسال الشباب للمشاركة في دورات تدريبية في المؤسسات العالمية، فضلاً عن اعتماد السلطات في المملكة العربية السعودية على الشباب في قيادة وتنفيذ المشاريع الكبرى في جميع المناطق.
ونحن نرى أن الانخفاض المستمر في الإيرادات النفطية، سيساهم في زيادة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن دعم وإقناع الشباب بتأسيس مشاريعهم الخاصة في الفترة المقبلة، سعياً لزيادة تنويع الدخل والناتج المحلي.

*برأيكم هل تمتلك المنطقة العربية الوسائل الأساسية التي تجعلها قادرة على خوض غمار المشاريع التكنولوجية؟
في السنوات الماضية، شهدنا تطوراً تكنولوجياً كبيراً، جعل العالم كله قرية كونية واحدة، وفي الآونة الأخيرة بتنا نرى العديد من الشركات العاملة في المنطقة تقوم باستيراد التقنيات الحديثة من الشركات العالمية، وذلك لافتقارها القدرة على تصنيع التكنولوجيا، ولذا أعتقد أن مشاريع التكنولوجيا باتت اليوم من أساسيات الاقتصاد العالمي، ونحن في المنطقة العربية، نمتلك القدرات المالية الكبيرة التي تساعدنا لتطوير هذه الصناعات، كما أننا نمتلك الكادر البشري، ولذا فإن المطلوب من الحكومات تشجيع المواطنين لخوض غمار هذه المشاريع، وتشجيع المبادرات الشبابية.

اقرأ أيضاً:محمد الطويل:شركات التكنولوجيا تتنافس على السوق الكويتية 
المساهمون