مثقف يكلم نفسه وزيادة!!

03 مارس 2020
+ الخط -
لا يكف المثقف عندنا عن مخاطبة ذاته إلا قليلا من ترقيع وهمه المنهار، والتمسح من      بركات الأحلام المكدسة في سراديب الخيال المعطوب، اليوم والناظر من بعيد أو قريب للبيئات الثقافية الموبوءة سيكتشف الكثير من الغموض والضبابية في مشاهدة أجساد حقيقية تترفع عن براثن الخمول في الإنتاج والانتحار المنظم لذوات اشتهرت في رفوف الواقع لتؤرخ لحظة الشرود المعرفي وتكديس الحقيقة المطلقة في الميراث الذي يخلفه المتعلم في محيطه..

صارت الثقافة طموح النازلين من مدارج السقوط، يمشي وراء جريانها المتدفق والغارق جموع من الناس التي ضلت طريق صناعة الذات المنهارة، بذلت الكثير من الأنا المرقعة في محيط الثقافة الحقيقية والثقافة المزيفة، ثقافة تطاول بخناجرها أي مشبوه فيه لكي ترفعه إلى الهبوط المنحدر من بعيد..

مؤسساتنا بجميع شرائحها الطلابية أثبتت عكس التجديد والحداثة في نظمها العلمية، تطاول تلك التهم الجاهزة أي عابر يكلم نفسه ويصارعها لكي ينتصر للآخرين وليس لها، جماعات تحشد الصراخ في وسائط التواصل الاجتماعي لتناقش في ثوابت الدين، تحرق جميع جهابذة ومفكري التاريخ عندنا لكي تنتصر لمراهقة الفكر اللقيط من هوامش كتب الأدب والفلسفة، يديرون الزمن لكي يلبسونه على مقاسهم، يتمتمون بخرافات الخروج عن القديم ولم يأتوا بجديد..


كل بضاعتهم أنهم يخيطون أفكار الغرب على أجساد الأنبياء والصحابة وكبار رجالات الفكر عبر تاريخنا الإسلامي، وفي الأخير يسقطون هم في خنادقهم ويمر القرآن والحديث والذين اعتكفوا في علومه لكي يعيشوا إلى يوم يبعثون، وما تزال المواقف في واقعنا المشروخ تثبت لنا حقيقة الرضّع وحمّالة الصراخ المعرفي، لكي نتجنب تناقضهم وتذويبهم في حب أي شيء غير الإسلام والذين أنعم الله عليهم من الذين أثبتوا مواقفهم في انتصار الحق ومسح الباطل مهما طالت حباله وقصرت.

هل ترى شرودهم في الدين
إلى متى يتحقق للمهووسين بكتابات الأدب والفكر والفلسفة الغربية تعليب الكذب المتبضع في سوق المعرفة في هذا العالم المنهار بقيمه الحيوانية، المتضرر بتجديده وحداثته المتغلب المزاج في الطلاق والانتحار والمثلية والعيش مع الحيوان بدل الإنسان..

حقيقة البيوت المشتتة والمتفرقة، عقوق للوالدين، وبذخ في الغناء والسينما وتبديل جمال الخلاق بجمال الحلاق وعارضات الأزياء، لكي نقوّم المعوج لا يعني أن نسلب أعراقنا ثقافتها وعاداتها وتقاليدها، لكي لا نبدل عرض الغرب الزائل بعرض الآخرة..

يموت علماؤنا فننصب لهم المشانق بأفكار الغرب وتقدمه وتطوره، تمسح كل ذاكرة الجيل وما قدموه لهم بسخافات هذا التبديل المبتذل، فإلى متى يستقيم هذا الحال بظله وظلامه المتدفق من قشور واقعنا..

مدارس تدك بجيل يغير أفكاره كملابس الرياضة، يتقدمهم شياطين الناس الذين ماتت هممهم، يساقون إلى براثن الحضارة الغربية وتعليب قطع من ثوابتهم في شيطنة المتدين لكي ينحرف بآلتهم الإعلامية التي دخلت بيوتنا فانهارت قيمنا، ما يعني أن نختصر المجاملة ونواجه أي أبله بدأ يتبول على ذاته فيدوس دينه وقيمه، يجب أن نفرق بين الثقافة كاضطلاع لتوصيلنا مراسي المعرفة، ومحاربة الدين باسم التجديد وتكوير الثوابت في قوالب تتغير بحسب الزمان والمكان.
دلالات
DCDA8F68-FEF8-4439-9CD6-C2BDBF199BE7
أبو بكر عبد السلام

إعلامي وناشط في الشأن التشادي والأفريقي، وسكرتير تحرير صحيفة "انجمينا الجديدة".