ويعتقد الناخبون أن هيلاري لن تكون وحيدة في البيت الأبيض، بل سيكون إلى جانبها رجل ذو تجربة ناجحة ومهارات سياسية لا يتمتع بها غيره. يرى الناخبون في الرئيس السابق بيل كلينتون، خير سند من أجل تقديم النصائح لزوجته، إذا أصبحت رئيسة.
ومع أن معظم الناخبين الديمقراطيين يرون مثل هذه الصفقة بأنها "ناجحة"، إلا أن هناك قطاعاً آخر من الناخبين، من ذوي التوجّه الجمهوري، يخشون من بيل كلينتون أكثر من خشيتهم من هيلاري ذاتها. بل يزعمون عندما يهاجمون هيلاري بأنها "ستكون مجرّد رئيس تنفيذي فخري، وأن الرأس المدبر أو الرئيس الحقيقي سيكون بيل كلينتون". وبذلك بدأ واضعو استراتيجية الحزب الجمهوري يتحسبّون جدياً لما يُمكن أن يُمثله بيل كلينتون لزوجته، من نقاط قوة وضعف، في أهم مراحل السباق الرئاسي. وقد يظنّ بعضهم أن الصراع السياسي في الولايات المتحدة بين الجمهوريين والديمقراطيين يتم بطريقة حضارية مدنية، لكن الواقع يكذّب ذلك، فالجميع يعتمد أساليب قاسية، ومنها: التنقيب في الماضي.
اقرأ أيضاً: خصمان جديدان لترشيح هيلاري كلينتون للرئاسة
وانطلاقاً من هذه النقطة، عمل الجمهوريون أخيراً على إعادة إبراز باولا جونز، المرأة التي كادت أن تطيح ببيل كلينتون، أثناء رئاسته (1992 ـ 2000)، لولا نجاحه في تدارك الأمر في اللحظة الأخيرة، مطفئاً حماس المطالبين بمحاكمته، عن طريق "الاعتذار الشهير" الذي وقع الجمهوريون في فخه. وقتها اعتذر كلينتون عن "الحنث بالقسم"، في ملف المتدربة المتدرجة في البيت الأبيض، مونيكا لوينسكي، بعد نفيه بداية وجود مثل تلك العلاقة، قبل أن يعترف بها ويعتذر من الشعب الأميركي. ونجح كلينتون في حينها في كسب تأييد أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، ممن كان لديهم الاستعداد لمحاكمته. مع العلم أن القانون لا يمنع، ولا يعاقب بيل كلينتون أو غيره، بسبب علاقة عاطفية أو جسدية مع فتاة لم تعد قاصراً. بالتالي كانت لوينسكي الباب الذي نفذ منه الجمهوريون عبر جونز، لرسم خطة جانبية للإيقاع بكلينتون، عن طريق استدراجه لإنكار علاقته بلوينسكي أثناء استجوابه وهو تحت القسم.
يعود دور جونز في المرحلة الحالية، والتي سبق أن اتهمت كلينتون بـ "التحرّش الجنسي"، أثناء عملها معه حين كان حاكماً لولاية أركنساس (1983 ـ 1992). وبدأت جونز تظهر في مختلف الوسائل الإعلامية، من خلال مقابلاتها الصحافية المطوّلة مع صحف بريطانية وأميركية، بدفعٍ من الجمهوريين، منتقدة الرئيس السابق.
ويتمحور دور جونز حالياً في إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، في محاولة للقضاء على مستقبل هيلاري كلينتون في بداية تحرك قطارها الانتخابي. وتتركّز حملة باولا جونز على أن "عودة بيل كلينتون إلى البيت الأبيض تُشكّل خطورة على النساء، مثلما شكلت خطراً على مونيكا لوينسكي".
ومثلما يروّج الديمقراطيون بأن فوز هيلاري بالرئاسة يعني بالضرورة الاستفادة من خبرات زوجها بيل كلينتون أثناء رئاستها، فإن حجة باولا جونز لشن حملة على هيلاري كلينتون، تقوم بشكل رئيسي على المنطق القائل بأن "وصول هيلاري للرئاسة يعني تأثرها بعيوب زوجها بيل".
ومن الصعب القول بأن حملة باولا جونز قد تؤثر على هيلاري سلباً، ولكن بالنظر إلى وجود ملايين الناخبين الجدد ممن وصلوا إلى سنّ الاقتراع، والذين تستهويهم مثل هذه المغامرات، فقد يعتبرونها عاملاً إيجابياً لصالح آل كلينتون.
أما كبار السن من الناخبين القدامى، جمهوريون أو ديمقراطيون، فلن يتأثروا بمثل هذه الإطلالات، في ظلّ معايشتهم ظروف المرحلة التي مرّ بها الرئيس السابق. والملاحظ أنه على عكس جونز، لم تسعَ لوينسكي من جهتها إلى إلحاق الضرر بالرئيس، ولا تزال غائبة عن الظهور الإعلامي.
اقرأ أيضاً: هيلاري وبيل كلينتون يبيعان الكلام بـ 30 مليون دولار