مجازر حلب لحرمانها من الإمداد...وإيران تستضيف طائرات الموت الروسية

17 اغسطس 2016
صورة لأول طائرة روسية تنطلق من إيران لتقصف سورية(Getty)
+ الخط -
صعدت المقاتلات الروسية، والطائرات التابعة لنظام بشار الأسد، من وتيرة قصف مناطق سيطرة المعارضة السورية في مدينة حلب. وتركزت الضربات الجوية خصوصاً على تلك المناطق التي دخلتها المعارضة أخيراً، بعد معارك طاحنة في جنوب المدينة، وفتحت من خلالها خط إمداد جديداً إلى الأماكن التي تتحصن بها داخل حلب. هذا الانتصار أثار غضب النظام السوري، الذي ظن نفسه أنه سيحقق فوزاً نهائياً بعدما تمكن، بمعاونة حلفائه الشهر الماضي، من قطع طريق الكاستلو، وما كان يمثله من شريان الحياة الوحيد، الذي يصل مواقع الثوار السوريين في حلب بالعالم الخارجي.

وتسبب هذا القصف المتجدد والمتصاعد في مجازر كبيرة، راح ضحيتها عشرات المدنيين، كما أدى إلى توسيع خارطة الدمار بحلب، حيث تضررت عشرات المباني السكنية والمدارس والأسواق والورش الصناعية. وقال الناشط الإعلامي، منصور حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "ثلاث غارات استهدفت حي طريق الباب ظهر الثلاثاء، وأدت إلى سقوط 19 قتيلاً من المدنيين وإصابة العشرات"، مشيراً إلى أن طيران النظام الحربي وسلاح الجو الروسي، لم يغادر سماء مدينة حلب منذ صباح أمس.

وأفادت مصادر طبية لـ"العربي الجديد" أن حصيلة القتلى في حي طريق الباب مرشحة للارتفاع نظراً لوصول أكثر من عشرين جريحاً إلى النقاط الطبية والمشافي العاملة في حلب، مضيفاً أن إصابات معظمهم بالغة.

في سياق متصل، أعلنت شبكة "سورية مباشر" الإخبارية، أن "ستة مدنيين قتلوا، وأصيب آخرون، جراء قصف من الطيران الحربي الروسي على حي الصاخور في مدينة حلب"، مضيفة أن مروحيات النظام ألقت برميلاً متفجراً على حي المشهد، مما أدى لمقتل مدني واحد وإصابة عشرة مدنيين بجراح.

وكانت غارات أخرى قد استهدفت مناطق عديدة في حلب أمس الثلاثاء، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى. فقتل مدنيان في القصف الجوي في مدينة دارة عزة في ريف حلب الغربي، كما قتل وجرح آخرون في غارات على مدينة الأتارب.


وتعرضت حلب، ظهر أمس، لمجزرة راح ضحيتها 17 مدنياً، وفق ما نقل مركز حلب الإعلامي عن مصادر طبية في المدينة. وأشار إلى أن هذه المجزرة نتجت عن "استهداف الطيران الحربي حافلة كانت متجهة إلى طريق الراموسة"، وهي طريق الإمداد الجديد الذي فتحته قوات المعارضة إلى مناطق سيطرتها في المدينة، التي تشهد معركة مصيرية في تاريخ الثورة السورية.

في غضون ذلك، أعلنت موسكو، أمس، أن طائرات حربية أقلعت من إيران، وشنّت غارات على مواقع في سورية، وذلك بعد الكشف عن نشر قاذفات "توبوليف-22" روسية، في قاعدة همدان الإيرانية. وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن "القاذفات بعيدة المدى (تو-22 إم 3) والجبهوية (سو-34) أقلعت مع حمولة كاملة من القنابل، من مطار همدان في إيران، وشنت ضربات جوية جماعية على مواقع للتنظيمين الإرهابيين (تنظيم الدولة الإسلامية) داعش وجبهة النصرة (فتح الشام) في محافظات حلب ودير الزور وإدلب". وجاء ذلك، بعد إعلان التلفزيون الروسي أن موسكو، نشرت قاذفات "توبوليف-22" في قاعدة جوية إيرانية لاستهداف مسلحين "متشددين" في سورية.

وتشير المعلومات التي أوردتها قناة "روسيا 24"، نقلاً عن وسائل إعلام إيرانية وعربية، إلى أن القوات الجوية الروسية أقدمت على خطوات تصعيدية بوصول قاذفات بعيدة المدى من طراز "تو-22 إم 3" إلى المطار الإيراني لمساندة نظام الأسد. وتبادلت مواقع إيرانية صوراً لقاذفات روسية استقرت في مطار همدان، لاستخدامها في العمليات العسكرية الموجهة لمناطق في سورية. وأورد موقع "المصدر نيوز"، نقلاً عن وسائل إعلام روسية، أن "الهدف من استقرار هذه القاذفات في همدان هو تقليص المسافة التي كانت تعبرها الطائرات الروسية من جنوب البلاد إلى سورية مروراً ببحر قزوين وإيران والعراق وهي المسافة التي تقدر بـ2100 كيلومتر، في حين أن المسافة من مطار همدان تقدر بـ900 كيلومتر". وتقليص المسافة مرتبط أيضاً بتقليص النفقات الروسية في الحرب السورية، وهي تكاليف زادت بنسب مرتفعة جداً عما كان مقرراً من قبل القيادة الروسية، عندما قررت الانخراط في حرب الأسد قبل عام من اليوم تقريباً، تحديداً في 30 سبتمبر/أيلول الماضي. 

وتزامن القصف الجوي على مناطق سيطرة المعارضة جنوب حلب، والتي يمر منها خط إمدادها الجديد، مع هجمات برية لقوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه، ضد مواقع للمعارضة في المنطقة نفسها. لكن مصادر محلية أكدت لـ"العربي الجديد" أن "مقاتلي (جيش الفتح) أحبطوا، الثلاثاء، محاولة تقدم لقوات النظام والمليشيات التابعة لها"، إذ حاولت القوات المهاجمة "انتزاع السيطرة على تلتي العامرية والمحروقات جنوبي حلب، وسط غطاء جوي كثيف حاول التمهيد نارياً لتقدم قوات النظام برياً". وأضافت المصادر أن "قوات النظام والطائرات الحربية استخدمت قوة نارية كثيفة في محاولة التقدم، وقصفت المنطقة بعشرات الصواريخ والقذائف"، لكن فصائل المعارضة "صدت الهجوم العنيف، وحافظت على مواقع سيطرتها"، التي كانت قد بسطت نفوذها عليها في المعارك الواسعة التي بدأتها في مطلع هذا الشهر، وتمكنت خلال أسبوع واحد من السيطرة على كامل مجمع الكليات العسكرية في منطقة الراموسة.