لفت المصوّر السوري محمد بدرا، الأنظار خلال العام الحالي، بسبب أعماله في سورية. إذ منحته مجلة "تايم" الأميركية، أخيراً، لقب "مصوّر العام 2016"، وحاز جائزة "مصوّر صحافي شاب" ضمن جوائز "بايو-كالفادوس"، في وقت سابق من هذا العام.
وُلد بدرا (26 عاماً) في مدينة دوما السورية، في ريف دمشق. والتحق، في عام 2009، بكلية الهندسة المعمارية في دمشق، من أجل "تحقيق حلمه". كان في سنته الجامعية الثالثة عندما بدأت الثورة السورية في عام 2011، واعتُقل الكثير من أصدقائه من دون سبب، وفقاً له.
اضطُر لاحقاً إلى ترك دراسته مع تحوّل الثورة إلى صراع مسلح، وبدأ بالتقاط الصور في عام 2012، بالتوازي مع عمله في الفرع المحلي للهلال الأحمر، قبل أن يعمل لصالح وكالة "رويترز".
حول عمله كمسعفٍ، قال بدرا لـ"العربي الجديد"، إن "العمل الإسعافي صعب. تعبت وأرهقت نفسيّتي أمام مشاهد الأشلاء المتناثرة بين خرق القماش بعد كل مجزرة"، في حديث معه قبل عامين.
وأضاف: "أذكر خاتم إحداهنّ، لايزال معلقاً بذاكرتي، كتَعلُّقه بحجِره الفيروزي المغطى بالدم والغبار بالقرب من باب المشفى الميداني".
أمّا عن عمله كمصوّر، فقد صرّح بدرا لـ"تايم" بأن "التصوير وجه من وجوه الهندسة المعمارية". وأضاف "شعرت بأنني على قيد الحياة من جديد، الكاميرا ستكون قلمي".
وقال "ربما تستطيع صورة واحدة أن توقف الحرب"، مضيفاً: "أحتاج إلى تسجيل وتوثيق حاضر البلاد، لأنه سيصبح تاريخها لاحقاً، سأستمر في العمل حتى لو لم يكن ذلك مفيداً في الماضي، أتمنى أن يساعد عملي في المستقبل، حين تكون السماء صافية والأسلحة صامتة، عندما ينتهي الحصار وتبدأ إعادة الإعمار، عندما تجتمع العائلات معاً من جديد".
وكانت النقلة النوعية في مسيرة بدرا المهنية كمصوّر، عندما ترك العمل مع "رويترز"، وانتقل إلى "وكالة الصور الأوروبية" (EPA) في عام 2013. منذ ذلك الوقت، بدأ بدرا بالتركيز على البُعد الإنساني في الصراع السوري، وتأثير الحرب في حياة المدنيين، عوضاً عن نقل صور الدمار والإصابات والحرب. وركز، في العام الماضي تحديداً، على صور الأطفال في الغوطة الشرقية.
وأشارت "تايم"، في بيان لها، إلى أنها اختارت بدرا، بسبب عاطفية وأهمية عمله، بالإضافة إلى مهاراته والتزامه الذي لا يتزعزع في مواجهة المصاعب. علماً أنه محاصر في مدينته دوما من قبل النظام السوري، لكنه ينتقل إلى مناطق المعارضة القريبة، عندما يسمح له الوضع الأمني.
ورأت "تايم" أن بدرا، الذي فرّقت الحرب عائلته، قضى العام الماضي كشاهد على الفظائع المروعة وتأثير الحرب اليومية على المجتمعات المحلية.
ولفتت المجلة إلى أنها تهدف إلى تسليط الضوء على المصاعب التي تواجه المصورين الصحافيين في سورية، مشددة على أن "مهنتهم تاريخية"، كما أن صورهم تعتبر "شاهداً" على ما يجري في البلاد.
(العربي الجديد)