مجزرة كلور للنظام السوري: استباق معركة إدلب

18 مارس 2015
مجزرة النظام في إدلب (الأناضول)
+ الخط -
بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بشأن استعداد بلاده للتفاوض مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وبعد أيام من قرار مجلس الأمن الدولي، الذي يدين استخدام غاز الكلور في سورية، أقدمت طائرات النظام السوري على قصف بلدة سرمين بريف إدلب بغاز الكلور، ما أدى إلى مقتل عائلة مكوّنة من ستة أشخاص، فضلاً عن إصابة العشرات.

اقرأ أيضاً (واشنطن تجمّل زلة كيري: الأسد ليس طرفاً للتفاوض)
ودان "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" الجريمة، مطالباً مجلس الأمن الدولي بإرسال بعثة تقصي حقائق، بالسرعة الممكنة إلى مكان الحادثة، وفتح تحقيق حول استخدام النظام غاز الكلور.
وشدد البيان على ضرورة "محاسبة المجرمين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب ضمن التدابير المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2118". وأكّد أنّ "مسؤوليات مجلس الأمن الدولي توجب عليه تنفيذ بنود قراره الأخير 2209 والذي يقرّ أن غاز الكلور مادة سميّة ويعتبرها سلاحاً كيميائياً، كما يعد استخدامها عسكرياً انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، وخرقاً فاضحاً للقرار 2118".
 
اقرأ أيضاً (النظام السوري يشن هجوماً جديداً بالغازات السامة بريف إدلب)

وذكّر الائتلاف أنّ البندين السادس والسابع في قرار مجلس الأمن الأخير، ينصّان على أنّ "الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية، بما فيها غاز الكلور، يجب أن يحاسبوا، وفي حال عدم الامتثال لأحكام القرار 2118 يتوجب على مجلس الأمن فرض تدابير بموجب الفصل السابع".
 
وكان مجلس الأمن قد تبنى الأسبوع الماضي قراراً يدين أي استخدام لغاز الكلور في سورية، من دون توجيه الاتهام لأي طرف، وهدّد بفرض إجراءات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في حال عدم احترام القرارات الأممية مستقبلاً.
 
وبحسب القرار الذي صادقت عليه 14 دولة عضواً بينها روسيا، دان مجلس الأمن "بأشدّ العبارات استخدام أي منتج كيميائي سام مثل الكلور سلاحاً في سورية، وشدّد على أن المسؤولين عن هذه الأفعال يجب أن يحاسبوا عليها".

يتزامن هذا مع إعلان محققي الأمم المتحدة في سورية أنّهم على استعداد لتقديم قائمة سرّية بأسماء المشتبه فيهم إلى أي سلطات ادعاء تعمل على إعداد قضايا في هذا الشأن. فيما حث رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، باولو بينيرو، السلطات الوطنية، أمام منتدى جنيف، على التواصل مع المحققين المستقلين الذين جمعوا خمس قوائم سرية خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.
 
 وكان مدير مستشفى كفرتخاريم الجراحي، خالد الأسود، قد أعلن أن الحصيلة النهائية لضحايا القصف الجوي بالغاز السام قرب مدينة سرمين، بلغت ستة قتلى، بينهم أطفال ونساء، وأكثر من 90 إصابة.
 
وأوضح أنّ الاستهداف الأول كان ببرميلين محملين بالكلور السام، خلفا 25 إصابة، أعقبه هجوم آخر بعد قرابة نصف ساعة، أوقع ستة قتلى و 70 إصابة.
وأكد  أن الغاز المستخدم في القصف هو الكلور السام، إذ ظهرت على المصابين "أعراض زلة تنفسية متفاوتة الشدة، تسببت بتخريش مخاطية الطرق التنفسية، واحمرار العينين بسبب التخريش، إضافة إلى الشعور بالغثيان والإقياء والدوار". وأشار الى أن المستشفى بحاجة إلى إسطوانات الأوكسجين وأجهزة الإرذاذ وسالبوتامول والكورتيفنت للتعامل مع مثل هذه الحالات، إضافة إلى تزويد الكادر الطبي والإسعافي بالبدلات الواقية، لافتاً إلى ضرورة نزع ثياب المصاب، وغسله بالمياه، كإجراء وقائي.
 
وتقصف قوات النظام بين الحين والآخر مدينة سرمين التي تقع تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة، وفي مقدّمتها "كتائب أحرار الشام الإسلامية"، وكتائب "بيان جند الأقصى". وبحسب مصادر محلية، فإنّ قصف قوات النظام بالغازات السامة على المنطقة، قد يكون سببه تردّد أنباء عن نية قوات المعارضة اقتحام إدلب المدينة، إذ يمكن أن يكون النظام يتعمد القيام بهجوم استباقي لعرقلة هذا المسعى.
 
وكانت "العربي الجديد" قد علمت من مصدر مسؤول في "جبهة النصرة"، رفض الكشف عن اسمه، أن "الجبهة بصدد القيام بعملية عسكرية كبيرة في محافظة إدلب"، من دون أن يحدد تفاصيلها ولا توقيتها. ولكنه أكد أنها "ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة، وقد تستهدف خطوط إمداد النظام من الساحل إلى إدلب، وربما السيطرة على المدينة".
وكشف أن العملية "ستتم بالتنسيق مع حركة أحرار الشام وتجمع أنصار الدين"، مضيفاً أن "الخلاف الأمني بين جبهة النصرة وحركة أحرار الشام بسيط، ويقتصر على الغنائم، ولا يؤثر في التنسيق وخوض معارك مشتركة".

 
وتزامن حديث المصدر مع قيام النظام بإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى إدلب، وسط استنفار كبير لقواته ولمليشيا "الدفاع الوطني" (الشبيحة) داخل المدينة، وسط أنباء عن قيام النظام بإخلاء بعض مقرّاته ومؤسساته في مدينة إدلب، ونقلها إلى مدينة جسر الشغور التي يحكم سيطرته عليها بشكل جيد. 
 
وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد رصدت قيام النظام السوري بـ 71 خرقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2118 الخاص بنزع السلاح الكيماوي.
 وأكد مدير الشبكة السورية فضل عبد الغني، لـ "العربي الجديد"، أن "الشبكة تضع قرار مجلس الأمن 2118، كنقطة علام، لأنه نص بشكل صريح أنه في حال انتهاك هذا القرار، سوف يعمد إلى للتدخل تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
 
ودعا مجلس الأمن إلى أن "يضمن التنفيذ الجدّي للقرارات الصادرة عنه، قائلاً إنه "يجب على مجلس الأمن، فرض حظر على مختلف أنواع الأسلحة التي تستخدمها الحكومة السورية، وملاحقة كل من يقوم بعمليات تزويدها بالمال والسلاح، نظراً لخطر استخدام هذه الأسلحة، في جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".