وتعتبر أوساط سياسية أن خطاب الرئيس كان "مُخيبّاً للآمال، ويحمل من التساؤلات كمًّا مبالغاً فيه"، فيما ترى أوساط أخرى أن "الخطاب استهدف وضع الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية، واعتبارها أولوية". كما وجّه أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، انتقادات حادة لعباس، الذي لم يشركهم بالخطوط الرئيسية للخطاب، وأعلن عن تبنّيه المبادرة الفرنسية.
ولعلّ أبرز ما ترتب على خطاب عباس، هو عقد الرباعية الدولية اجتماعاً موسعاً مساء الأربعاء، وأصدرت بياناً قوياً تؤيد فيه "إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967". ومن المتوقع أن يصل وفد من الرباعية، التي تم توسيعها بإضافة الأردن، ومصر، والسعودية، والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، بناءً على طلبٍ فلسطيني، إلى رام الله وتل أبيب في 15 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
اقرأ أيضاً: الصحافة الفرنسية تحتفي بالعلَم الفلسطيني في نيويورك
ويتابع أن "ربط البيان بشكل هام بين الإرهاب والتطرف بالشرق الأوسط، وما بين انتهاج حل الدولتين عن طريق التفاوض، أي ما تهرّب من التطرق له الرئيس الأميركي باراك أوباما، غير أن موقف الرباعية كان في غاية الأهمية قياساً بالبيانات السابقة". ويلفت إلى أن "الرئيس عباس كان واضحاً بتأكيده أن الرعاية الأميركية المنفردة والمنحازة لإسرائيل، لم نعد في حاجة لها، ونريد مظلّة دولية شاملة لإنهاء الاحتلال، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية".
ويرى المجدلاني أنه "بات في الإمكان التعامل مع تركيبة الرباعية بعد التوسيع الأخير بإدخال عناصر عربية. وإذا كانت النتيجة سلبية، فسنلجأ لخيار آخر طرحه الرئيس عباس، وهو على شاكلة صيغة المفاوضات التي جرت بين إيران والدول الكبرى 5+1 في الملف النووي".
ويؤكد أنه "إذا كانت الأمور جدية، فحينها يجب أن تكون الرباعية الموسّعة، مرجعية لعملية مفاوضات مباشرة وبإشراف مباشر منهم، ونبدأ بقضية الحدود وليس قضايا أقل أهمية". لكنه أبدى تخوّفه من قدرة "الولايات المتحدة على شلّ هذه الآلية، كما شلّت قدرة الرباعية على مدار الأعوام الـ13 الماضية". ووفقاً للمجدلاني فإن "الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال غير جاهزتين لآلية الرباعية الموسعة حالياً". ويكشف أن "وزير الخارجية الأميركي جون كيري، طلب من عباس العودة للمفاوضات بعد ستة أشهر، من دون شروط أو تحديد سقف زمني، وعندما طلب الرئيس ضمانات أميركية بذلك، رفض كيري تأكيدها". ويرى المجدلاني أن "جوهر خطاب الرئيس قام على توجيه رسالة للمجتمع الدولي، فإما أن تكون القضية الفلسطينية على رأس الأولويات في المنطقة، أو أنه يجب أن تتحمّلوا مسؤولة التداعيات المترتبة على ذلك".
لكن عضواً آخر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رفض الكشف عن اسمه، يشير لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الدول العربية الثلاث التي ستشارك في اجتماعات الرباعية، لن يكون لها أي قرارات جوهرية ضد الإرادة الأميركية والمصلحة الإسرائيلية، ما يعني أننا ما زلنا في المربع الأول". ويؤكد أن "هذه الدول وغيرها من الدول العربية، مارست ضغوطاً كبيرة على الرئيس عباس في الفترة الماضية، بغية عدم الإقدام على اتخاذ أي قرار حاسم، لأن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية".
من جهته، يعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الأمين العام لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" علي إسحق، أن "خطاب عباس تضليلي ومخيّب للآمال ولا يحمل جديداً". ويُبدي إسحق اعتقاده في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن "الرئيس عباس تعرّض لضغوطات في نيويورك وعدّل في خطابه، لأن جميع التوقعات الكبيرة من الخطاب لم تحصل بشكل مفاجئ". ويتابع بأن "الخطاب كان أقلّ من التوقعات ومليئاً بالشكوى ويفتقر للرؤية، وكان مليئا بالتساؤلات من دون تقديم الإجابات".
وحول المبادرة الفرنسية التي أعلن الرئيس عن تبنّيها، يقول إسحق "يشدد الرئيس في جميع اجتماعات اللجنة التنفيذية، على أنه ليس هناك أي مبادرة فرنسية بل أفكار فرنسية، فكيف تحوّلت هذه الأفكار إلى مبادرة من دون علم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؟ لا نعرف".
ويضيف "خطاب الرئيس لم يُنَاقَش في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورغم ذلك كنا ننتظر مواقف سياسية واضحة من رأس الهرم الفلسطيني، والتزاما واضحا بما قرره المجلس المركزي الفلسطيني، الذي قرر إلغاء التنسيق الأمني، وفكّ كل أشكال الارتباط مع الاحتلال وإنهاء الانقسام". ووفقاً لإسحق: "يجري الإعداد للقاء لأعضاء اللجنة التنفيذية في العاصمة الأردنية عمّان، في 13 أكتوبر الحالي، لكن حتى هذه اللحظة لا توجد أي موافقة من الرئيس على عقد الاجتماع".
من جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة يهمّها أمران: البقاء وانتظار حلّ يهبط من السماء، ومن الواضح أن هدف القيادة الفلسطينية يقتصر على زيادة عدد المشاركين في المفاوضات، عبر جولة مفاوضات قريبة أو انتظار جولة مقبلة".
اقرأ أيضاً: عباس يطالب بالحماية الدولية ويقبل المبادرة الفرنسية حلّاً للقضية