*هل الحكومة والتحالف عازمان على الدخول عسكرياً إلى محافظة صعدة، التي تعتبر أهم نقطة بالنسبة إلى الحوثيين، أم أن الأمر عبارة عن ضغوط ميدانية؟
الحكومة الشرعية والدولة بجميع أجهزتها، ممثلة برئيس الدولة الشرعي، عبدربه منصور هادي، وكذلك عبر الدعم العسكري من التحالف العربي، بقيادة السعودية الشقيقة، عازمون على تحرير اليمن وتحرير صعدة أيضاً، والدليل على ذلك أنها فتحت جبهة جديدة، هي جبهة منفذ علب الحدودي وما يجاوره. وهناك أيضاً، إن شاء الله، جبهات ستفتح قريباً، وهذا يدل بوضوح على العزم لتحرير صعدة من قبضة المليشيا الحوثية ومن يساندها مثل (علي عبد الله) صالح والمغرر بهم.
*ما أهمية الجبهة الجديدة التي فُتحت من قبل الشرعية في "منفذ علب". ماذا يمثل هذا التطور، إلى جانب الجبهة السابقة في البقع؟
تكمن أهمية جبهة علب الحدودية في أنها تعتبر منطقة حساسة ومهمة واستراتيجية أيضاً، لأنها تربط اليمن بشكل عام ومحافظة صعدة بشكل خاص بدول الخليج العربي، وعلى حدود السعودية. والمنفذ هو منفذ دولي، وله أيضاً مردود اقتصادي كبير جداً على محافظة صعدة خصوصاً، وعلى اليمن عامة.
*اليوم محمد عبد السلام وقيادات أخرى، مثل حمزة الحوثي ومهدي المشاط وجميعهم من صعدة، يجلسون حول طاولة المفاوضات مع دبلوماسيين دوليين، وصاروا يلتقون بوزير الخارجية الأميركي، جون كيري. ألا تتوقعون ضغوطاً دولية على التحالف والحكومة لثنيهما عن مواصلة العمل لتحرير صعدة؟
الضغوط الدولية على الشرعية والتحالف العربي لم تعد تُخفى على أحد، ومنها مبادرة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري الأخيرة، الملغمة التي كانت ستقلب القرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار 2216، كما أن المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني كلها ستكون في مهب الريح، بل ستنقلب بالضد تماماً وتخدم الحوثي والانقلابيين بالدرجة الأولى، ولا تخدم أيضاً مستقبل اليمن والمنطقة بشكل عام.
*بنظرك ما هي الأهمية التي تمثلها المحافظة حالياً للحوثيين في ظل سيطرتهم وانتشارهم في محافظات أخرى؟
لمحافظة صعدة أهمية كبيرة للحوثيين، فهي تعتبر قاعدة انطلاق لهم وهي أيضاً رمزيتهم، وقد جاءوا برفات حسين بدر الدين ليضعوه في مران، وهم يعتبرون أن صعدة خاصة بهم، وما تهجير أهالي دماج وطلاب المركز فيه (من السلفيين مطلع عام 2014) إلا تصفية طائفية لكل من يناوئهم أو يعارضهم في توجههم، سواء التوجه الطائفي أو السياسي.
*بتقديرك، كم عدد معسكرات الحوثيين في صعدة، وأيها الأكثر أهمية؟
كان هناك 11 لواء عسكرياً في محافظة صعدة، وقد استولى الحوثيون على عتاد هذه الألوية. إن استعادة صعدة من قبضة الحوثيين ليس بالأمر الهين، لأنها بمثابة غرفة النوم بالنسبة لهم. هم يعتبرون صعدة قاعدتهم ونقطة انطلاقهم ومسقط رأس قائد الحركة الحوثية، حسين بدر الدين الحوثي، وأيضاً لهم أتباع كثر في المحافظة.
* بكم يسهم أبناء محافظة صعدة في المعركة حالياً؟
لا شك أن العدد الأكبر من القوات التي تتوجه الآن إلى جبهات القتال ضد الحوثيين في صعدة، من غير المحافظة، وليس هذا قصوراً من أبناء محافظة صعدة أو تخاذلاً، وإنما لأن أبناء محافظة صعدة أنهكوا من الحروب السابقة التي واجهوا فيها الحوثي لوحدهم، ويكفي أنهم واجهوا الحوثي وصالح أكثر من سبع سنوات، والجميع يتفرج على أهل صعدة وهم يواجهون هذه المليشيا الإجرامية، ومعها صالح بقواته وجيشه واستخباراته حتى أنهكتهم الحروب. ومع ذلك هم مستعدون للمواجهة، وتأتيني اتصالات متكررة من داخل المحافظة عن استعدادهم للمساهمة في الحرب ضد الحوثيين وإخراج الحوثيين من محافظاتهم، وهم أكثر استعداداً في هذه الأيام من أي وقت مضى.
