ما لم يقله عباس في الأمم المتحدة

05 أكتوبر 2015
+ الخط -
صعد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منصة الأمم المتحدة، وألقى القنبلة التي لم تنفجر إلا في وجه الشعب الفلسطيني مزيداً من الإحباط. ولم تكن القنبلة السياسية التي لوح عباس بإلقائها في خطابه سوى حيلة لاستجلاب الاهتمام الإعلامي المنصب على الحروب المشتعلة في سورية واليمن وغيرهما.

لم يعلن الرئيس أمام العالم عن وقف التنسيق الأمني الذي يساعد الاحتلال الإسرائيلي على البقاء والعربدة باطمئنان في مدن وشوارع القدس والضفة المحتلة. ولم يعلن بوضوح عن إلغاء اتفاقيات أوسلو، وربطها بأداة الشرط (إذا)، حيث قال إنه لن يلتزم بها (إذا) لم تلتزم إسرائيل، حتى أنه لم يحدد سقفاً زمنياً للالتزام "الإسرائيلي" المطلوب بالاتفاقات، أم علينا أن ننتظر 20 سنة أخرى. كما لم يعلن الرئيس عن حل السلطة الوطنية الفلسطينية، كما توقع كثيرون، لإعادة القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، قضية تحرر وطني، بكل الطرق والوسائل المشروعة.
لم يطالب الرئيس بفرض عقوبات على الإحتلال، على غرار التي فرضتها الأمم المتحدة سابقا على ليبيا والسودان وإيران وغيرها من الدول، أو على الأقل المطالبة بفرض المقاطعة على كيان العدو، حتى أنه لم يطالب الدول العربية التي تقيم علاقات سلام مع إسرائيل بقطع هذه العلاقات، أو على الأقل، بسحب السفراء. لم يعلن عن اتخاذ أي خطوة عملية لنصرة المسجد الأقصى الذي يتعرّض للتقسيم والابتلاع، حيث اكتفى بعرض حال، كأي متابع أو كإعلامي، يعرض تقرير مشبعاً بالعواطف والشجن.
كما أن الرئيس الفلسطيني لم يوجه كلامه إلى شعبه المتحفز لإنقاذ المسجد الأقصى، على غرار الخطاب الذي أطلقه الرئيس الراحل ياسر عرفات، عشية هبة الأقصى، في مثل هذا الشهر من العام 2000. لم يهدد بالاستقالة، كما توقع، أو كما تمنى كثيرون، الأمر الذي طمأن إسرائيل إلى استمرار بقاء السلطة وكيلاً أمنياً عن الاحتلال، ومكسر عصا يفرغ الاحتلال عبرها جام غضبه في شعبنا، قتلاً واعتقالات، تهجيراً وإبعاداً، خنقاً اقتصادياً ومصادرةً وتهويد مقدسات، ليمثل بقاء السلطة إطاراً تجميلاً أمام العالم للجرائم الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني.
غادر الرئيس الأمم المتحدة بلا أي إنجاز، اللهم إلا بعلمٍ مرفوع على عصا، فيما يواجه الأقصى خطر التقسيم والابتلاع بدون أي عصا، تدافع عن حياضه المقدسة.
إن استمرار فقدان رئاسة السلطة الفلسطينية البوصلة السياسية الناجعة، واستعدادها لمواصلة مشوار التيه في دهاليز المفاوضات، يبعثان رسالة عاجلة إلى كل قوى المقاومة وفصائلها، لأخذ زمام المبادرة، وتولي دفة قيادة الشعب في المعركة المفتوحة مع إسرائيل، وتصحيح بوصلة الأمة التائهة لإنقاذ آخر قلاع المجد، المسجد الأقصى وأكنافه المتحفزّة.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)