محادثات دولية لتقرير مصير سورية... بلا السوريين

20 أكتوبر 2015
أطلق كيري دعوته من مدريد (جيرارد جولين/فرانس برس)
+ الخط -
لم تعد القوى الدولية والإقليمية تلجأ إلى الأطراف السياسية السورية الحليفة لها للتفاوض من خلالها حول مستقبل بلادها، بل أصبحت هذه القوى تتجاهل نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، ومعارضيه على حد سواء، مفضلة التفاوض المباشر فيما بينها لتقرير مصير سورية. وبعدما كان التفاوض بشأن سورية يقتصر على الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، قررت الدولتان على ما يبدو إشراك لاعبين آخرين في المحادثات بصورة علنية على أن تبدأ اللقاءات رسمياً، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، في إحدى الدول الأوروبية، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية الأميركية جون كيري.

اقرأ أيضاً: فصول من انعدام التوافق في معسكر خصوم الأسد

وجاءت تصريحات كيري في هذا الشأن، والتي أدلى بها في العاصمة الإسبانية، مدريد، مقتضبة وغامضة، لكنه حدد على الأقل الجهات الإقليمية التي تشارك في المحادثات، قائلاً: "إنها السعودية وتركيا والأردن وروسيا"، ولم يذكر إيران.

وأشار كيري إلى أن المحادثات تعقد، هذا الأسبوع، في أوروبا. لكن عدم تحديد كيري مكان وزمان المحادثات، عبر ذكر اسم الدولة الأوروبية التي تستضيف المحادثات وتاريخ انطلاقها يشير إلى أن الفكرة لا تزال في طور التبلور.

من جهتها، لم تعلن روسيا موافقتها على الاقتراح الأميركي على الفور، بل اكتفت بتأكيدها أنها على علم بالاقتراح الأميركي، وسوف تدرس هذا الاقتراح، وذلك ما ورد على لسان الناطق الصحفي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الذي جزم بأن اللقاء إن حصل "لن يكون مستوى القمة".

وتوقعت مصادر سياسية في واشنطن في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تضع روسيا شروطاً على المحادثات وضمنها إشراك طهران، وهو ما ستفصح عنه تطورات الأيام أو الساعات القليلة المقبلة.

اقرأ أيضاً: تنسيق إيراني روسي متزايد حول سورية

وبرّر صاحب الاقتراح، كيري، دعوته لعقد المحادثات المشار إليها بأنها ضرورية لتجنيب سورية الدمار الشامل، وما قد يترتب عليه من آثار على المنطقة بصورة عامة، خصوصاً ما يتعلق بالتسبب في موجه جديدة من النزوح خارج سورية، مؤكداً أن الولايات المتحدة تشعر بالمسؤولية لمنع حدوث ذلك، فضلاً عن الحاجة إلى تدارس الخيارات الأمثل لمستقبل سورية.

ويوحي تحذير كيري من الانهيار الشامل لسورية بقبول مبطن بالنظام القائم حتى وإن ظل المطلب الأميركي قائماً بإزاحة رئيس النظام بشار الأسد.

وبعدما أجرى لقاءاته في مدريد مع ملك أسبانيا، فيليب السادس، ورئيس الحكومة ماريانو راخوي، ووزير الخارجية الأسباني، خوسيه مانويل غارثيا مارغايو، وشملت مباحثاته الموضوع السوري، عاد كيري إلى واشنطن من أجل التشاور مع البيت الأبيض بشأن المقترحات الأميركية المتعلقة بأزمات المنطقة العربية والمواجهات في الأراضي الفلسطينية. ومن المقرر أن يعبر كيري المحيط الأطلسي مجدداً إلى أوروبا لحضور المحادثات بشأن سورية قبل أن يتوجه إلى الأردن والأراضي المحتلة لإجراء مباحثات بشأن سبل احتواء المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية.

واللافت أن المحادثات التي دعا إليها كيري بشأن سورية جاءت أثناء وجوده في مدريد، التي تميل إلى الموقف الروسي، الذي يرى أن رئيس النظام السوري الأسد لا بد من أن يكون جزءاً من أي عملية سياسية انتقالية، في حين أن الموقف الأميركي يرى أن رحيل الأسد لا مناص منه لتحقيق السلام في بلاده.

وبغض النظر عن الخلافات في المواقف الدولية بشأن الأسد، غير أن مختلف القوى الإقليمية والدولية تُجمع على أنّ التوصل إلى تسوية سياسية مرضية للشعب السوري، هو الطريق الوحيد لإنهاء القتال بين الفئات المتناحرة التي تعصف تناقضاتها بالبلاد.

ومن المؤكد كذلك، أن القوى الإقليمية والدولية تهدف، من وراء سعيها، لإعادة الاستقرار لسورية، إلى إعادة التوازن للمصالح المتناقضة التي تهم الدول الكبرى واللاعبين الإقليميين، وقد لا تتماشى بالضرورة مع المصلحة العليا للشعب السوري.

تجدر الإشارة إلى أن المحادثات الدولية الإقليمية بشأن سورية، سوف تتزامن تقريباً مع استئناف مفاوضات بإشراف أممي بشأن الأزمة اليمنية، الأمر الذي يؤكد وجود مساع حقيقية لحل أزمات المنطقة بشكل متكامل بما يضمن لكبار اللاعبين الإقليميين والدوليين تقاسم المصالح وتلافي الأخطار الناجمة عن خروج الصراعات عن نطاق السيطرة.