قضت محكمة النقض المصرية، اليوم الإثنين، برفض الطعون المقدمة من المحكوم عليهم بالإعدام، والسجن من 3 سنوات إلى 15 سنة، وذلك في إعادة محاكمة المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"مذبحة بورسعيد"، وأيّدت المحكمة الأحكام الصادرة لتكون أحكاماً نهائية.
ووقعت "مذبحة بورسعيد" في الأول من فبراير/شباط 2012، في استاد بورسعيد، وراح ضحيتها 74 من مشجعي النادي الأهلي المعروفين باسم "الأولتراس الأهلاوي"، أثناء مباراة كرة القدم بين الأهلي والمصري البورسعيدي.
واستمعت المحكمة، خلال الجلسات الماضية، إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين، والتي طالبت فيها بقبول الطعون استناداً على الأسباب المقدمة في مذكرة الطعن المقدمة منهم على الحكم، واستناداً أيضاً لرأي نيابة النقض الاستشاري، التي أوصت فيه بقبول الطعن.
كما استمعت المحكمة لرأي نيابة النقض الاستشاري، والتي أوصت فيه بعدم جواز الطعن بالنسبة لـ 8 متهمين، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع، بإعادة محاكمة المتهمين في القضية، على أن تتصدى لها محكمة النقض، وتحدد لها جلسة لنظرها بنفسها نظراً موضوعياً.
واستمعت المحكمة للدفاع الذي طالب بنقض الحكم كاملاً بالنسبة لجميع المتهمين، والحكم بالبراءة أو بقبول الطعن، وتحول محكمة النقض إلى دائرة موضوع لنظر القضية.
وكانت محكمة جنايات بورسعيد "حكم ثاني درجة" قد قضت بإعدام 11 متهماً، وبالسجن لمدة 15 عاماً بحق 10 متهمين، وبسجن 14 متهماً 10 سنوات، وسجن 11 متهماً 5 سنوات، و4 متهمين وهم القيادات الشرطية، بالسجن 5 سنوات وسجن متهم عاماً، وبراءة 22 متهماً آخرين مما نُسب إليهم، وذلك في إعادة محاكمة المتهمين في قضية "مذبحة بورسعيد".
وكان وقتها تعاد محاكمة 73 متهماً في القضية، على رأسهم 9 قيادات أمنية ببورسعيد، و3 من مسؤولي النادي المصري، لاتهامهم بقتل 74 من جماهير النادي الأهلي، عقب نهاية مبارة الدوري بين فريقي الأهلي والمصري.
وكانت محكمة الجنايات "أول درجة"، أصدرت أحكاماً بمعاقبة 21 متهماً بالإعدام شنقاً، وبالسجن المؤبد 25 عاماً لخمسة متهمين، والسجن 15 عاماً لعشرة آخرين، والسجن 10 سنوات لستة متهمين، وخمس سنوات لمتهمين اثنين، وسنة مع الشغل لمتهم.
كما قبلت المحكمة طعن النيابة العامة على براءة 28 آخرين من بينهم قيادات الشرطة، إلا أن محكمة النقض قبلت طعنهم وقررت إعادة محاكمتهم من جديد.
وفضحت التحقيقات قصور الموقف الأمني المتعمد، إذ أظهر حالة من "اللامبالاة" قبل بداية المباراة، ولم يكن على المستوى الأمني المطلوب، على الرغم من أن هناك معلومات أوّلية لدى القيادات الأمنية ببورسعيد، تشير إلى وجود احتقان ما بين جماهير الأهلي وجماهير النادي المصري.
وأظهرت التحقيقات أنه تم فتح الشوارع المؤدية إلى استاد للمرور، على الرغم من اعتياد الأمن في المرات السابقة على إغلاقها قبل المباريات بساعات. ولم يتم التفتيش الوقائي للجماهير وزوار الاستاد الذين حضروا لمشاهدة المباراة، كما لم يتم التأكد من حملهم تذاكر المباراة أو كارنيهات العضوية، ولم يعِر الأمن أي اهتمام للداخلين من بوابات الاستاد، وتم تخفيف الحراسة على المباراة عمّا كان يحدث في السابق، وأن سيارات الأمن المركزي على أطراف المدينة كانت خالية من أي قوات.
