آخيرا تمكن مجلس الأمن الدولي من تبني مشروع قرار ألماني بلجيكي يجدد لتقديم المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الآلية العابرة للحدود، بعد أن حصل مشروع القرار على تأييد 12 دولة، وامتنعت كل من روسيا والصين وجمهورية الدومنيكان عن التصويت، مما سمح بتبنيه، إذ يحتاج تسع أصوات، إن لم تستخدم أي من الدول دائمة العضوية "الفيتو".
ويجدد مشروع القرار رقم 2533 لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر معبر واحد وهو معبر باب الهوى التركي ولمدة سنة. كما يطلب القرار الأمين العام للأمم المتحدة بأن يقدم تقريره على الأقل مرة كل ستين يوما لمجلس الأمن حول تنفيذه.
يجدد مشروع القرار رقم 2533 لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر معبر واحد وهو معبر باب الهوى التركي ولمدة سنة
وهذا هو القرار الخامس الذي يصوت عليه المجلس في غضون خمسة أيام حول الموضوع/ بعد أن فشل بتبني أربع قرارات سابقة، اثنين تقدمت بهما بلجيكا وألمانيا، وحصلا على تأييد جميع الدول الأعضاء باستثناء روسيا والصين، اللتين استخدمتا "الفيتو" ضدها. وأما المشروعان الروسيان فلم يحصل أي منهما على الحد الأدنى من الأصوات التسعة المطلوبة لتبني المشروع.
وانتهى العمل بآلية ادخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية منتصف ليل الجمعة بتوقيت نيويورك، السبت السابعة صباحا بتوقيت سورية.
وقال السفير البلجيكي لمجلس الأمن، مارك دي بيتسفرفي، بعد التصويت باسم بلاده وباسم ألمانيا، باعتبارهما الدولتين اللتين صاغتا المشروع وتحملان الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن: "هناك 11 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية أساسية من بينها الطعام والمأوى والأدوية والماء وغيرها. منذ عام 2104 ساعدت الآلية العابرة للحدود على تقديم مساعدات إنسانية أنقذت حياة الملايين".
وبعد تعبيره عن ارتياحه لتبني القرار، وصف اليوم بأنه "يوم حزين"، شارحا أن إغلاق معبر باب السلام سيعني أن جزءا من المساعدات لن يصل بالكمية المطلوبة إلى المحتاجين إليها. ثم أضاف "هناك مليون شخص في منطقة حلب، بمن فيهم 800 ألف مهجرون داخليا ونصف مليون طفل، كانوا يحصلون على المساعدات الإنسانية عبر باب السلام الذي كان يتم العمل به حتى يوم أمس، إنه يوم حزين لهذا المجلس وللسورين. لقد كان معبر اليعربية (العراقي) وباب السلام (التركي) معابر حيوية لتقديم المساعدات الإنسانية لشمال شرق وشمال غرب سورية. وتصل المساعدات الإنسانية عن طريق باب الهوى لقرابة ثلاثة ملايين سوري في الشمال الغربي. وهذا هو السبب الذي اضطرنا للقبول بذلك، كي لا نحرم هؤلاء أيضاً من الحصول على المساعدات".
وتبادل السفير الألماني وممثل السفير الروسي والصيني خلال الجلسة بعد التصويت الاتهامات. وقال الجانب الروسي إنهكان مستعدا للتصويت على مسودة مشابهة لما تم التصويت عليه يوم الإثنين الماضي، لكن الدول الغربية أرادت تقديم مسودات مشاريع للتصويت عليها على الرغم من أنها تدرك أنه لن يتم تبنيها. واتهمها بأنها تقوم بذلك للتظاهر. أما الطرف الصيني فتساءل عن السبب وراء رفض الدول الغربية الطلب الصيني والروسي بأن يقدم الأمين العام تقريرا حول تأثير العقوبات الغربية على قدرة النظام السوري على مكافحة كورونا. ومن جهتها اتهمت الدول الغربية روسيا والصين بدعم النظام السوري على حساب ملايين السوريين الذين يحتاجون لمساعدة.
