محكمة العدل الأوروبية: اتفاق الصيد البحري مع المغرب مشروط

27 فبراير 2018
سفن الصيد المغربية ممنوعة من الصيد بالأقاليم الجنوبية (GETTY)
+ الخط -

 

أصدرت محكمة العدل الأوروبية، اليوم الثلاثاء، حكمها في قضية اتفاق الصيد البحري الذي يبرمه الاتحاد الأوروبي مع المغرب، وهو الحكم الذي انتظره المغرب منذ مدة طويلة.

وقالت المحكمة في الحكم الصادر اليوم، إن اتفاق الصيد البحري، الذي يبرمه الاتحاد الأوروبي مع المغرب، يكون ساري المفعول، ما لم يشمل الأقاليم الجنوبية، وهو ما يعد قراراً مخيباً لآمال المغرب، حيث كانت المملكة تأمل أن لا يصدر حكم يستثني أقاليمه الجنوبية من اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي.

وحسب مراقبين من المتوقع أن يفتح الحكم الباب أمام تطورات ربما تكون سلبية في العلاقات المغربية الأوروبية.

وأصدر محكمة العدل الأوروبية، اليوم الثلاثاء، حكمها نهائياً بشأن تجديد الاتفاقية من عدمه، بناء على دعوى تقدم بها مكتب محاماة يمثل "حملة الصحراء الغربية"، وهي منظمة بريطانية غير حكومية.

وكان المغرب أوقف في 25 فبراير/شباط 2016 الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي، رداً على حكم أولي لمحكمة العدل الأوروبية في ديسمبر/كانون الأول 2015، بإلغاء اتفاقية تبادل المنتجات الزراعية والصيد البحري بين الجانبين، لتضمنها منتجات إقليم الصحراء المتنازع عليه بين المملكة وجبهة (بوليساريو).

وقررت الرباط في الشهر التالي استئناف الاتصالات مع بروكسل، بعدما تلقت المملكة تطمينات بإعادة الأمور إلى نصابها.

وتسمح هذه الاتفاقية للسفن الأوروبية بدخول منطقة الصيد الأطلسية للمغرب، مقابل 30 مليون يورو سنوياً يدفعها الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى 10 ملايين يورو مساهمة من أصحاب السفن.

ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 2014 لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، تنتهي يوم 14 يوليو/ تموز المقبل.

وكلف وزراء الفلاحة والصيد البحري في دول الاتحاد الأوروبي الـ28، الاثنين الماضي، المفوضية الأوروبية بالتفاوض حول تجديد اتفاقية الصيد من جانب دول الاتحاد في المياه الإقليمة المغربية.

وبسبب هذه الاتفاقية، تقف الرباط وبروكسل على مفترق طرق، ما يفتح الباب أمام أي تطورات محتملة في العلاقة بين الجانبين.

وقبيل صدور حكم المحكمة، رأى أكاديميان مغربيان مختصان في العلاقات الدولية، أن الاتحاد الأوروبي سيجدد الاتفاقية، ربما مع إدخال تعديلات طفيفة، لأنه سيكون أكبر متضرر في حال عدم تجديدها، خاصة لكونه يحتاج المغرب في قضايا ملحة.

وكلما انطلقت المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشأن هذه الاتفاقية، ترفع "البوليساريو" ورقة استغلال الثروات الطبيعية للصحراء، للاعتراض على استيراد الأسماك من المياه الإقليمية للصحراء.

وفي 17 يناير/كانون الثاني الماضي، دعا المحامي العام الأوروبي ميلشيور واتليت، وهو أحد تسعة مستشارين يقدمون الرأي القانوني للمحكمة الأوروبية، إلى إلغاء الاتفاقية لأنها تتضمن إقليم الصحراء.

المستفيد الأكبر

واعتبر سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية أن "عدم تجديد الاتفاقية لن يضر المغرب وحده، بل سيضر أيضاً دول الاتحاد الأوروبي، فهذه الدول ولا سيما إسبانيا، هي المستفيد الأكبر من هذه الاتفاقية اقتصادياً واجتماعياً".

وأوضح أن: "دول الاتحاد ذات المصلحة ستتفاوض مع المغرب على تعديل طفيف في صيغة بعض بنود الاتفاقية، لتنسجم مع منطوق الحكم، دون المساس بالسيادة المغربية على الإقليم.. وسيكون هذا هو الخيار الواقعي الذي سيفضله الطرفان".

وشدد الصديقي على أن "المغرب يمتلك نقاط قوة كثيرة ترجح كفة تجديد الاتفاقية، أهمها أن الاتحاد لا يزال في أمس الحاجة إلى تعاون الرباط، خاصة في قضايا الهجرة غير الشرعية، وأمن الحدود ومحاربة الإرهاب، إضافة إلى الدعم الذي يحظى به من حلفائه في الاتحاد، وخاصة فرنسا".

المصالح المتبادلة

من جانبه قال سعد الركراكي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس (حكومية) بالعاصمة الرباط، إن "قرار المحكمة الأوروبية إذا عاكس تجديد الاتفاقية سيكون غير ملزم للاتحاد الأوروبي".

وأردف الركراكي، أن "الاتحاد سيمضي في اتجاه تجديد الاتفاقية، ولن يأخذ بعين الاعتبار قرار المحكمة النهائي إذا لم يراع (القرار) مصلحة الاتحاد في الاتفاقية، فالمسألة سياسية وليست قانونية".

ودعا المغرب إلى "استثمار علاقته الوطيدة بدول أوروبية بعينها، والقائمة على المصالح المتبادلة".

ولفت إلى أن "إسبانيا كمثال لن تقف مكتوفة الأيدي أمام عدم تجديد الاتفاقية مع المغرب، ولو اضطرت إلى إبرام اتفاقية صيد ثنائية مع المملكة".

وتهم الاتفاقية نحو 120 سفينة صيد (80% منها إسبانية) ‏تمثل 11 دولة أوروبية، وهي: إسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وليتوانيا، ولاتفيا، وهولندا، وآيرلندا، وبولونيا، وبريطانيا.

وتستخرج هذه السفن من المياه المغربية 83 ألف طن سمك سنوياً، تمثل 5.6 % من ‏مجموع صيد الأسماك في كل المياه المغربية.

وأجرت مديرية الشؤون البحرية التابعة للمفوضية الأوروبية دراسة حول الآثار الإيجابية للاتفاقية، كشفت عن استفادة جهتي "الداخلة ـ وادي الذهب" ‏و"العيون ـ الساقية الحمراء" المغربيتين من 66 % من مجموع العائد المالي السنوي للمغرب من الاتفاقية.

وبدأ النزاع بين الرباط و"البوليساريو" على الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني للمنطقة، وتحول الأمر إلى صرع مسلح حتى عام 1991، حيث توقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتصرّ الرباط على أحقيتها في الإقليم، وتقترح كحل حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، فيما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئين فارين من الإقليم، بعد استعادة المغرب له إثر انتهاء الاحتلال الإسباني.‎


(العربي الجديد، الأناضول)