محاكمة صحفيي الجزيرة: النفاق الغربي حيال مصر

26 يونيو 2014
محتجون على الاحكام خارج الملحقية العسكرية المصرية بواشنطن (Getty)
+ الخط -


تصدّر موضوع الحكم على صحفيي الجزيرة الإنجليزية الثلاثة عناوين أبرز الصحف العالمية. التي انتقدت الحكم وعشوائيته، وغياب الأدلة، وتعامل العالم مع الحكم من منظور "النفاق" بين الدول.

وأفردت صحيفة "ذي جارديان" عدة مقالات حول هذه القضية. وتناولت الصحيفة اليوم الأربعاء قضية صحفي آخر في مصر منسي من قبل الإعلام، هو المصور محمود أبو زيد المعروف باسم "شوكان"، الذي كان يعمل لحساب وكالة صحفية للصور في لندن. وتم اعتقاله منذ عشرة أشهر، دون توجيه تهم قضائية محددة. وكان عمله بالأساس هو تغطية الحياة الثقافية في مصر من مهرجانات وغيرها. لكنه بعد "الربيع العربي" طلب منه تغطية مظاهرات ميدان التحرير، حيث قبض عليه مع مصور فرنسي وآخر أميركي، افرج عنهما لاحقا، بينما استمر حبس شوكان باعتباره "من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين".

ونشرت الصحيفة مقالا مميزا لمراسلها في القاهرة، بعنوان "الأخطاء الستة في محاكمة صحفيي الجزيرة (كانت ذي جارديان هي الصحيفة الوحيدة التي حضرت جميع الجلسات)، بدأه بالاشارة الى أن منظمة العفو الدولية علقت على المحاكمة بقولها "ان الادعاء فشل في إيجاد دليل واحد دامغ".

أما الأخطاء الـ6 التي ساقها المقال فجاءت كالآتي:

1- انهيار المطالب الرئيسية للادعاء: وذلك لأن الاتهام الرئيسي بُني على شهادة خبراء من التلفزيون الحكومي قالوا ان عمل الصحفيين يهدد الأمن القومي. وبمناقشتهم في هذا الامر تراجعوا عن شهادتهم ما جعل المحاكمة بلا أي سبب حقيقي.

2- عدم وجود أدلة ذات صلة بالقضية: لقد قامت النيابة باستخدام العديد من الفيديوهات التي كانت موجودة على أجهزة الحاسوب الشخصية للمتهمين، والتي عند استعراضها ثبت انها غير ذات صلة على الاطلاق وأنها كلها اغانٍ وأفلام تسجيلية.

3- اتهام اشخاص ليسوا ذوي صلة بالقضية: وذلك لزيادة الإحساس بالمؤامرة فتم إضافة أسماء اشخاص مثل الطلبة الستة الذين ليس لهم صلة بطاقم الجزيرة، والمراسلة الهولندية التي جرّها حظها العاثر للقاء محمد فهمي قبيل أيام قليلة من القبض عليه. ولولا القدر لقبض عليها. ولكنها تمكنت من مغادرة مصر بسبب خطأ في الإجراءات.

4- الاعتماد على الأدلة غير المفهومة: والتي تمثلت في تسجيلات مقتطعة من سياقها، والصوت فيها رديء للغاية، حتى ان القاضي اشتكى من انه لم يفهم شيئا منها.

5- الاعتماد على الأدلة غير الملحوظة: مثل الاعتماد على مقابلات تلفزيونية مع مختلف الشخصيات السياسية، مما يدل على أن الصحفيين كانوا موضوعيين وانهم لم يكونوا متحيزين للإخوان المسلمين.

6- منع محامي الدفاع من الاطلاع على الأدلة: وهو الامر الذي أدى الى عجز الدفاع عن مناقشة القاضي في هذه الأدلة. وعندما أصرّ الدفاع على الاطلاع على الأدلة، طلب منهم دفع مبلغ مليون جنيه مصري.

