مثال الأناقة

27 نوفمبر 2014
ملكة الأناقة لعصور (العربي الجديد)
+ الخط -
من الصَّعب تناول سيرة حياة صباح من دون الوقوف على جانب رئيسي وهام، كرّس حضورها الفني والغنائي. كانت الشحرورة إلى جانب فنّها، وصوتها الاستثنائي، ملكة الأناقة. 
 
بدأت مسيرتها بالتعاون مع عدد من الخياطين اللبنانيين، منهم مدام صالحة التي عُرفت في حقبة الخمسينيات والستينيات واحدة من أشهر المصممين في لبنان، ثمّ ارتبط اسم صباح بهاروني، وهو أيضاً من أشهر خياطي لبنان، حتى جاءت مرحلة السبعينيات عندما ارتبط اسمها لأكثر من 20 عاماً بالمصمم اللبناني وليم خوري، الذي صمم لها فساتين ستبقى في الذاكرة العربية، مثالاً على أهم التصاميم لأجيال السبعينيات والثمانينيات، على الرغم من المنافسة بينها وبين الفنانة القديرة سميرة توفيق في تلك الفترة، واختيار خوري من قبل صباح وسميرة وتوفيق معاً.

أصبحت صباح خلال السنوات الثلاثين الأخيرة واحدة من أيقونات الموضة في لبنان والعالم العربي، لا بل العالم، بدليل تخصيص محطات التلفزة العالمية، ومنها التلفزيون الفرنسي، برامج خاصة عنها، وعدم إغفالها الإضاءة على جانب هام من حياتها في الأناقة. إلى ذلك استحقت صباح في السنوات الأخيرة دعم كلّ مصمم يريدها أن ترتدي من تصميمه، واستطاعت بحنكتها أن تبرهن للجميع أنها ما زالت أسطورة الموضة والأزياء، التي كانت توليها اهتماماً خاصاً.


لم ترتد صباح يوماً زيّاً من دون أن تدفع ثمنه، مهما كانت فئة المصمم. مراراً كانت تواجه بالرفض من قبل مصممين يكتفون منها بارتدائها لتصاميمهم، لكنها سرعان ما كانت تُرسل إليهم ثمن الفستان الذي ارتدته شاكرة. كانت خجولة جداً لجهة المال، وتشعّ كرماً، وهذا ربما ما رفع من قيمتها أمام عيون كل المصممين، فهي من أبرز الفنانات اللواتي تُلبّى طلباتهن فوراً، إذ يسارع المصممون لتقديم اقتراحاتهم حالما يعلمون أن لصباح مناسبة أو حفلة.

في الفترة الأخيرة كانت حصة الأسد من أزياء صباح للمصمم العالمي زهير مراد، لكن الماركات العالمية لم تدهش صباح، فقد كانت عربية الهوى، إن صح القول، في اختيار ملابسها. يؤكد ذلك مصمم الأزياء اللبناني توفيق حطب الذي تعاونت معه الشحرورة بعد وليم خوري. يقول حطب: "عاصرت صباح في الثمانينيات، وكنت أرافقها في باريس. لم تكن مولعة أبداً بالماركات العالمية، على العكس تماماً، كانت كل حفلاتها بتوقيع مصمم لبناني، حتى عندما كنا نقوم بمشوار التسوّق كانت تفضّل ماركة (بالما) لليوميات، وهذا كلّ ما أذكره عن صباح"، يؤكد حطب في حديثه عنها.

لطالما كرهت صباح اللون الأسود، وكانت تفضل عليه الأبيض في حفلات رأس السنة. كانت دائماً تطل بالأبيض وتحاول مراراً الفوز بفستان من الألوان الزاهية، الأحمر والأخضر. كانت الأزياء بالنسبة لها تدل على نفسيتها الهادئة، التي لم تعرف الضغينة ولا الكره ولا المنافسة. يؤكد حطب كذلك أنّها لم تكن "أكولة"، بل زاهدة تقيم أكبر الولائم وتجلس مع المدعوين على الطاولة. ومن بين كل الأطباق التي تزدان بها مائدة صباح، كانت تفضل "المجدرة"، تتناولها بخبز محمّص، وتكتفي بالقليل.
دلالات
المساهمون