مانتينا وبلّيني.. اللوحة في عصر النهضة

29 مارس 2019
(لوحة لـ أندريا مانتينا، من المعرض)
+ الخط -
شهدت مدينة البندقية (فينيسيا) مثل مدن إيطالية أخرى ازدهاراً اقتصادياً مع نشاط التبادل التجاري بين شرق المتوسط وغربه خلال القرن الرابع عشر، ما أنعش حركة الطباعة والرسم والعمارة والموسيقى خلال عصر النهضة مع التدفقات المالية الكبيرة حتى أصبحت أبرز حاضرة للفنون في أوروبا.

أعادت فنون تلك المرحلة إحياء التقاليد المتمثلة في إبراز جمال الطبيعة والقيم الفردية للإنسان، وأصبحت اللوحة عنوان الفن مع تبلور تقنيات جديدة تخصّ المنظور ودراسة الضوء والاستعانة بعلم التشريح في رسم الإنسان، إلى جانب التنظيرات الأولى في فلسفة الجمال.

في هذا السياق، يتواصل حتى الثلاثين من حزيران/ يونيو المقبل في "غيمالد غاليري" في برلين معرض "مانتينا وبلّيني: أساتذة النهضة" الذي افتتح في الأول من الشهر الجاري، ويضمّ وثائق وصورٍ وخرائط تضيء على عملية البحث التي سبقت الفعالية وتاريخ استعادة الأعمال والوسائل الحديثة لترميم الأعمال وحفظها.

يضمّ المعرض أكثر من مئة عملٍ للفنانيْن الإيطالييْن أندريا مانتينا (1431 – 1506) وجيوفاني بلّيني (1435 – 1516) اللذين ينتميان إلى مدينة البندقية، وجمعتهما صلة مصاهرة حيث تزوّج الأول شقيقة الثاني وتأثّرا ببعضهما مع وجود فوارق عديدة بينهما في الأسلوب والتقنيات يبرزها المنظّمون.

جيوفاني بيلليني، من المعرضلم يعمل الاثنان برفقة بعضهما بعضاً إذا انتقل مانتينا بحلول عام 1460 للإقامة في مدينة مانتوفا الإيطالية وظلّ فيها حتى رحيله بينما بقي بلّيني في مدينته ولم يغادرها.

ابتعد مانتينا عن الأضواء، والتفت إلى تطوير تجربته من خلال الاعتناء بعمق المنظور وإظهار تفاصيله الزخرفية على الجدران بحسب لا تبدو أبعادها مسطحة مقدّماً أيقونات ورموز كانت مهيمنةً في تلك الحقبة من خلال العودة إلى الأساطير الهلنستية والرومانية، كما في عمليه "حجرة الزفاف" و"الغرفة المصوّرة" اللذين يعودا إلى سبعينيات القرن الخامس عشر.

وسعى إلى المزج بين البعد المثالي الذي تقتضيه الأعمال ذات الطابع الديني مع مسحة واقعية محدثاً تأثيراً مسرحياً في العمل، حيث تبدو العديد من الأشكال وكأن المشاهد ينظر إليها من أسفل.

أما بلّيني فبدأ في استخدام ألوان أكثر دفئاً وتكوينيات تعتمد الإبهار خاصة في تقديمه المناظر الطبيعية لمدينته، كما اشتهر برسومات تصوّر الأحداث السياسية في عصره مثل لوحته الشهير التي تحاكي استقبال أهل دمشق لقنصل جمهورية فينسيا عام 1511.

كما تشتهر لوحته "العذراء والطفل" التي احتوت تفصيلاً غير معهود أنذاك، وهو الستار الذي ينسدل جزئياً خلف العذراء وكأنه يفصل بين زمنين أو عالميْن.

المساهمون