وأكد مصدر حكومي على صلة وثيقة بالخارجية الليبية في طرابلس، تواصل السلطات الروسية مع مسؤولي حكومة الوفاق بشأن مواطنين روسيين محتجزين في طرابلس بتهم التخابر من أجل التأثير على الانتخابات في ليبيا.
وأكّد المصدر، الذي تحفظ على ذكر هويته، لـ"العربي الجديد"، أنّ الجانب الليبي طلب توضيحاً بشأن طبيعة عمل شركة علاقات عامة روسية تنشط في ليبيا منذ مطلع العام الجاري، مشيراً إلى أنّ الاتصالات مع الجانب الروسي مستمرة دون الوصول إلى نتائج واضحة.
وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الاثنين الماضي، إن بلاده تجري اتصالات مع حكومة الوفاق بطرابلس، لتحديد الإجراءات التي يجب اتخاذها لتقديم المساعدة القنصلية المطلوبة لمواطنين روسيين اثنين محتجزين في ليبيا.
وكانت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، قد كشفت في الخامس من الشهر الجاري، اعتقال جهات أمنية ليبية بطرابلس روسيين اثنين بتهمة "محاولة التأثير على الانتخابات المقبلة في ليبيا".
ووفق الوكالة الأميركية فإن الروسيين "شاركا في تأمين لقاء مع سيف الإسلام القذافي مع بعض المسؤولين في موسكو" قبل أن يتم اعتقالهما مطلع مايو/أيار الماضي، بحسب رسالة مختومة من مكتب المدعي العام بطرابلس، اطلعت عليها الوكالة، فيما تمكن روسي ثالث من الفرار من الاعتقال.
وبحسب المصدر الليبي ذاته، فإن الروسيين المعتقلين وأحدهما روسي من أصول عربية أردنية، اعتقلا في ضواحي طرابلس، في الثاني من مايو الماضي، وأن أسباب اعتقالهما ليست بسبب التأثير على الانتخابات فقط، بل جاءت أيضاً بعد "ثبوت اتصالهما بقيادات من أنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي تعمل حالياً ضمن العملية العسكرية التي يقودها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس".
ويدعم قطاع واسع من أنصار نظام القذافي سياسياً وعسكرياً حرب حفتر على العاصمة طرابلس التي أطلقها في الرابع من أبريل/نيسان الماضي. ويشكل مقاتلو وقادة النظام السابق غالبية مكونات اللواء التاسع من ترهونة الذي يسيطر على أغلب مواقع قوات حفتر حالياً جنوب شرق العاصمة، بعد سقوط مدينة غريان في السادس والعشرين من يونيو/حزيران الماضي.
وأكّد المصدر أنّ "التحقيقات تشير إلى أنّ الاتصال مع تلك القيادات تم قبل قيام حفتر بغزو طرابلس"، موضحاً أن "الاتصالات تبدو على علاقة ببرنامج تقوده شركة علاقات عامة روسية لصالح نجل القذافي سيف الإسلام". واستدرك قائلاً "حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى علاقة المقبوض عليهم بعمليات حفتر الحالية".
غير أن المصدر الليبي أشار إلى أنّ الشركة تعمل منذ فترة طويلة في ليبيا، وتنشط في ربط علاقات واتصالات مع زعامات قبلية من أجل الترويج لسيف الإسلام القذافي كمرشح في الانتخابات التي كان عقدها مقررا نهاية العام الجاري، بحسب خطة الأمم المتحدة.
واعترف رئيس صندوق حماية القيم الوطنية الروسي، ألكسندر مالكيفيتش، الثلاثاء الماضي، بأن السلطات الليبية وجهت تهماً تتعلق بالتدخل في الانتخابات الليبية لاثنين من موظفي هذا الصندوق، مؤكداً احتجازهما في سجن بضواحي العاصمة طرابلس.
وبرر مالكيفيتش وجود الروسيين في ليبيا بأن أحدهما عالم اجتماع روسي يعمل على إجراء دراسات استقصائية ثقافية واجتماعية سياسية في ليبيا.
لكن رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام في ليبيا، أكد أن روسيين اعتقلا في مايو الماضي بسبب "محاولتها التأثير على الانتخابات المقبلة في البلاد"، مشيراً إلى أنّ "الروس كانوا على اتصال مع مختلف الأحزاب الليبية، والتقوا سيف الإسلام القذافي مرتين".
ويعتبر مراقبون أن روسيا التي تملك اتصالات بكل الأطراف الليبية، لا تزال تراهن على عودة رموز وقيادات النظام السابق للعملية السياسية في ليبيا.
وإثر إعلان البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن عقد لقاء جامع للأطراف الليبية في غدامس يوكل إليها تقرير موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، عن أمله، خلال تصريحات صحافية نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، في أن يلعب سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي "دوراً بالمشهد السياسي في ليبيا".
وأكدت وكالة الأنباء الروسية، وقتها، أن مندوباً عن سيف الإسلام نقل رسالة رسمية إلى موسكو طرح خلالها مشروعه السياسي للحل في ليبيا، مؤكدة عبر مصادرها أن نجل القذافي على تواصل مستمر مع قادة سياسيين في موسكو.
وأضافت الوكالة نقلاً عن بوغدانوف قوله "ندعم الجميع. نعتقد أنه لا ينبغي عزل أحد أو إقصائه عن أداء دور سياسي بناء، ولهذا السبب نتواصل مع كل الجماعات المتمركزة في غرب وشرق وجنوب البلاد"، مضيفاً "يتمتع سيف الإسلام بدعم قبائل محددة في مناطق محددة من ليبيا، وكل هذا ينبغي أن يكون جزءاً من العملية السياسية الشاملة بمشاركة القوى السياسية الأخرى".
ومنذ إعلان مجموعة مسلحة تشرف على محبسه في مدينة الزنتان إطلاق سراحه في يوليو/تموز 2017، لا يعرف مكان تواجد نجل القذافي الذي سبق أن حكمت عليه محكمة ليبية منتصف عام 2015 بالإعدام رمياً بالرصاص، كما لا تزال محكمة الجنايات الدولية تطالب بضرورة تسليمه لمحاكمته عن تهم وجهت إليه منذ يونيو/حزيران 2011.