وجاءت شهادة أحد الأفراد من المقيمين ببيت شباب بورسعيد المواجه لبوابة الاستاد، أنه رصد القيادات الأمنية المسؤولة عن تأمين المباراة والمدينة، أنهم كانوا موجودين في بيت الشباب أثناء المباراة، وبعد وقوع الاشتباكات بقوا في أماكنهم دون أن يحركوا ساكناً، وظلوا "يحتسون الشاي ويشاهدون المباراة من خلال شاشة التلفاز"، وفقاً لنص الشهادة.
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين من القيادات الأمنية، وهم مدير الأمن ومساعدوه وقائد الأمن المركزي ومدير عام النادي المصري، ومسؤول الأمن بالنادي، ومشرف الإضاءة، باشتراكهم مع بقية المتهمين وآخرين مجهولين في قتل المجني عليهم، إذ علموا أن هؤلاء المتهمين قد بيّتوا النية وعقدوا العزم على الاعتداء على جمهور النادي الأهلي "الأولترس"، وتيقنوا من ذلك.
وسهل المتهمون دخول الجناة، استاد بورسعيد بأعداد غفيرة تزيد على العدد المقرر لهم، دون تفتيشهم لضبط ما كانوا يحملونه من أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع، ومواد مفرقعة وأدوات أخرى، مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وسمحوا بتواجدهم في مضمار الملعب وفي مدرج قريب جداً من مدرج جمهور النادي الأهلي، على الرغم من علمهم بأنهم من أرباب السوابق الإجرامية.
وذكرت النيابة أن المتهمين من قوات الشرطة أحجموا، كل في ما يخصه، عن مباشرة الواجبات التي يفرض الدستور والقانون القيام بها لحفظ النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال ومنع وقوع الجرائم، بينما قام متهم آخر وهو مشرف الإضاءة بالنادي المصري البورسعيدي بإطفاء كشافات إضاءة الملعب، لتمكين المتهمين من ارتكاب جريمتهم.
وأكد المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد ورئيس المكتب الفني، وقتها، أن النيابة العامة تولت التحقيق في القضية، منذ بدايتها وحتى نهايتها، بإحالتها إلى محكمة الجنايات، وتولى التحقيق فيها المستشار، مجدي الديب، المحامي العام الأول لنيابات مدن القناة، والمستشار سامي عديلة المحامي العام لنيابات بورسعيد، وفريق من النيابة العامة.
وأضاف، أنه انتقل مع النائب العام السابق، المستشار عبدالمجيد محمود، وفريق من النيابة لمباشرة التحقيق تحت إشرافهما المباشر، وأن النائب العام وقتها أمر بالتحفظ على غرفة التحكم المركزية في استاد بورسعيد، والتي تتضمن 12 شاشة عرض تتحكم في 32 كاميرا تصوير، ما بين ثابتة ومتحركة، ونقلت أحداث المباراة وكافة وقائعها وتسجيلها.
وذكر أنه تم التحفظ على الشاشات، وتفريغها بمعرفة الفنيين المختصين، الذين انتدبتهم النيابة، وتبين من الاطلاع على محتوياتها من جانب أعضاء النيابة العامة أنها تحتوي على مشاهد ولقطات مصورة، تتضمن أدلة قاطعة بإدانة المتهمين لحظة ارتكاب الجريمة، والتقصير الأمني المتعمد الواضح بالقضية، مما استوجب إدخال عدد من القيادات الأمنية بالقضية كمتهمين وحصلوا على أحكام قضائية بإدانتهم من محكمة الجنايات.
كما أسندت النيابة العامة إلى المتهمين "المدنيين"، اتهامات بارتكاب جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار، والترصد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه، بأن قام المتهمون بتبييت النية وعقد العزم على قتل بعض جمهور فريق النادي الأهلي، انتقامًا منهم لخلافات سابقة واستعراضاً للقوة أمامهم، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة وقطعاً من الحجارة وأدوات أخرى، مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وتربصوا لهم فى استاد بورسعيد الذي أيقنوا سلفاً قدومهم إليه، ووقعت الجريمة بناء على مساعدة من القيادات الأمنية المتورطة في الأحداث.