مالك سعد الله.. "في انتظار غودو" مرة أخرى

10 فبراير 2020
(من المعرض)
+ الخط -

على الرغم من تعقيده الفلسفي، يمثّل نص "في انتظار غودو" للكاتب المسرحي الأيرلندي صمويل بيكيت (1906 -1989) أحد أكثر النصوص المعاصرة شهرة، يشهد على ذلك قبل كل شيء حضورُه المستمرّ منذ أكثر من نصف قرن على خشبات المسارح حيث يجد المخرجون دائماً ما يدعوهم إلى إعادة تنفيذه بمفردات متنوّعة، إضافة إلى تعدّد ترجماته واعتباره أحد أكثر النصوص الحديثة عبوراً بين الثقافات.

لا يُغري نص "في انتظار غودو" المسرحيين ونقّاد الأدب وحدهم، بل كثيراً ما يصل إلى فنون أخرى، ومن ذلك المعرض التشكيلي المستلهم منه، والذي يحمل نفس عنوانه، للفنان التشكيلي التونسي مالك سعد الله الذي اختار صياغة النص بالأبيض والأسود وحدهما. معرض افتتح في الثامن من الشهر الجاري في "غاليري كلمات" في إسطنبول، ليتواصل حتى الـ24 منه.

حول التفكير في نص بيكيت وإعادة إنتاجه في معرض، يقول سعد الله في حديث إلى "العربي الجديد": "في الحقيقة، إن الفكرة التي انطلقت منها كانت من اقتراح عدنان أحمد من غاليري "كلمات"، حيث أشار إلى إمكانية صياغة أفكار نص "في انتظار غودو" في مجموعة من اللوحات تعيد صياغته بمفردات الفنون التشكيلية. حين تأمّلت الفكرة وجدت أنها تتقاطع مع اللغة البصرية التي أُنتجها، ولذلك اقتنعت بها بسرعة ودخلت في تجسيدها".

وحول مراحل تنفيذ أعمال المعرض، يضيف: "أعتقد أن أهم فترة في إنجاز المعرض كانت الفترة الأولى التي اشتبكت فيها مع نص بيكيت، حيث انغمست في عوالم "في انتظار غودو" فقرأته باللغتين العربية والفرنسية لمرّات، وانتبهت في كل مرة إلى تلوّنات هذا النص بين لغة وأخرى وبين قراءة وأخرى، كما أنني شاهدت المسرحية أيضاً باللغتين ضمن تجارب وصياغات مختلفة، وحرصتُ أيضاً على سماعها دون تجسيد بصريّ، وهي تنويعات ساعدتني في توليد تصورات كثيرة وجدَت سبيلها للتنفيذ في لوحات المعرض. وبشكل عام أعتقد أن "في انتظار غودو" نص يتيح الكثير من الحرية لكل من ينوي تطويعه في عمل فنّي حيث إنه يترك المجال واسعاً لكل ما هو ذاتي ليصبح وكأنه جزء من النص الأصلي".

ليس معرض "في انتظار غودو" أوّل حضور لأعمال سعد الله في تركيا، حيث سبق ونظّم معرضاً شخصياً بعنوان "سبيكترولوم" في بداية السنة الماضية، وقبله قدّم "أوتو-موت" في تونس. وعن تجربة العرض مجدداً في تركيا، يقول التشكيلي التونسي: "أن أعرض مجدّداً في إسطنبول يدلّ على ظهور بعد جديد في مسيرتي الفنية، وهو قبل كل ذلك انفتاح على بلد مثل تركيا لديه تقاطعات ثقافية كبرى مع ثقافتنا العربية، دون أن يصاحب ذلك حضور فعلي للتشكيليين العرب في المشهد الثقافي التركي".

وحول إن كان نفس المعرض سيقدّم في تونس لاحقاً، يجيب سعد الله بالنفي، مشيراً إلى أنه لم تتم برمجة معرضه "في انتظار غودو" في غاليري تونسيّ، ولكنه يلفت إلى أن هذا لا يعني أن أعماله غائبة عن تونس حيث إن بعض لوحاته ستشارك في معرض جماعي في منتصف العام الجاري.

دلالات
المساهمون