ترامب والرئيس المكسيكي
في محادثات ترامب مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو، والتي وثقها البيت الأبيض ونشرت نسخا عنها صحيفة "واشنطن بوست" تبرز قضية بناء الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة منعا لعبوراللاجئين من أبرز القضايا التي تداولها الرئيسان في يناير/كانون الثاني 2017، والتي تظهر كيف تتراجع حدة خطاب ترامب من التشديد على أهمية الجدار، وإعطائه الأولوية خلال حملته الانتخابية، وصولا إلى مخاطبات وتغريدات كتب في إحداها أن "الجدار ليس القضية الأبرز التي نطرحها مع المكسيك"، وصولا إلى طلبه من الرئيس المكسيكي أكثر من مرة بأن "لا تصرح علنا بأن بلادك لن تموّل بناء الجدار".
وتأخذ المراسلات بين الاثنين المؤرخة يوم 27 يناير/ كانون الثاني 2017 بخصوص جدار الفصل بين البلدين حيزاً كبيراً، إلى جانب قضايا أخرى تتعلق بالأمن والتبادل التجاري والتعرفة الجمركية وتجارتي المخدرات وتهريب السلاح والأموال من المكسيك باتجاه الولايات المتحدة.
وأشار الرئيس المكسيكي إلى أن الجدار موضوع خلاف بين البلدين وتمويله لا يحظى بموافقة الحكومة المكسيكية والشعب المكسيكي أيضاً، في حين يمكن توطيد العلاقات بين البلدين بما يخدم اقتصاد الدولتين، خصوصا أن تنمية الاقتصاد المكسيكي هي أحد الحلول لمسألة الهجرة وضبط توجه المهاجرين نحو الولايات الأميركية.
لكن ترامب يرد بأن الجدار له دور أساسي في وقف تدفق المخدرات، مشيرا إلى رواج المخدرات الآتية من المكسيك في كل من شيكاغو ولوس أنجليس ونيويورك. ويقول "أصبحنا أمّة مدمنة على المخدرات" و"لدينا مشكلة ضخمة مع إدمان الأطفال على المخدرات التي يوفرها لهم المروجون بأسعار أقل من سعر الحلوى"، داعيا المكسيك إلى التعاون في مكافحة تجارتها وتهريبها. ويعود لمسألة الجدار مجدداً ويقول: "المكسيك ستدفع كلفة بناء الجدار (...) هذا ما قلته على مدى عامين، لأن المكسيك حققت ثروة نتيجة غباء ممثلي التجارة الأميركية، ضربتنا بالتجارة وعلى الحدود وتقتلنا بالمخدرات، والآن تقول إنك لن تدفع".
وقال لنظيره المكسيكي "إسرائيل أقامت الجدار، وهو ناجح، و99.9 في المائة من الناس الذين يحاولون العبور يفشلون". وأكد مجدداً "استعداد بلاده لإعانة الجيش المكسيكي في ضرب تجار وعصابات المخدرات وقتلهم". فردّ نييتو أن الجيش المكسيكي لم يستطع القضاء على العصابات الإجرامية لأنها مسلحة تسليحا قويا بفضل الأسلحة التي تأتيها من الولايات المتحدة. ولكنه شدد على القول "دعنا لا نتحدث مجدداً عن الجدار، سأبقى ثابتاً عند موقفي بأن المكسيك لن تدفع ثمن تشييد الجدار".
فردّ ترامب "لا تقل ذلك للصحافة، الصحافة ستتمادى مع هذا الأمر، وهذا ما لا أستطيع تحمله". وأضاف "قد لا يعني الجدار كثيراً من الناحية الاقتصادية، ولكنه شيء مهم من الناحية النفسية، ولو سألتنا الصحافة عن الأمر نرد "سنعمل عليه".
ترامب ورئيس الحكومة الأسترالي
تحادث الرئيس ترامب يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي مع رئيس الحكومة الأسترالي مالكوم ترنبول بخصوص مسألة طالبي اللجوء الذين حاولوا الوصول بالقوارب إلى أستراليا لكن السلطات منعتهم واحتجزتهم في جزيرتي ناورو ومانوس، وترفض رفضاً قاطعاً منحهم اللجوء، وحتى أولئك الذين لديهم عائلات وأقارب في أستراليا.
وانطلاقاً من الاتفاق الأميركي الأسترالي المبرم مع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والذي يقضي باستقبال هؤلاء في الولايات المتحدة، والذي أعلن ترامب عن رفضه مراراً، واصفاً إياه في المكالمة بأنه "غبي"، و"سيتسبب في موتي"، "سيجعلنا نظهر بمظهر سيئ".
ورد عليه ترنبول "نريد أن نعرف كيف يتعامل نظامكم التنفيذي مع الأقليات، وهذا ما فعلناه عندما استقدمنا 12 ألف لاجئ سوري، 90 في المائة منهم من المسيحيين"، معتبراً أن الأقليات المسيحية قد لا تجد على الأرجح مستقراً لها في ظل الواقع المأساوي في الشرق الأوسط. وتابع: "المسألة ليست طائفية وإنما اعتراف بواقع سياسي عملي".
ويرد ترامب بأن حظوظ السوري المسيحي بالقدوم إلى الولايات المتحدة كانت صفرًا، في حين أن الأمور كانت مسهلة للسوريين المسلمين. وبالعودة إلى الحديث عن الاتفاق اعتبر أنه من السيئ للولايات المتحدة أن تستقدم حاليا ألفي لاجئ لا تريدهم أستراليا.
عندها أردف رئيس الوزراء الأسترالي أن الاتفاق سيكون بمثابة صفقة كبيرة بين البلدين، وأن أستراليا ستفعل أشياء كثيرة لأميركا في حال القبول بتطبيق الاتفاق. وتابع "لست مضطرا لأخذ العدد الإجمالي كله، يمكنك أخذ بعضهم، بعد إخضاعهم للفحص والتدقيق، المهم أن تسير في مجريات الاتفاق"، مشيراً إلى أن غالبية هؤلاء هم لاجئون اقتصاديون من إيران وباكستان وأفغانستان ونعرف عنهم كل شيء.
وعندما سأله ترامب لماذا لم تسمح لهم بالدخول إلى أستراليا؟ أجاب لأنهم حاولوا الدخول بالتهريب إلى أراضينا، وليس لأنهم أناس سيئون. ولو أتى إلينا أفضل شخص في العالم ويحمل نوبل لن نسمح له بالدخول عبر القوارب مع المهربين.
ورد ترامب "إنك أسوأ مني في ذلك، أوافقك الرأي، ألمانيا تعيش فوضى كبرى بسبب اللاجئين". فتابع ترنبول أن "تسمح لمليوني شخص سوري بالدخول إلى أرضك هو أحد العوامل الأساس التي تقف خلف البريكست". وعاد ليقول "لست ملزما بأخذ أي شخص لا تريده، أجروا المقابلات مع طالبي اللجوء، يمكنكم التعامل مع كل حالة على حدة"، معتبرا أن الإعلان عن الموافقة يظهر الاحترام لحليف موثوق.
أما ترامب فأجاب بأنه يأسف لاضطراره إلى معايشة قرار واتفاق سيئ وصفقة فاسدة أبرمها أوباما، وقال "أكره هؤلاء الأشخاص (اللاجئين)، وأنا واثق من أنهم سيّئون، وإلا لما كانوا محتجزين الآن". وعاد ووصف الاتفاق بالفظيع، وقال إن المقابلات ربما أفضت إلى عدم قبول أي منهم.