الصدام المؤجل

16 فبراير 2016
+ الخط -
رائد صلاح، كمال الخطيب، أيمن عودة، حنين زعبي، باسل غطاس، جمال زحالقة، أسماء باتت معروفة ومشهورة في المنافحة عن الحق الفلسطيني.
الحق الفلسطيني لا يتجزأ، فهم كما غيرهم من قادة الداخل الفلسطيني يطالبون بتسليم جثامين شهداء القدس، وإنهاء حصار غزة، تماما كما يطالبون بوقف هدم منازل الفلسطينيين في الطيبة وشفا عمرو، ويتصدّون لاقتحامات الصهاينة لباحات الأقصى تماما كما يتصدون لإخراج الحركة الإسلامية في الداخل عن القانون.
باتت الهجمة الصهيونية على فلسطينيي الداخل تأخذ وسائل وأساليب وطرق تجاوزت كل خطوط المعقول، بحيث باتت توصف بأنها إعلان حرب، يقود لواءها نتنياهو بنفسه، ولم تبدأ الحرب بإخراج الحركة الإسلامية، بقيادة الشيخ رائد صلاح عن القانون ومنعه وكمال الخطيب وآخرين من السفر، إضافة إلى منع نحو 20 مؤسسة خدمية تابعة لها من أداء رسالتها المجتمعية للفلسطينيين في الداخل.
فها هو يحاول إخراج نواب حزب التجمع، حنين زعبي، باسل غطاس، جمال زحالقة عن الشرعية السياسية، الأمر الذي يعيه قادة الداخل، لهذا رأيناهم صفا واحداً ضد إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، على قاعدة أًكلت يوم أُكل الثور الأبيض.
تترافق الحملة على قادة الداخل الفلسطيني مع حملة موسعة لهدم البيوت والمباني والمساجد في المدن العربية، بحجة عدم الترخيص، سيهدم في إطارها نحو 50 ألف مبنى عربي، ضمن سياسة العقاب الجماعي، لعدم انخراط أبناء شعبنا في الداخل في صفوف العدو ومؤسساته التي توغل في دماء شعبنا الفلسطيني المحتل.
في الواقع، بات الفلسطينيون في الداخل في ظل هذه الهجمة أمام واقع جديد، الأمر الذي يتطلب استخدام أدوات جديدة في سياق النضال في حرب البقاء والصمود في وجه الآلة الصهيونية التي باتت تستهدف وجودهم. ولا شك أن الحملة التي يقودها نتنياهو بنفسه لها أبعاد أخرى، منها:
سحب الشرعية عن العمل السياسي العربي في الداخل، خصوصاً العمل الذي يخترق السقف الذي تريد إسرائيل منه حشر الفلسطينيين تحت وطأته، وهو التدجين. ترويض النضال الشعبي والشرعي لفلسطينيي الداخل، ومحاولة لقطعهم عن امتدادهم الطبيعي وعمقهم العروبي الفلسطيني. محاولة عقيمة لرسم وتخفيض سقف النضال وتوجيهه نحو قضايا مطلبية لاحتياجات المعيشة بعيدا عن النضال الوطني المرتبط ببعده وعمقه السياسي. التقرب للجمهور الصهيوني بالعداء للعرب، والعمل ضدهم بشتى الطرق العسكرية والسياسية، لحصد مزيد من الأصوات في الانتخابات.
غير أنه لهذه السياسة عواقب وخيمة، فتجريف المجتمع العربي في الداخل من القيادات السياسية وقادة الرأي والحجر عليهم سيؤدي حتما إلى إحياء احتمال وقوع الصدام المؤجل، مجتمع عربي بكليته في مواجهة فاشية المؤسسة الصهيونية، واتخاذ أساليب أخرى للصدام مع المؤسسة الصهيونية، في سبيل تحقيق حقوقهم المطلبية والسياسية، أو حتى التعبير عن عمقهم وانتمائهم لفلسطين الوطن والشعب. ولن تجد من قادتهم السياسيين أي ردع أو توجيه بالاتجاه العقلاني في مواجهة موجة التطرف التي تجتاح المجتمع الصهيوني تجاه الفلسطينيين في الداخل، الأمر الذي بات يتطلب من كل العقلاء في الداخل المحتل التداعي إلى وضع برنامج وطني، لتوظيف حالة الإجماع الشعبي في التصدي للحملة الصهيونية التي تستهدف فلسطينيي الداخل للحيلولة دون الاستفراد بكل طرف على حده.
أسوأ ما في الأمر أن يبقى كل تجمع فلسطيني فصل الاحتلال بينه وبين بقية شعبه، يقاتل لتحصيل حقوقه الدنيا وحده، فترك فلسطينيو الشتات ينافحون الحكومات التي تستضيفهم ووكالة الغوث الدولية التي تتنكر لهم، وفلسطينيو الأرض المحتلة الذين ينتفضون، كل بضع سنين، في وجه المحتل من دون نصير، وفلسطينيو الداخل المحتل يخضعون للابتزاز الصهيوني ضمن حرب الترويض والتدجين، وهم تحت تهديد السكين الصهيوني المستمر بالترحيل والنفي والإبعاد والإلحاق.
متى سيصبح للفلسطينيين قيادة جامعة، تهتم بالفلسطيني اللاجئ في منافي الأرض، كما تهتم بالفلسطيني المرابط فوق أرضه في أم الفحم، وتستعد للصدام المؤجل منذ 65 عاما.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)