لا تتركونا وحدنا

ونشرت الصحيفة مقالا تضمّن رسالة قصيرة من الصحفي الأسترالي المحكوم بيتر غريسته، نقلها أخوه مايك غريسته الذي التقى به وبزميليه الآخرين اثناء ترحيلهم الى سجن المزرعة بعد الحبس الانفرادي الذي وضعوا فيه. وقد ناشد بيتر العالم وجميع الصحفيين في هذه الرسالة ألا ينسوا قضيتهم، لأن ذلك أمر "لا يدعمنا معنويا فقط، بل ويضمن سلامتنا أيضا".

وفي المقال نقل لكلام عادل فهمي شقيق الصحافي المشمول بحكم الحبس، محمد فهمي، ان أخيه لن يستأنف الحكم ولم يذكر الأسباب وراء ذلك، وقال إنه لا يزال يبتسم وبمعنويات جيدة، ويؤمن بأن أمرا ايجابيا سيتحقق. بينما تقول عائلة غريسته ان ابنهم يفكر في الاستئناف وان لم يحسم امره في ذلك بعد.

ويقول المقال أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد أعلن انه لن يصدر أحكاما بالعفو عن الصحفيين، إلا أن مصدرا رئاسيا صرح لاحقا، بأن الرئيس لا يمكنه قانونيا أن يفعل ذلك، قبل انقضاء فترة الاستئناف.

ونشر موقع "ذي جارديان" مقالا للكاتب جرين سليد، بعنوان "النظام المصري يأخذ ثلاثة صحفيين رهائن"، قال كاتبه أن التهم ملفقة والصحفيين لم يخالفوا القانون، بل ان السبب وراء الحكم هو تخويف الصحفيين من العمل في مصر. والحقيقة هي انه لا توجد حرية صحافة في مصر ولا توجد حرية تعبير، وان جميع الحريات مهددة الآن في مصر.

وتابع أن الحكم "يعد فضيحة بكل المقاييس، وانه مهزلة قضائية في بلد لا يهتم أحد فيه بالعدالة".

ونشرت "الصحيفة البريطانية ذاتها، مقاطع فيديو على موقعها للعديد من الوقفات الصامتة التي نظمها الصحفيون في مختلف انحاء العالم احتجاجا على حبس صحفيي الجزيرة.

بريطانيا مستمرة في دعم الحريات

صحيفة "تلغراف" البريطانية نشرت تقريرا يقول: "المملكة المتحدة مستمرة في اعطاء الدعم المالي للمؤسسات التي تدعم حرية الصحافة في مصر، رغم حبس الصحفيين". فقد أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، أنها مستمرة في دعم برامج تهدف إلى دعم حرية الصحافة في مصر، في إطار مبادرة صندوق الشراكة العربية الذي تم انشاؤه في اعقاب الربيع العربي.

وقد تركزت المبادرة على دعم المشاركة السياسية، وحرية وسائل الإعلام، وإيجاد فرص اقتصادية أكثر عدالة، وسيادة القانون. وجاء في بيان وزارة الخارجية البريطانية أن "الأحداث التي وقعت مؤخرا في مصر لا تؤثر على التزام المملكة المتحدة بدعم شعب مصر، فعملنا في "الشراكة العربية" يستهدف خدمة الشعب المصري، ودعم تطلعاته للفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية والحرية والحقوق. فمنذ عام 2012 خصصت الحكومة البريطانية أكثر من 1.2 مليون جنيه استرليني لمساندة مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مصر والتي تدعم تطوير وسائل الإعلام المستقلة.

وكتبت "نيويورك تايمز" الأميركية افتتاحية بعنوان "النفاق في مصر"، تناولت فيها الأحكام الصادرة على الصحفيين، في وقت تواصل الولايات المتحدة إعطاء الحكومة المصرية الحالية المعونة المعتادة، ما يعني أن الولايات المتحدة لا تهتم بالعدالة، وان ما تقوله هو مجرد كلام بلا معنى.

المساهمون