ما الذي يشغل الإعلام الخليجي الآن؟

30 مارس 2014

شعار مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون في البحرين

+ الخط -

 

 ما الذي يشغل الإعلام الخليجي الآن؟

ليس توسيع مجالات الحرية، ولا قيادة الرأي العام باتجاه صناعة تحول ديمقراطي، ولا حماية الفضاء المشترك الاجتماعي والسياسي والإعلامي من الاستقطابات الطائفية. تلك انشغالاتٌ دونها السجن والموت والتشهير والملاحقات الأمنية.

ما يشغل الإعلام الخليجي، الآن، كيفية تحقيق التطابق التام مع خطاب السلطة في دول الخليج، كيف نحميها من الخطاب الحقوقي والإعلامي والسياسي، والذي يسعى إلى تحويل دول الخليج إلى ممالك دستورية، السلطة فيها للشعب بدل الحاكم الفرد.

النموذج التطبيقي لهذا الانشغال، مثلته ندوة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية عن "التعاون الإعلامي الإماراتي - البحريني في ظل التحديات الراهنة في المنطقة العربية"، وضمت مجموعة كبيرة من المسؤولين والمشتغلين في الإعلام الخليجي الرسمي، وشبه الرسمي، وتركزت محاور الندوة على التعاون الإعلامي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

 المداخلات المسجلة في "يوتيوب" مدتها ثلاث ساعات، منشورة على الموقع الإلكتروني للمركز، وكلها تدور حول مواجهة قوى التغيير الداخلية، وتصوير الدعم الحقوقي من منظمات دوليةٍ، والموقف الإعلامي من صحف وقنوات عالمية على أنه مؤامرة خارجية، تستهدف الإخلال بالأمن، وتشويه الصورة والإساءة إلى الخليج. كان الإجماع على ذلك يزداد اتساعاً ورسوخاً، مع كل مداخلة، ومع ارتفاع نبرة المزايدة بين المشاركين، هي نموذج للإجماع غير المفيد.

 كاتب بحريني/ سعودي خبير بشؤون الشرق الأوسط، كان ينبه، بشكل مستنكر، على أن معارضاً سياسياً بحرينياً، يعيش في دولته، ويكتب في صحيفةٍ خليجيةٍ من غير دولته، يجد في هذا النموذج تحدٍ إعلامي، ويقترح أن ننتبه إلى هذه الخروقات، بأن نمنع أَي معارض في أَي دولة خليجية من أن يتمكن من الوصول إلى أي منبر إعلامي خليجي، حفاظاً على المواثيق الإعلامية الخليجية.

 وتحدث رئيس جمعية الصحفيين البحرينية، بلغة أَمينة، عن مثلث تفكيك الخليج العربي، وقال إن المثلث يتكون من الخلايا النائمة، والمنظمات الحقوقية المسيسة، والإعلام الخارجي. ويؤكد، بلغةٍ جازمة، أن هذا المثلث المتصل هو الذي حدث في مصر وتونس، وقاد إلى إسقاط الأنظمة فيها، وهو نفسه الذي يعمل حالياً في الخليج، وعلى الإعلام الخليجي أن يتنبه له.

 حس أَمني عال جداً، وحس نقدي منخفض جداً، وبينهما غياب تام للصحافة، كسلطة مستقلة مراقبة للسلطة السياسية، في وجهها الأمني خصوصاً، باعتباره الأكثر انتهاكاً للحرية. ويتحدث هذا الملتقى الإعلامي عن اتفاقيات إعلامية، ليست موازية للاتفاقيات الأمنية، بل متطابقة معها ومستلة منها. ينسى متابع الندوة أنها تمت في مركز دراسات، لن يشك أنه يستمع إلى ندوة يقيمها الإعلام الأمني في إحدى وزارات الداخلية الخليجية.

 يكاد يكون التطابق، في دول الخليج، مطلقاً بين الإعلام والأجهزة الحكومية، لا مسافة مدنية بينهما، تتيح للمجتمع أن يتنفس حرية. وزيرة الإعلام البحريني، والمتحدث باسم الحكومة البحرينية، سميرة رجب، قالت في المؤتمر الرابع لاتحاد الصحافة الخليجية، إن منطقة الخليج تمر بتحديات كبيرة، وهناك ثروة طائلة تصب، اليوم، في الخليج، بهدف قيام مؤسسات إعلامية ليست من مصالحنا، وانتقدت في المؤتمر قنوات خليجية مستقلة.

 التحديات التي تقصدها الوزيرة، ويقصدها الملتقى الإعلامي، هي كل نشاط مدني مستقل، يحاول أن يخفف من هذا التطابق بين السلطة والإعلام، كل مشروع يحاول أن يبني مجتمعاً مدنياً خارج سيطرة إعلام السلطة يعد، وفق منطق سميرة رجب وإعلام الخليج، مؤامرة وشبكات ومثلث تفكيك، على قاعدة أنه (ليس من مصالحنا).تقتضي المصالح التطابق إلى حد إلغاء الإعلام كسلطة مستقلة. إنه الموت الحقيقي للإعلام في الخليج، ويا ويل الإعلام العربي الذي يعتمد على هذا التمويل المميت لرسالة الإعلام.

 

هوامش"

للاستماع لندوة التعاون الإعلامي الإماراتي البحريني في ظل التحديات الراهنة في المنطقة العربية.

 

http://www.ecssr.com/ECSSR/appmanager/portal/ecssr?_nfpb=true&_nfls=false&_pageLabel=ActivitiesPage&eventId=%2FActivities%2FSymposia%2FActivities_4144.xml&_event=viewDetails&lang=ar

 

 

327E8F64-9D86-43CE-8CA9-17F7BC8534A6
علي الديري

ناقد وباحث من البحرين، متخصص في تحليل الخطاب، مواليد 1971. أنهى رسالة الماجستير "قوانين تفسير الخطاب عند ابن حزم الأندلسي" في2007. وناقش أطروحة الدكتوراة "مجازات الجسد عند إخوان الصفاء وابن عربي" في 2010. صدرت له عدة كتب.