متلازمة الشرف

20 نوفمبر 2016
(تصوير: محمد أبو غوش)
+ الخط -

قد يبدو هذا الموضوع مكررًا، لكن على كل من يتابع الأخبار أن يعترف بأن "جرائم الشرف" مستمرة، ولا يكاد يمضي أسبوع من دون جريمة أو أكثر، لكننا اعتدنا متابعة العناوين، والعناوين حاليًا تركز على جرائم جماعية تُرتكب بحق الشعوب في سورية والعراق واليمن ومصر.

تبدو هذه الجرائم خلافية بصورة مخجلة أمام صفحات التاريخ، مخجلة حقًا حين يتم اغتيال شعوب بناءً على خياراتها وخلفياتها. تصغر الجريمة حجمًا ولا تختلف نوعًا في المفهوم الدارج؛ حيث تُقتل الفتاة بناءً على خياراتها، وأحياناً يقتل شاب. لكن الأكثر قسوة هو القوانين التي تسهل هذه الجرائم، كأن أرواح البريئات قروض بنكية؛ أي أنه تُطرح القوانين البنكية كفوائد ميسرة، بصورة تشجيعية على استحياء زائف، متجاهلة الدعوات المحلية قبل العالمية لوقف هذه النتانة، ومعالجة متلازمة الشرف التي هي أبعد ما تكون عن الشرف. ليس موضوعًا مستهلكًا طالما الجريمة مستمرة، إن كانت لحظة حدوثها أو طالما كانت القوانين الحامية لها قائمة.

هنالك مستويان لـ "جريمة الشرف"؛ واحدة بناءً على الشبهة أو التصرف الذي لم "يرتق" بعد لمس الشرف، كالحب أو الارتباط أو حتى مجرد التواصل المباشر أحيانًا، ومستوى آخر مرتبط مباشرة بالشرف؛ وهو المتعلق بفعل العلاقة المرتبطة بالحب، وهذا الأخير ليس بالضرورة ممارسة جنسية، بل قد لا يتجاوز تلامس اليدين أحيانًا.

هنا تتداخل مجموعة من المواقف الخجولة، فالجريمة جريمة إن قامت على مستوى الشبهة فقط، في تبرير ضمني للقتل على لمسة اليد، هذا هو الخجل المنافق.

تُرفض جرائم الشرف ليس من باب إعادة تحديد الخطوط الحمراء، بل من باب إزالتها طالما بقيت في حدود الحريات الشخصية. ومن باب رفض الجريمة أصلًا تحت أي ذريعة كانت. من الذي يعطي الأخ الفاشل غالبًا حق الوصاية على خيارات أخته؟ وكيف يتم فرض نموذج "أخلاق حميدة" على الفتاة بحيث يختلف تمامًا عن نموذج الشاب؟

طبعًا، حين تنبه القائمون على قانون جرائم الشرف للتناقض أعلاه، قاموا بتصحيحه عن طريق تذريع جريمة الشرف بحق الشاب، في انفصال كامل عن الواقع. من أين لأخت أن "تضبط" أخاها إن كان مجرد خروجها لزيارة بيت الجيران يحتاج مُعاملة وموافقة أمنية/عائلية؟ إن كان عليها في الغالبية الساحقة من العائلات في مجتمعنا أن تسبق الشمس إلى الغروب في بيتها؟

"جرائم الشرف" جرائم ونقطة. والحرب ضدها لا تكون بإعادة تشكيل القوانين، بل بإلغائها ومعاملتها كجرائم قتل مع سبق الإصرار. هذا لن يخفي الجرائم بين يوم وليلة، فهنالك من هو على استعداد لتعويض فشله وخيباته بفعله "البطولي" المزعوم، ولو كلفه ذلك السجن المؤبد أو الإعدام.

من هنا، ما يلزم معالجته هو المناهج التي تزدري حقوق الإنسان والمرأة بصورة خاصة، ولا تقيم وزنًا للمنظومة الإنسانية الحديثة الحامية لحق الفرد في الحياة، وحق الجماعة في الاحتجاج والطموح للتغيير، دون الخوف من طقطقة العظام.

المساهمون