ولد مسعود مصطفى شيخ محمد عبد السلام شيخ تاج الدين البارزاني، في مدينة مهاباد داخل إيران، على مقربة من الحدود مع العراق عام 1946. حيث كان والده الملا مصطفى البارزاني، وزير دفاع "جمهورية كردستان"، التي سقطت بعد ولادتها بعدة أشهر، إثر هجوم للجيش الإيراني أيام نظام الشاه، ما دعاه إلى العودة للعراق مرة أخرى. ومن ثم انتقل مع والده إلى موسكو رفقة قيادات كردية أخرى، قبل أن يعودوا إلى كردستان، ويتم نفيهم من قبل النظام الملكي بالعراق إلى مدينة جنوب البلاد. وبعد انهيار الملكية في العراق عام 1958، وقيام الجمهورية، عُفي عنهم وعادوا إلى مدينتهم (بارزان) شمال العراق، وكان البارزاني آنذاك في الـ (12 عاماً) من عمره.
استمر الهدوء قليلاً في حياة مسعود البارزاني، قبل أن ينتفض الأكراد مجدداً ضد بغداد عام 1961، مطالبين بحقوق متساوية، من بينها السماح بدراسة اللغة الكردية، والتمتع بجميع الامتيازات بما فيها ممارسة عاداتهم وتقاليدهم. هذه الانتفاضة، دفعت مسعود عام 1962 إلى ترك الدراسة، وهو في السابعة عشرة من عمره، ليلتحق بصفوف قوات كردية بقيادة والده.
"ابن الجبل"
لقب البارزاني بـ"ابن الجبل"، وهو أعلى صفة تشريف يمكن أن تطلق على المقاتل الكردي.
شارك مسعود البارزاني مع شقيقه إدريس البارزاني بالمفاوضات التي جرت مع الحكومة العراقية في بغداد، والتي انبثقت عنها اتفاقية منح الحكم الذاتي لكردستان في عام 1970.
وعاود أكراد العراق مجدداً حراكهم المسلح ضد بغداد، بسبب ما قالوا إنه تراجع ونكث بوعود بغداد لهم، على خلفية اتفاقية الجزائر عام 1975 الموقعة بين العراق وإيران.
استمر الحراك المسلح مع والده الملا مصطفى حتى عام 1979، حيث توفي والده في الولايات المتحدة بعد موافقة واشنطن على قدومه للعلاج. وشكل موت مصطفى محطة مفصلية في حياة مسعود السياسية، إذ تولى بعد ذلك رسمياً منصب قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، والحراك المسلح حتى اليوم.
كما شكل مقتل شقيقه (إدريس) على يد الجيش العراقي في معارك عام 1987، محطة مفصلية أخرى في حياة مسعود، الذي دخل في حرب أهلية مع حزب "الاتحاد" بزعامة جلال الطالباني، مطلع التسعينيات.
بعد ازدياد حدة الخلافات الكردية – الكردية في تسعينيات القرن الماضي، لجأ مسعود البارزاني إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ليقف إلى جانبه، وترأس وفداً كردياً رفيع المستوى التقى بصدام في إبريل/نيسان عام 1991. وخلال الاجتماع تم تقديم الشاي الذي تردد مسعود البارزاني بتناوله، قبل أن يقدم صدام حسين على تبديل كوب الشاي الذي أمامه بكوب البارزاني، وكأن الرئيس العراقي الراحل كان يريد إيصال رسالة مفادها بأن كوب البارزاني لم يكن يحتوي على السم.
وأخذت الحرب الأهلية منحى الصراع على إدارة المنطقة الكردية والنفوذ، وبينما دعمت المخابرات الأميركية وقوى غربية البارزاني، دعمت إيران وروسيا جلال الطالباني حتى انتهت الحرب عام 1996، باتفاق برعاية الأمم المتحدة في باريس، أوقف القتال وتم تقاسم مناطق النفوذ بين أربيل والسليمانية.
واللافت أنه رغم وجود علاقة بين صدام حسين ومسعود البارزاني، فإنّها لم تمنع الأخير من الانضمام لصفوف المعارضة العراقية، التي كانت تخطط لقلب النظام العراقي، واستمر التنسيق بين الأحزاب الكردية والشيعية المعارضة، حتى الإطاحة بنظام صدام حسين على يد الاحتلال الأميركي عام 2003.
دأب البارزاني على معارضة الحكومة العراقية قبل عام 2003، غير أنّ مواقفه تجاه السلطات العراقية كانت تتسم بالبراغماتية، لأنه كان فجأة يجهز موكبه ويتوجه إلى بغداد للحصول على الدعم على حساب الجهات الكردية الأخرى.
حظي مسعود البارزاني بمكانة سياسية كبيرة في النظام السياسي العراقي الجديد بعد أن استولى على رئاسة إقليم كردستان، وحصول ذراعه اليمنى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، على وزارة الخارجية العراقية لمدة (11 عاماً) قبل أن يصبح وزيراً للمالية لثلاثة أعوام أخرى.
واستمر البارزاني ينادي بحلم "الدولة الكردية" والتلويح بالانفصال، كلما ازدادت حدّة المشاكل مع الحكومة المركزية في بغداد، إلى أن تفاقمت الأمور بشكل كبير خلال الولاية الثانية لرئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي (2010 – 2014)، حين وصف البارزاني المالكي بالمتفرد والدكتاتور، وتصاعدت المشاكل بين بغداد وأربيل بشكل كبير حين قررت سلطات إقليم كردستان في مايو/أيار من العام الحالي إجراء استفتاء الانفصال في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
ويحذر برلمانيون وسياسيون عراقيون من وجود علاقة مباشرة للبارزاني بإسرائيل، قد تكون وراء دولته الجديدة التي ستكون صديقة لإسرائيل.
حياة مسعود الخاصة
بعيداً عن السياسة، يجيد مسعود البارزاني اللغات العربية والإنكليزية بشكل جيد، ويفهم الفرنسية والفارسية والتركية، إلى جانب لغته الأم الكردية.
عرف عنه ولعه بكرة القدم حتى الآن، وحبه للروايات، فضلاً عن حرصه على المشاركة في الندوات العسكرية. لمسعود ثمانية أولاد و35 حفيدا. ولم يكن لديه صديق دائم ولا عدو دائم. وهو متهم بالعنصرية والشوفينية.