تعليقات السوريين الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، سبقت إطلالة المنجم اللبناني، مايك فغالي، على قناة "سما" السورية التي باتت جزءاً من طقوس القناة في ليالي رأس السنة بكل عام؛ فالتنبؤات التي صرّح بها فغالي نهاية العام الماضي باءت بفشل ذريع. إلا أن موجة السخرية المسبقة لم تمنع قناة "سما" من استقبال فغالي، الذي أكد بإطلالته الغريبة على استحقاقه لما يطاوله من سخرية، فارتدى في المقابلة الجديدة - كعادته - زياً تعبيرياً، يلخص نظرته للسنة الجديدة، وكان زيه الجديد أكثر غرابة وفكاهة من أزيائه في السنوات الماضية، حيث اختار لسنة 2020، التي أطلق عليها تسمية "سنة الأيدي المتشابكة" زياً أبيض اللون يشبه الجلباب، له ياقة مصنوعة من الفرو، تعتليها يدان بشريتان متشابكتان بابتذال، فأدت إطلالته إلى زيادة جرعة السخرية.
تنبؤات فغالي الجديدة لا تختلف عن تنبؤاته في الأعوام السابقة؛ فهي مزيج من التوقعات الفضفاضة التي لا بد أن يتحقق جزء منها، كالحديث عن
كوارث بشرية في قارة ما، من دون تحديد طبيعة الكارثة، بالإضافة إلى تنبؤات دقيقة تحدد أحداث سياسية بغاية الدقة، تتوافق بالطبع مع السياسة الإعلامية للنظام السوري، بما فيها من
تهليل وتطبيل لرئيس النظام، بشار الأسد.
ففي السنة الماضية تنبأ فغالي بتفجيرات وطوفانات وحروب، لم يحدد مكانها، وتعاملت القناة معها على أنها تنبؤات ناجحة، فعرضت ريبورتاجاً يبرهن ذلك، فيما فشلت التنبؤات الدقيقة، كتلك التي ذكر فيها أن الليرة السورية في سنة 2019 ستصل إلى أعلى مستوياتها، فحدد قيمة الدولار بثلاثين ليرة سورية فقط! بينما شهدت سنة 2019 في الواقع تسجيل الليرة السورية لأدنى مستوى لها بتاريخها، بقيمة 975 ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي الواحد. وبالإضافة إلى هذه التنبؤات، يضيف فغالي في كل سنة لمسته الخرافية، فيتنبأ بأحداث تتجاوز كل حدود المنطق، مثل ما ذكره قبل سنتين عن ظهور كائنات جديدة، سماها الـ"روبتاتيتلز"، وهي مخلوقات فضائية تشبه السحالي، وهو ما عاد ليؤكده فغالي هذه السنة.
تنبؤات فغالي لسنة 2020 بدت أكثر طرافة وغرابة ولا منطقية. فعلى المستوى العالمي، توقع اغتيال دونالد ترامب وتفكك الولايات المتحدة الأميركية وحروباً بين دول الاتحاد الأوروبي، وعلى المستوى العربي بدت توقعاته فكاهيةً أكثر، فتوقع توسع دولة لبنان وتوسع الدولة السورية! وحروباً وانقسامات في الأردن وتأسيس جامعة عربية جديدة، وتحدث عن دور سيلعبه الأسد بنصرة الشعوب! وكان التوقع الأكثر غرابة، ازدياد أعداد المندسين المعارضين في سورية، بسبب هبوط موجة جديدة من الفضائيين إلى سورية، ليختم فقرته عن سورية بأن كل من عارض الأسد هم كائنات فضائية، لأنّ من غير المنطقي أن يكون هناك كائن بشري لا يحب الأسد!
هي خرافات لا تصلح كسيناريوهات لمسلسلات الكرتون يسردها مهرجون بتبجح وتعرضها الشاشات السورية الداعمة لنظام الأسد، بلا حرج ولا تبرير، فهي تتناسب مع معايير العرض ما دامت تنطق بكلمة المرور السحرية: بقاء الأسد هو الحل؛ فعندما قال فغالي إن الأسد أنقذ الإنسانية بمحاربته الإرهابيين، ارتدى مستضيفه ثوب الخشوع وتقبّل كل ترهاته.
وسبق أن استضافت القنوات التلفزيونية الداعمة للأسد العديد من الشخصيات الإشكالية التي سردت قصصاً لا منطقية وتبنتها جميعاً، فقط لأنها تهلل للأسد؛ فحدث ذلك ببرنامج "وحش البحيرة" الذي عرضته قناة "سما" قبل أربعة أعوام، حين استضافت رجلاً تحدث ببلاهة عن أسرار الماسونية ليكشف المؤامرة الكونية على سورية، ويذكر أن الأسد هو من يمثل وجه الخير في العالم. ذلك بالإضافة إلى الخبراء الاقتصاديين والنفسيين الذين تستضيفهم قنوات النظام باستمرار، والذين يخترعون نظريات غريبة ليبرئوا النظام من مسؤولياته تجاه الشعب؛ فتعرض الشاشات الخرافات لجمهور يعاني من القمع والجوع.