اسم الضحية أبريل كورلي، والتقتها المجلة التي قالت إن ابتسامتها التي رأتها في صور سابقة، قد اختفت اليوم عن وجهها، بعد مقتل صديقها المكسيكي رافاييل بيجارانو، فيما تعاني هي نفسها من ألمٍ جسدي جرّاء هجومٍ تركها مثقلة بجراح نتيجة الرصاص والشظايا التي تعرضت لها. وتعاني كورلي كذلك من اضطرابات قلق ما بعد الصدمة، بحسب المجلة.
وكانت كورلي الأميركية الوحيدة ضمن مجموعة سياحية تعرضت لهجومٍ في الصحراء الغربية بمصر في سبتمبر/ أيلول 2015. باقي أفراد المجموعة هم مواطنون مكسيكيون، من بينهم بيجارانو. وبحسب تحقيق لـ"فورين بوليسي" حول تفاصيل الهجوم، فإن مروحية الـ"أباتشي" بقيادة مصرية نفذت هجمتها الأولى، ثم عادت لتقصف أجساد الجرحى والقتلى من السياح المستهدفين مرة ثانية. وكتبت المجلة أنه "من الصعب معرفة سبب ذلك، لم يكن هناك ما يشير للقوات المسلحة (المصرية) أن هؤلاء هم أكثر من سياح يقومون بجولة في الصحراء، كما أن المركبات التي كانوا يستقلونها كانت تحمل لوغو شركة سياحية، وكان برفقتهم عناصر من الشرطة السياحية".
وانتهى الأمر بكورلي، كما تروي الصحيفة، في أحد مستشفيات القاهرة، فيما كان سائق وعنصر مرافق من الشرطة السياحية المصرية قد تمكنا من الهرب، ووصلا إلى حاجز عسكري قريب، لكن السلطات المصرية أخذت وقتها لإرسال جنود للمساعدة. ونقلت كورلي إلى الولايات المتحدة بعد أيام قليلة.
وتتابع "فورين بوليسي": "كورلي لن تعمل أبداً مجدداً. هي كان راقصة ناجحة، ومصممة رقص، ومتزلجة بالمزلجة ذات العجلات، ودوبلير، كما ظهرت في فيديوهات موسيقية وإعلانات، وهي قد لا تتعافى أبدا من جراحها وصدمتها النفسية".
Twitter Post
|
وفيما ألقت السلطات المصرية باللوم على المجموعة السياحية لعدم حيازتها الوثائق اللازمة (تقول المجلة إنها كانت بحوزتهم)، وأنها كانت في مكان خاطئ (تنفي المجلة ذلك)، عرضت على كورلي 150 ألف دولار كتعويض، بينما يؤكد محامو الضحية أنها تستحق 100 مرة أضعاف هذا المبلغ، لخسارتها أي مردود مالي وبسبب حاجاتها الطبية وفقاً لمعدل سنوات حياتها الباقية المتوقعة.
وترى المجلة أنه بينما تواجه مصر "تمرداً" في شبه جزيرة سيناء، وعلى الولايات المتحدة دعمها عسكرياً، بحسب رأيها، فإنه ينبغي على واشنطن التأكد من أن حلفاءها يستخدمون بمسؤولية الأسلحة التي تدعمهم بها، كما أن عليها ضمان محاسبة حلفائها عندما تلحق أفعالهم الإجرامية واللامسؤولة الأذى بمواطنيها. لكن أياً من ذلك لم يحصل، وبدت السلطات المصرية غير راغبة بالوصول إلى اتفاق مع كورلي، فيما ليس بإمكان الأخيرة ملاحقة مصر في المحاكم الأميركية بسبب قانون الحصانة للدول الأجنبية. وليس هناك من فائدة من رفع القضية لدى محكمة مصرية، بسبب التسييس والمماطلة بالوقت، ليبقى الأمر، بحسب المجلة، منوطاً بإمكانية بذل الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكونغرس جهوداً بهذا الإطار.
Twitter Post
|
وفيما تشيد الصحيفة في هذا الصدد بدور ترامب في ربح قضية آية حجازي، المواطنة الأميركية التي اعتقلت في أحد السجون المصرية منذ مايو/ أيار 2014 إلى إبريل/ نيسان 2017، تضيف أن بإمكان الرئيس الأميركي الضغط بموضوع كورلي خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في واشنطن عندما يلتقيان، الثلاثاء، في البيت الأبيض. لكن المجلة ترى في الوقت ذاته، أنه لا يمكن التنبؤ بحصول ذلك "مع إدارة تفتقد إلى منهج سياسي وانضباط". وهناك أيضاً، كما تقول "فورين بوليسي"، مشكلة أخرى، هي أن ترامب وإدارته حاولوا وضع التوترات مع مصر حول حقوق الإنسان والإصلاحات "في خانة الماضي"، والتركيز عوضاً عن ذلك على "اهتمامات مشتركة تتعلق باستعادة عافية مصر الاقتصادية ومحاربة الإرهاب". وإذا تمسك ترامب بهذه الأولويات، فإن كورلي ستكون بحاجة إلى دعم الكونغرس.
ورغم تمسك كاتب المقال، ستيفن كوك، أخيراً، برأيه القائل إن التلويح بورقة المساعدات العسكرية لن يجعل من مصر دولة ديمقراطية، لذا لا جدوى من فتح معركة حول هذه المساعدات، إلا أنه يرى في الوقت ذاته أن من الضروري في حالة كورلي "فعل شيء ما، ليس لأن وضعها مثير للغضب، بل لأن مروحيات الأباتشي لا تزال تحلق، وأن السيسي يأتي اليوم إلى واشنطن للحصول على عشر إضافيات منها".
ولذا، يقول كوك إنه "ينبغي على الكونغرس، الذي يحمل مفتاح الخزنة، أن يحسم 14 مليون دولار، المبلغ الذي يقول محامو كورلي إنها تستحقه، من مبلغ الـ1.3 مليار دولار من المساعدات لمصر، وتقديمه لها". في الوقت ذاته، "ليس بإمكان الحكومة المصرية أن تدعي أنها منفتحة على تجارة السياحة، وتطلب أن يمول دافعو الضرائب الأميركيون ترسانتها من السلاح، وأن توشك على قتل مواطنة أميركية بهذا السلاح، ثم تغض النظر بوقاحة وقسوة عن فعلتها. كورلي تستحق أفضل من ذلك، والولايات المتحدة تستحق حليفاً أفضل".