دولة "الولايات المتحدة الأوروبية"، وليس الولايات المتحدة الأميركية، هي التي ستقود العالم الرأسمالي الحر خلال العقد المقبل. هذه هي الرؤية الجديدة لأوروبا، التي طرحها رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في خطابه السنوي عن حال الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الأربعاء الماضي.
وهذا الطرح الأوروبي الجديد، يمثل شبه انقلاب في البعد الاستراتيجي الأوروبي، إذ كانت أوروبا حتى بداية العام الجاري تئن تحت سياط التمزق العرقي، وتعاني من صعود شعبية التيارات القومية المطالبة بالانفصال والخروج من الاتحاد الأوروبي، في كل من فرنسا وهولندا وايطاليا، فضلاً عن خروج بريطانيا من الاتحاد.
ويذكر أن صعود شعبية الأحزاب القومية في استطلاعات الرأي الشعبي أثار مخاوف واسعة من فوزها بالانتخابات العامة وتهديد مشروع الوحدة الأوروبية برمته. كما كانت اليونان قبل عامين على شفا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهي الآن تعود للنمو وخلق الوظائف الجديدة.
وحسب إحصائيات "يورو ستات" الأخيرة، فقد تمكنت أوروبا في العام الماضي من التخلص من أسوأ ركود اقتصادي منذ أزمة المال العالمية، وعادت هذا العام للنمو بقوة لتسجل معدلات ربما تكون أكبر من معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في أميركا. وحسب أرقام "يورو ستات" الأخيرة، فإن اقتصاد منطقة اليورو حقق معدل نمو بلغ 2.6% في الربع الثاني الماضي، ويتجه للنمو بمعدل 2.2% في المتوسط خلال العام الجاري، حسب توقعات 28 اقتصادياً في المسح الأخير، الذي نشرته رويترز.
وضع رئيس المفوضية يونكر في هذه "الرؤية المتفائلة" لبناء دولة أوروبية واحدة، تصوراً جديداً لبناء "أوروبا العظمى"، التي ستؤسس لبناء دولة فيدرالية واحدة تضم 30 دولة، بدلاً من الاتحاد المرن القائم الآن بين دول الكتلة الأوروبية. وأوروبا العظمى الجديدة، حسب"رؤية يونكر"، ستصبح فيها الدول ولاياتٍ، حيث يشمل التصور الجديد دولة أوروبية واحدة ذات عملة واحدة، هي اليورو، ومعايير تجارية واحدة وجيشاً واحداً وبنكاً مركزياً واحداً. كما تشتمل الرؤية الجديدة إضافة إلى العملة الموحدة والبنك المركزي الواحد، كذلك على توحيد معايير الضرائب ونظم الضمان الاجتماعي.
وتجبر الرؤية الجديدة جميع دول الاتحاد على الانضمام إلى منطقة اليورو، بدلاً من ترك الأمر للاختيار. ومنطقة اليورو، تضم حالياً 19 دولة، وتجمع بينها عملة واحدة ومصرف مركزي واحد، ولكن لديها سياسات ميزانية ودفاعية مختلفة. ويُذكر أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حالياً، ليس بالضرورة أن تكون أعضاء في منطقة اليورو، وانما لها حرية الاختيار.
ولكن حسب التصور الجديد، فإن كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي يجب أن تصبح عضواً في منطقة اليورو.
وحسب النظام القائم حالياً في أوروبا، فإن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رفضت الانضمام إلى منطقة اليورو الذي يقيدها بعملة واحدة وسياسة نقدية واحدة ويحكمها البنك المركزي الأوروبي، وفضلت ابقاء سياساتها النقدية حرة،بعيداً عن القيود النقدية، مثلما كان الحال بالنسبة لبريطانيا التي كانت عضواً في الاتحاد الأوروبي ولكنها رفضت عضوية منطقة اليورو، أو كما يطلق عليها بالإنكليزية "يورو زون"،واحتفظت بعملة الجنيه الاسترليني وب"بنك انكلترا المركزي". وهنالك حوالى 11 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي ولكنها ليست أعضاء في منطقة اليورو.
وتكونت منطقة اليورو في بداية يناير/ كانون الثاني في العام 1999، وتضم عضويتها حالياً 19 دولة، آخرها كانت ليتوانيا. ويصل عدد سكانها إلى أكثر من 320 مليون نسمة. أما الاتحاد الأوروبي فهو تجمع اقتصادي سياسي للدول الأوروبية يضم 30 دولة، آخرها كانت دولتان، أوكرانيا التي انضمت قبل عامين لعضوية الاتحاد الأوروبي، وكرواتيا التي انضمت في بداية يوليو/تموز 2013.