واستمر المد والجز وراء الكواليس في مجلس الأمن بين الدول الغربية من جهة وكل من الصين وروسيا من جهة أخرى، حتى الساعات الأخيرة من موعد التصويت مساء السبت بتوقيت نيويورك. ويمكن تلخيص أهم أوجه الخلاف بين الدول الغربية والجانب الروسي والصيني حول أمرين: المدة الزمنية للقرار، وعدد المعابر التي يمكن من خلالها تقديم المساعدات الإنسانية. الدول الغربية أرادت أن يستمر تقديم المساعدات الإنسانية من معبرين تركيين، وهما باب السلام وباب الهوى، في حين رفضت كل من روسيا والصين ذلك وأصرت أن يتم فقط عن طريق باب الهوى على أن تقدم بقية المساعدات عبر المناطق التي يسيطرعليها النظام السوري. أما الأمر الثاني، فيتمحور حول المدة الزمنية وهي سنة مقابل ستة أشهر. وتمكنت الدول الغربية من تمرير نقطة التمديد لسنة بدلا من ستة أشهر ولكن فقط من معبر واحد.
الدول الغربية أرادت أن يستمر تقديم المساعدات الإنسانية من معبرين تركيين، وهما باب السلام وباب الهوى، في حين رفضت كل من روسيا والصين ذلك وأصرت أن يتم فقط عن طريق باب الهوى على أن تقدم بقية المساعدات عبر المناطق التي يسيطرعليها النظام السوري
وكان الجانب الروسي والصيني قد طلبا ثلاثة تعديلات، اثنين من روسيا وواحد من الصين، على مشروع القرار. وتمحورت التعديلات الروسية والصينية حول الطلب من الأمين العام تقديم تقرير حول مدى تأثير العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري ومقدرته على محاربة فيروس كورونا. أما الجانب الصيني فطلب إدخال تعديل مشابه ولكن دون الإشارة لسورية بشكل مباشرمستند إلى نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2532)، الذي تم تبنيه بداية يوليو/تموز، والذي يشير إلى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لرفع أو تجميد العقوبات المفروضة حول العالم على الدول بغية التصدي للآثار المحتملة لوباء كورونا وتمكين البلدان المتضررة من النزاعات من محاربتها. وترى الدول الغربية أن هذا التعديل محاولة بشكل غير مباشر للإشارة للعقوبات التي تفرضها على النظام، وتقول إنها تستثني المساعدات الإنسانية، وأنها لا تؤثر على تقديمها. أما التعديل الثالث من الجانب الروسي فيتعلق بطلبه الإشارة إلى تحسين تقديم المساعدات داخل الحدود السورية بين المناطق التي يسيطر عليها النظام وبين تلك التي تحت سيطرة المعارضة ومناطق أخرى. ولم تتم إضافة أي من تلك التعديلات لأنه لم تحصل على موافقة تسع دول من أعضاء المجلس.
يذكر أن مجلس الأمن وافق على أن تقدم الأمم المتحدة المساعدات العابرة للحدود عام 2014 بموجب القرار 2165 ومن خلال أربعة معابر، وهي الرمثا (الأردن)، واليعربية (العراق)، وباب السلام وباب الهوى (تركيا). وكان ذلك حتى العاشر من يناير/كانون الثاني الماضي. واستخدمت كل من روسيا والصين في ديسمبر/كانون الأول الماضي الفيتو وأفشلتا تبني مجلس الأمن لمشروع قرار يجدد لآلية تقديم المساعدات العابرة للحدود في سورية عبر ثلاثة معابر، بدلا من الأربعة التي كان معمولا بها، وهي المعابر التركية والمعبر العراقي. وكان القرار قد حصل على تأييد 13 دولة من أصل 15 دولة. ثم تبنى المجلس الأمن القرار 2504 (2020) في العاشر من يناير الماضي والذي يسمح بتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر المعابر التركية فقط ولستة أشهر انتهت مدتها الجمعة.