*ماذا عن القوة العسكرية والتنظيمية للجماعة. هل ما زال أبناء صعدة يمثلون القوة الأهم داخل الجماعة، وإلى أي مدى تأثرت قوتهم بالحرب والضربات الجوية منذ أكثر من عام ونصف العام؟
لا شك أن القوة التنظيمية والعسكرية للحوثيين كانت بداية من محافظة صعدة. ولا ننسى أنهم نقلوا الكثير من الأفراد إلى لبنان للتدريب وإلى داخل إيران، ويأتي أيضاً خبراء إلى داخل محافظة صعدة، زمن حكم علي عبدالله صالح. أما الآن فلا شك أنها تأثرت كثيراً من خلال استهلاكهم في الجبهات المتعددة، وكان أكثر استهلاكهم في جبهة البقع التي فتحت (أخيراً)، إذ سقط أكثر من 15 قيادياً على جبهة البقع (خلال الأيام الأولى)، وإن شاء الله سيسقط البقية في جبهة علب وجبهة البقع والجبهات التي ستأتي مستقبلاً بإذن الله.
*كمحافظ لصعدة، ربما هي الآن من بين أكثر المحافظات التي تعرضت لدمار واسع بسبب الحرب، كونها معقل الحوثيين وبسبب مواجهات الحدود، أضف إليها ما تبقى من آثار الحروب السابقة. كيف هو الوضع الإنساني في المحافظة، وماذا يمكن للشرعية فعله إزاء ذلك؟
المحافظة عانت كثيراً من ست حروب تدميرية، كانت تدور رحاها فوق رؤوس أبناء المحافظة. وفي ثنايا هذه الحروب الست، أكثر من 22 حرباً استهدفت كل المناوئين وكل المعارضين لحركة الحوثي، سواء اجتماعياً أو سياسياً أو مذهبياً. كلهم حاولوا تدميرهم وإنهاكهم وتشريدهم وتهجيرهم. هم عانوا كثيراً وما زالوا يعانون، ولا شك أنها الآن محافظة منكوبة بما تعنيه الكلمة، وستحتاج إلى جهود كبيرة. هناك وعود من الدولة ومن الرئيس ومن إخواننا في التحالف، خصوصاً السعودية ودولة الإمارات، بإعادة الإعمار بعد أن تنتهي الحرب ويزول الكابوس الحوثي عن هذه المحافظة.
*ما هي رسالتكم إلى الحوثيين وكذلك للتحالف؟
نصيحتي لهم أن يتركوا السلاح، وأن يتوبوا ويعودوا إلى رشدهم، وإن شاء الله الذي لم تكن يده قد تلطخت بالدماء، سيكون هناك عفو عنه، ونحن على استعداد أن نقبل المغرر بهم مواطنين صالحين إذا تركوا السلاح وانطلقوا إلى الحياة وليس إلى الموت، وانطلقوا مع إخوانهم في البناء والإعمار، ورجعوا عن كل هذه الأفكار التي جلبوها لنا، أفكار الدمار الملغمة وهذا الفكر العسكري الذي جاءوا به إلى محافظتنا واليمن، بالإضافة إلى أذية الجيران (في إشارة إلى السعودية). ورسالتي إلى التحالف العربي شكر وتقدير وعرفان لن تنساه لكم الأجيال. لقد أعدتم الأمل بما قمتم به من نصرة إخوانكم في اليمن، وأفسدتم وأجهضتم المشروع الإيراني الفارسي في المنطقة، المشروع الذي كان يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً، والذي كان يراد لليمن أن يكون شبيهاً لما يحدث في العراق وسورية من تدمير لكل شيء جميل، وقد دمر لا شك الكثير في اليمن، لكن قوات التحالف جاءت لنصرتنا. ليس لدينا إلا أن نشكرهم، وأن نقول لهم استمروا في دعمكم لإخوانكم، استمروا في الدعم العسكري والمعنوي والسياسي والمالي لقضية اليمن، لأنه عمقكم الاستراتيجي، وهو كما تعرفون البلد الذي ينتمي إليه كل عربي في هذه المعمورة.
نحن لا نريد الحرب ولا الدمار وسفك الدماء والقتل، إنما أُجبرنا عليه واضطررنا للقيام بهذا العمل لأنه لا يمكن أبداً أن نترك الأمور تسير كما كان يخطط لها. إن الحوثي وصالح لم يتركا لنا مساراً آخر، تنازلنا سياسياً، تنازلت الدولة والرئيس ومن معه كثيراً، وقدموا تنازلات كثيرة وكبيرة في كل اللقاءات وفي كل المؤتمرات، بداية من جنيف إلى الكويت إلى مسقط إلى كل مكان يمكن أن يتحاوروا فيه. لكن لا يمكننا أن نترك أبناء اليمن ومستقبل البلد تحت تصرف هذه المليشيا الإجرامية الخبيثة التي جاءتنا بهذا المشروع التدميري بكل ما تعنيه الكلمة، تدمير للفكر والإنسان، والقيم، والنسيج الاجتماعي، والعادات الطيبة والحميدة، ولكل ما ينتسب إلى العروبة والإسلام. سنواصل تقديم التضحيات تلو التضحيات حتى يعود اليمن السعيد إن شاء الله كما كان قبل ذلك سعيداً.