ويقدر حجم اقتصادات الاتحاد الأوروبي بحوالى 16.4 تريليون دولار في العام 2016. وهذا الحجم يعادل نسبة 26.45% من حجم الاقتصاد العالمي. وهو بهذا الحجم، أكبر من حجم الاقتصاد الصيني البالغ 11.2 تريليون دولار، ويمثل نسبة 18% من الاقتصاد العالمي، كما يقترب من حجم الاقتصاد الأميركي المقدر بحوالى 18.5 تريليون دولار ويعادل حوالى 29.95% من الاقتصاد العالمي. وهذه الأرقام حسب إحصائيات البنك الدولي لحجم الاقتصادات العالمية في العام 2016.
وحث يونكر، في خطاب الاتحاد، الدول الأوروبية على استغلال الوضع الاقتصادي الجيد الذي تمر به أوروبا حالياً، لبناء منظور دولة "أوروبا الفدرالية الواحدة". وما يشجع رؤية يونكر التحسن الكبير الذي طرأ على اقتصادات أوروبا هذا العام. ويذكر أن تقديرات النمو الاقتصادي في أوروبا خلال العام الجاري والمقبل، شجعت البنك المركزي الأوروبي على تبني سياسة نقدية جديدة، تعمل على رفع أسعار الفائدة ووقف برنامج التحفيز النقدي الذي صرف عليه أكثر من 1.1 تريليون دولار. كما أن العملة الأوروبية الواحدة استعادت قوتها، حيث تقترب حالياً من 1.2 دولار.
ووسط هذه المتغيرات الإيجابية في أوروبا والضبابية التي تخيم على مستقبل الاقتصاد الأميركي، عاد المستثمرون الدوليون بقوة للاستثمار في أسواق المال الأوروبية.
ويعد تدفق الاستثمارات الأجنبية من أهم العوامل في توسيع النشاط التجاري، كما ستستفيد أوروبا من تدفقات القوى العاملة الشابة من المهاجرين، رغم نظرة اليمين الأوروبي الضيقة للمهاجرين على أنهم يمثلون مشكلة اقتصادية.
وفي شأن النمو الاقتصادي، يلاحظ أن أكبر اقتصادَين في أوروبا، وهما الاقتصاد الألماني والفرنسي يحققان معدلات نمو ممتازة. وحسب الإحصائيات الرسمية الحكومية في فيسبادن، سجلت ألمانيا في النصف الأول من العام الحالي رقماً قياسياً غير مسبوق منذ أكثر من ربع قرن في فائض موازنتها، بفضل النمو الاقتصادي القوي والأوضاع المواتية على نحو غير مسبوق في سوق العمل.
وهي النتائج التي تعزز كثيراً من الاطمئنان إلى أن انتعاش الاقتصاد الألماني وقبل نحو شهر ونصف الشهر من الانتخابات العامة، أنها ستيدعم إعادة ترشيح المستشارة ميركل وبالتالي سيدعم استراتيجية يونكر الجديدة.
في هذا الصدد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي، ومقره مدينة فيسبادن في (25/ 8/ 2017)، أن إجمالي إيرادات الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات وصناديق الضمان الاجتماعي زاد على نفقاتها بمقدار 18.3 مليار يورو (نحو 21.59 مليار دولار) في النصف الأول من العام الحالي؛ وذلك نظراً لارتفاع إيرادات قطاع التصدير ومعدلات الاستهلاك، وبالتالي استقرار النمو الاقتصادي، وتراجعت نسبة البطالة إلى 5.9%.
على الصعيد االفرنسي، الاقتصاد الثاني الأكبر في أوروبا بعد ألمانيا، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس، يوم الجمعة، أن يسجل الاقتصاد الفرنسي صعوداً، كما توقعت كذلك أن يتوسع النمو في فرنسا، بنسبة 1.7% هذا العام بزيادة عن التقدير السابق الذي بلغ 1.3%، وهو أفضل أداء منذ عام 2011.
ومن المهم الإشارة إلى أن الخلاف بين واشنطن وبرلين، في العديد من القضايا الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية والاستراتيجية، ساهم إلى درجة كبيرة في تشكيل المنظور الأوروبي الجديد، حيث تصاعد هذا الخلاف منذ صعود الرئيس دونالد ترامب للحكم في أميركا وتبنيه لسياسات اقتصادية وتجارية انعزالية ومعادية للشراكة التجارية مع أوروبا.
اقــرأ أيضاً
وهذا الطرح الأوروبي الجديد، يمثل شبه انقلاب في البعد الاستراتيجي الأوروبي، إذ كانت أوروبا حتى بداية العام الجاري تئن تحت سياط التمزق العرقي، وتعاني من صعود شعبية التيارات القومية المطالبة بالانفصال والخروج من الاتحاد الأوروبي، في كل من فرنسا وهولندا وايطاليا، فضلاً عن خروج بريطانيا من الاتحاد.
ويذكر أن صعود شعبية الأحزاب القومية في استطلاعات الرأي الشعبي أثار مخاوف واسعة من فوزها بالانتخابات العامة وتهديد مشروع الوحدة الأوروبية برمته. كما كانت اليونان قبل عامين على شفا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهي الآن تعود للنمو وخلق الوظائف الجديدة.
وحسب إحصائيات "يورو ستات" الأخيرة، فقد تمكنت أوروبا في العام الماضي من التخلص من أسوأ ركود اقتصادي منذ أزمة المال العالمية، وعادت هذا العام للنمو بقوة لتسجل معدلات ربما تكون أكبر من معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في أميركا. وحسب أرقام "يورو ستات" الأخيرة، فإن اقتصاد منطقة اليورو حقق معدل نمو بلغ 2.6% في الربع الثاني الماضي، ويتجه للنمو بمعدل 2.2% في المتوسط خلال العام الجاري، حسب توقعات 28 اقتصادياً في المسح الأخير، الذي نشرته رويترز.
وضع رئيس المفوضية يونكر في هذه "الرؤية المتفائلة" لبناء دولة أوروبية واحدة، تصوراً جديداً لبناء "أوروبا العظمى"، التي ستؤسس لبناء دولة فيدرالية واحدة تضم 30 دولة، بدلاً من الاتحاد المرن القائم الآن بين دول الكتلة الأوروبية. وأوروبا العظمى الجديدة، حسب"رؤية يونكر"، ستصبح فيها الدول ولاياتٍ، حيث يشمل التصور الجديد دولة أوروبية واحدة ذات عملة واحدة، هي اليورو، ومعايير تجارية واحدة وجيشاً واحداً وبنكاً مركزياً واحداً. كما تشتمل الرؤية الجديدة إضافة إلى العملة الموحدة والبنك المركزي الواحد، كذلك على توحيد معايير الضرائب ونظم الضمان الاجتماعي.
وتجبر الرؤية الجديدة جميع دول الاتحاد على الانضمام إلى منطقة اليورو، بدلاً من ترك الأمر للاختيار. ومنطقة اليورو، تضم حالياً 19 دولة، وتجمع بينها عملة واحدة ومصرف مركزي واحد، ولكن لديها سياسات ميزانية ودفاعية مختلفة. ويُذكر أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حالياً، ليس بالضرورة أن تكون أعضاء في منطقة اليورو، وانما لها حرية الاختيار.
ولكن حسب التصور الجديد، فإن كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي يجب أن تصبح عضواً في منطقة اليورو.
وحسب النظام القائم حالياً في أوروبا، فإن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رفضت الانضمام إلى منطقة اليورو الذي يقيدها بعملة واحدة وسياسة نقدية واحدة ويحكمها البنك المركزي الأوروبي، وفضلت ابقاء سياساتها النقدية حرة،بعيداً عن القيود النقدية، مثلما كان الحال بالنسبة لبريطانيا التي كانت عضواً في الاتحاد الأوروبي ولكنها رفضت عضوية منطقة اليورو، أو كما يطلق عليها بالإنكليزية "يورو زون"،واحتفظت بعملة الجنيه الاسترليني وب"بنك انكلترا المركزي". وهنالك حوالى 11 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي ولكنها ليست أعضاء في منطقة اليورو.
وتكونت منطقة اليورو في بداية يناير/ كانون الثاني في العام 1999، وتضم عضويتها حالياً 19 دولة، آخرها كانت ليتوانيا. ويصل عدد سكانها إلى أكثر من 320 مليون نسمة. أما الاتحاد الأوروبي فهو تجمع اقتصادي سياسي للدول الأوروبية يضم 30 دولة، آخرها كانت دولتان، أوكرانيا التي انضمت قبل عامين لعضوية الاتحاد الأوروبي، وكرواتيا التي انضمت في بداية يوليو/تموز 2013.
ويقدر حجم اقتصادات الاتحاد الأوروبي بحوالى 16.4 تريليون دولار في العام 2016. وهذا الحجم يعادل نسبة 26.45% من حجم الاقتصاد العالمي. وهو بهذا الحجم، أكبر من حجم الاقتصاد الصيني البالغ 11.2 تريليون دولار، ويمثل نسبة 18% من الاقتصاد العالمي، كما يقترب من حجم الاقتصاد الأميركي المقدر بحوالى 18.5 تريليون دولار ويعادل حوالى 29.95% من الاقتصاد العالمي. وهذه الأرقام حسب إحصائيات البنك الدولي لحجم الاقتصادات العالمية في العام 2016.
وحث يونكر، في خطاب الاتحاد، الدول الأوروبية على استغلال الوضع الاقتصادي الجيد الذي تمر به أوروبا حالياً، لبناء منظور دولة "أوروبا الفدرالية الواحدة". وما يشجع رؤية يونكر التحسن الكبير الذي طرأ على اقتصادات أوروبا هذا العام. ويذكر أن تقديرات النمو الاقتصادي في أوروبا خلال العام الجاري والمقبل، شجعت البنك المركزي الأوروبي على تبني سياسة نقدية جديدة، تعمل على رفع أسعار الفائدة ووقف برنامج التحفيز النقدي الذي صرف عليه أكثر من 1.1 تريليون دولار. كما أن العملة الأوروبية الواحدة استعادت قوتها، حيث تقترب حالياً من 1.2 دولار.
ووسط هذه المتغيرات الإيجابية في أوروبا والضبابية التي تخيم على مستقبل الاقتصاد الأميركي، عاد المستثمرون الدوليون بقوة للاستثمار في أسواق المال الأوروبية.
ويعد تدفق الاستثمارات الأجنبية من أهم العوامل في توسيع النشاط التجاري، كما ستستفيد أوروبا من تدفقات القوى العاملة الشابة من المهاجرين، رغم نظرة اليمين الأوروبي الضيقة للمهاجرين على أنهم يمثلون مشكلة اقتصادية.
وفي شأن النمو الاقتصادي، يلاحظ أن أكبر اقتصادَين في أوروبا، وهما الاقتصاد الألماني والفرنسي يحققان معدلات نمو ممتازة. وحسب الإحصائيات الرسمية الحكومية في فيسبادن، سجلت ألمانيا في النصف الأول من العام الحالي رقماً قياسياً غير مسبوق منذ أكثر من ربع قرن في فائض موازنتها، بفضل النمو الاقتصادي القوي والأوضاع المواتية على نحو غير مسبوق في سوق العمل.
وهي النتائج التي تعزز كثيراً من الاطمئنان إلى أن انتعاش الاقتصاد الألماني وقبل نحو شهر ونصف الشهر من الانتخابات العامة، أنها ستيدعم إعادة ترشيح المستشارة ميركل وبالتالي سيدعم استراتيجية يونكر الجديدة.
في هذا الصدد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي، ومقره مدينة فيسبادن في (25/ 8/ 2017)، أن إجمالي إيرادات الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات وصناديق الضمان الاجتماعي زاد على نفقاتها بمقدار 18.3 مليار يورو (نحو 21.59 مليار دولار) في النصف الأول من العام الحالي؛ وذلك نظراً لارتفاع إيرادات قطاع التصدير ومعدلات الاستهلاك، وبالتالي استقرار النمو الاقتصادي، وتراجعت نسبة البطالة إلى 5.9%.
على الصعيد االفرنسي، الاقتصاد الثاني الأكبر في أوروبا بعد ألمانيا، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس، يوم الجمعة، أن يسجل الاقتصاد الفرنسي صعوداً، كما توقعت كذلك أن يتوسع النمو في فرنسا، بنسبة 1.7% هذا العام بزيادة عن التقدير السابق الذي بلغ 1.3%، وهو أفضل أداء منذ عام 2011.
ومن المهم الإشارة إلى أن الخلاف بين واشنطن وبرلين، في العديد من القضايا الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية والاستراتيجية، ساهم إلى درجة كبيرة في تشكيل المنظور الأوروبي الجديد، حيث تصاعد هذا الخلاف منذ صعود الرئيس دونالد ترامب للحكم في أميركا وتبنيه لسياسات اقتصادية وتجارية انعزالية ومعادية للشراكة التجارية مع أوروبا.